عمان – أكيد

شهدت أخبار حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين "غير المرخصة قانونا" ومشاركته في الانتخابات النيابية المقبلة، اهتماماً واسعاً من جانب وسائل الإعلام، خاصة وأن عودة "الجماعة" للمشاركة السياسية تأتي عبر بوابة الانتخابات بعد انقطاع لسنوات، بدأ بمقاطعة انتخابات 2010، ومن ثم انتخابات 2013، وقد ترافق ذلك مع قطيعة واضحة نسبياً في العلاقة مع أوساط الحكم، وأوضاع مضطربة في المنطقة.

"التحالف الوطني للإصلاح"، هو العنوان الذي يخوض تحته حزب جبهة العمل الإسلامي معركة الانتخابات النيابية المقبلة، من خلال 20 قائمة انتخابية، ضمت مرشحين عن مقاعد مخصصة للسيدات والمسيحيين والشركس والشيشان، في توجه لمشاركة واسعة في انتخابات المجلس الثامن عشر، التي ستجري في 20 أيلول.

مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) تتبع المواد المنشورة في وسائل الإعلام المتعلقة بـ"التحالف الوطني للإصلاح"، خلال الفترة الممتدة من 25 تموز الى 25 آب في أربع صحف هي (الرأي، الدستور، الغد والسبيل)، وأربعة مواقع إخبارية الكترونية هي (عمون، خبرني، سرايا والبوصلة).

وقد روعي في اختيار وسائل الإعلام أن تضم تنوعاً في التوجهات والسياسات التحريرية تجاه الحركة الإسلامية، ونُفّذ الرصد من خلال البحث المتقدم عبر محرك البحث (غوغل) باستخدام الكلمات المفتاحية التالية: (التحالف، الوطني، للإصلاح، قائمة، الاصلاح، الاخوان، جبهة، العمل، انتخابات، الاسلامي، المسلمون)، وذلك بهدف شمول أوسع حجم ممكن من المادة المنشورة.

وأظهر الرصد أن الصحف الأربع نشرت 83 مادة إعلامية متعلقة بمشاركة التحالف الوطني للإصلاح خلال فترة البحث كما يوضح الجدول رقم (1)

الجدول رقم (1) المواد المنشورة في الصحف

فيما أظهر الرصد أن المواقع الإلكترونية الأربعة والتي تشكل عينة من حوالي 183 موقع مرخص في المملكة، نشرت 98 مادة إعلامية حول الموضوع ذاته، كما يظهر في الجدول رقم (2)

الجدول رقم (2) المواد المنشورة في المواقع الإخبارية

ويكشف عدد المواد المنشورة مدى الاهتمام بمتابعة الأخبار والمعلومات المتعلقة بهذا الموضوع، مع ملاحظة أن بعض وسائل الإعلام استخدمت وصف: "جماعة الإخوان غير المرخصة" في بعض وسائل الإعلام، فيما استخدمت وسائل أخرى وصف "الجماعة الأم".

تم  تحليل المواد التي توصل إليها الرصد بشكل منفصل بالنسبة لكل من الصحف والمواقع، مع ملاحظة أن قسماً من المواد كان مشتركاً، أو على وجه الدقة فإن المواقع أعادت نشر ما نشرته الصحف وفق تقديراتها لأهمية ذلك.

تغطيات الصحف

من حيث القالب الصحفي

شكلت الأخبار، حوالي 65% من المواد المنشورة في الصحف، وهذا يتماشى مع محاولة الإعلام ايصال المعلومة بأسرع الطرق للجمهور دون التركيز على كافة التفاصيل والتوسع في المعلومات، في الوقت الذي شكلت به التقارير 13% وغابت التحقيقات عن هذا الموضوع. وقد تباينت أولوية القالب الصحفي للمواد المنشورة من صحيفة إلى أخرى، فشكلت المقالات 39% من المواد المنشورة في صحيفة "الدستور"، و23% في "الغد" و18% في "الرأي" وحوالي 10% في "السبيل".  

الجدول رقم (3) المواد المنشورة في الصحف مصنفة وفق القالب الصحفي (خبر، تقرير، مقال)

معيار الانحياز والحياد

تجنب الانحياز أي الميل الذاتي والمحاباة في التغطية الخبرية، أو الرؤية أحادية الزاوية القائمة على المصالح، فالحياد يعني كافة الممارسات العمدية وغير العمدية التي تخلو من دوافع التحريف أو التهميش او المبالغة أو الانتقاء التي تخدم وجهة نظر معينة، تباين موقف الصحف في تغطيتها لمشاركة حزب جبهة العمل الإسلامي، وانعكس ذلك في مجمل المواد المنشورة ومن ضمنها المقالات، وقد ظهر في تفاصيل بعض الأخبار والتحليلات إطلاق الأوصاف التي تنطوي على تقييم باستخدام الأحكام المسبقة والانحياز وفق العديد من اساليب الانحياز:

