كلفة العاصفتين الثلجيتين.. الإعلام ينقل تصريحات متضاربة

كلفة العاصفتين الثلجيتين.. الإعلام ينقل تصريحات متضاربة

  • 2015-03-25
  • 12

أكيد – دلال سلامة

يوم 22 شباط (فبراير) الماضي، نشرت أمانة عمان الكبرى على موقعها الإلكتروني، بيانا، أعلنت فيه أنها لم تحتسب، بعد، التكلفة المالية لجهود مواجهة العاصفتين الثلجيتين الأخيرتين، "هدى" و"جنى"، اللتين ضربتا المملكة مؤخرا، قائلة إنها ما تزال تعلن "حالة الطوارئ القصوى"، مبررة التأخر بأن "كثيرا من تفصيلات العمل تتطلب وقتا لحصرها وإحصائها بصورة نهائية، وتقدير كلفتها".

بيان الأمانة، الذي نشرته صحف "الدستور" و"السبيل" و"الغد"، إضافة إلى "بتراومواقع إخبارية إلكترونية، جاء بعد يوم واحد فقط من تصريح لنائب أمين عمان الكبرى للأشغال العامة، المهندس، ياسر العطيات، نشرته "السبيل"، و"قدّر" فيه كلفة العاصفة "جنى"، التي بدأت مساء 19 شباط الماضي، واستمرت نحو ثلاثة أيام، بمبلغ يتراوح بين 3.5 إلى 4 مليون دينار.

العطيات، كان قد قارن في تصريحه هذا، بين كلفة مواجهة "جنى"، وكلفة العاصفة الثلجية قبلها، "هدى"، التي بدأت يوم 7 كانون الثاني (يناير) الماضي، واستمرت خمسة أيام، وبلغت كلفتها، بحسبه، 2.5 مليون دينار. وقد عزا هذا الارتفاع إلى "زيادة الكلفة الفعلية، واستئجار نحو 200 آلية مساندة من القطاع الخاص، والعمل لساعات أطول وضمن شفتات متواصلة على مدار الساعة".

في ما سبق، كان من الواضح تماما أن بيان "الأمانة" نفيها احتساب الكلفة مرتبط بتصريح العطيات، وإن لم يتضمن هذا البيان أي إشارة للتصريح، ومع ذلك، فقد نشرت وسائل الإعلام البيان من دون أن تربط بين الاثنين، فنشرت تأكيد الأمانة عدم احتسابها كلفة مواجهة العاصفتين، من  دون أن تذكّر الجمهور بأن مسؤولا رفيعا فيها، صرّح قبلها بما يخالف ذلك.

التضارب في التصريحات لا يتعلق بالتحديد بكلفة مواجهة "جنى"، فالعطيات أطلق تصريحه يوم 21 شباط، عندما لم تكن العاصفة قد انسحبت بعد تماما، وقد ذكر الخبر صراحة أن المبلغ الذي ذكره هو مبلغ تقديري، وهذا ينسجم مع تأكيد الأمانة أن حساب الكلفة النهائية يحتاج إلى وقت، خصوصا أن "الأمانة" ما زالت تعلن حالة الطوارئ القصوى.

إن التضارب، يتعلق بالتحديد بسحب ما سبق على كلفة مواجهة العاصفة السابقة "هدى"، التي قال بيان "الأمانة" إن كلفتها هي أيضا لم تُحتسب، رغم أن العطيات نفسه، كان قد قدّم يوم 17 شباط الماضي، أي بعد خمسة أسابيع على انقضائها، رقما محددا لكلفة مواجهتها، إذ ذكر في تصريح لـ"السبيل" أن "التكلفة المادية  للاستعداد للعاصفة الثلجية هدى ومعالجتها بلغت نحو اثنين ونصف مليون دينار"، قال إنها "توزّعت على الاستعداد والصيانة واستئجار الآليات". وهذا التصريح، الذي لم تنفه "الأمانة" في حينه، جاء، كما سبقت الإشارة، بعد خمسة أسابيع من انقضاء "هدى"، كانت "الأمانة" خلالها قد أعلنت في بيان لها، نشرته "الدستور" و"الرأي" و"السبيل" و"العرب اليوم" و"الغد"، إضافة إلى "بتراومواقع إخبارية، أعلنت أرقاما تفصيلية لعدد ساعات العمل في مواجهة العاصفة، وطول المسافات التي قطعتها الآليات، لهذا لم يكن واضحا للجمهور، لماذا شملت الأمانة هذه العاصفة أيضا بتأخر احتساب الكلفة.

وضع وسائل الإعلام لبيان "الأمانة" الأخير في سياقه، من خلال ربطه بالتصريحات السابقة المتعلقة به، كان سيلفت نظر الجمهور إلى تناقض المعلومات الصادرة عن المؤسسة الواحدة. وكان سعي الإعلام إلى فك لغز هذا التناقض سيوفر لهذا الجمهور فهما أفضل للطريقة التي تعمل بها هذه المؤسسة، ومستوى التنسيق والانسجام بين كوادرها.

لكن الأمر لا يتعلق فقط بتنسيق إطلاق المعلومات، بل بفحص مضمون هذه المعلومات أيضا، ذلك أن "سلبية" وسائل الإعلام في تعاملها مع البيانات والتصريحات المتعلقة بكلفة مواجهة العاصفتين، المتمثلة في استقبالها ونشرها كما هي، دونما تدخل صحفي، لم تقف عند نشر هذه الروايات منفصلة، دونما ربط بينها، وجعلها، بالتالي، تمر بما تشتمل عليه من تناقض، إن وسائل الإعلام أيضا، لم تشرح للجمهور من أين تأتي الأرقام، فقد استقبلت الرقم مليونين ونصف، كلفة مواجهة العاصفة "هدى"، الذي أُعلِن في حينه، من دون مناقشة، أو شرح، واكتفت بعبارات عامة مقتضبة لوصفه، ثم استقبلت بعدها بالطريقة ذاتها، الرقم التقديري، من 3.5 – 4 مليون، كلفة مواجهة "جنى"، رغم ما ينطوي عليه من زيادة هائلة، لا تبدو للقارئ العادي الذي عايش العاصفتين أنها مفهومة، وهي زيادة كانت ستكون مفهومة، إذا ترافقت مع شرح لآلية احتسابها، وتوضيح للفرق بين جهود مواجهة العاصفتين.