"الإخوان" غير المرخصة.. وإنكار جديد للواقع

«التقية الاخوانية» في الانتخابات النيابية

تشكيل قائمة الوفاق الإسلامية في المفرق

وكشف الرصد أن صحيفة "الرأي" والتي ينظر إليها باعتبارها صحيفة  أقرب إلى الموالاة كانت منحازة بشكل كبير ضد الجماعة، وبنسبة تصل إلى 50% من المواد المنشورة، فيما كانت  المواد المنشورة في "الدستور" منحازة بنسبة بنحو 27%، أما صحيفة "السبيل" المقربة من الإخوان المسلمين، فكانت موادها المنشورة منحازة للحزب ولحملته الانتخابية وبنسبة نحو 23% من مجموع المواد المنشورة، وقد سجلت صحيفة "الغد" أداء اكثر حيادا وغير منحاز إلى درجة ملحوظة.

الجدول رقم (4) معيار الانحياز في المواد المنشورة في الصحف

وظيفة المحتوى للمواد المنشورة

ترافق مشاركة التحالف الوطني للإصلاح جدل سياسي واسع بين مؤيد ومعارض. وقد منحت الصحف مساحات واسعة للتحليل، خاصة في المقالات المنشورة والتي تكشف بالغالب توجه الصحيفة او السياسة التحريرية في هذا المجال، وتقوم من خلالها بنشر التحليلات التي تتطابق مع موقفها، وظهر ذلك جلياً بشكل خاص في كل من صحيفتي "الرأي" و"السبيل"، حيث لوحظ تناقض واضح في موقفيهما تجاه التحالف والحركة.

الجدول رقم 5 وظيفة المحتوى

نوع المصادر (معرّفة أو مبهمة)

تشكل المصادر الموثوقة والمعرّفة سمة بارزة للإخبار التي تتمتع بالمصداقية وتحوز على ثقة الجمهور، وفي هذا الجزء من الرصد تم استثناء المقالات من مقياس وجود المصادر، رغم أن عزو المعلومات الى مصادرها الأصلية مهمة في جميع أنواع القوالب الصحفية.

مالت جميع الصحف وبنسب متفاوتة إلى الاعتماد على مصادر مبهمة وغير معرفة لأخبارها في معالجة مشاركة حزب جبهة العمل في الانتخابات  مثل المصادر المجهولة والمصادر المجهلة والمصادر الجماعية، فقد زادت النسبة عن 50% في "الراي" ووصلت 23% في الغد و18% في الدستور و5% في السبيل، وهو ما يخل بمهنية المواد المنشورة التي تتطلب الاعتماد على مصادر موثوقة ولها تاريخ مشهود من الصدقية، كما تتطلب أن يكون عزو المعلومات الى مصادر مجهولة في اقل عدد ممكن من الأخبار ومن الأمثلة على المصدر المبهم:

خطة الإخوان في الانتخابات .. خذل شخصيات بساعة الصفر!

مساعي (الإخوان) غير المرخصة لإثبات الوجود قد تعصف بمستقبلها

العمل الإسلامي يخوض الانتخابات المقبلة بـ26 قائمة

الجول رقم (6) المصادر (مُعرّفة أو مُبهمة)

معيار التوازن

تقتضي شروط المهنية في معالجة مثل هذه القضايا الخلافية الحرص على التوازن بين المصادر وأن تتاح الفرصة لآراء الأطراف المختلفة، بما يحقق مبدأ التوازن، وبما يترافق كذلك مع الحرص على التوازن بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة، ويعني التوازن أن يعكس المحتوى وجهات نظر كافة الأطراف بتساوٍ، وخاصة في التغطيات السياسية التي تتعلق بالتنافس الانتخابي وهي الأكثر حساسية، مع الإشارة إلى أن المضمون المتوازن لا يعني دائما المضمون الدقيق. (أنظر مثلاً المادة التالية: تساؤلات حول قانونية ترشح أعضاء الإخوان غير المرخصة؟)

الجدول رقم (7) التوازن في الصحف

معيار الفصل بين الآراء والاخبار (المعلومات) .

الفصل بين الاخبار التي مادتها المعلومات وبين الآراء احد قواعد العمل المهني والذي تحتاجه تغطيات المواسم السياسية اكثر من غيرها، فيما يذهب الخلط بينهما الى التضليل. لقد كشف هذا  الرصد ان بعض المواد لا تفصل بين الآراء والمعلومات، يبدو ذلك في مواد اخبارية وتقارير، ولم توضع بشكل واضح في موضع يشير الى انها تنتمي إلى  المقالات والآراء ومنها:

تحالفات «الإخوان» غير المرخصة وعلاقتها مع سماسرة الوقفيات في القدس

"الإخوان" غير المرخصة تلجأ للتكتيكات المصلحية في قوائمها الانتخابية.

الاخــوان والانتخابـات.. ديمقراطيــة السمــع والطاعــة

الجدول رقم (8) الفصل بين الآراء والمعلومات

 كما تكشف المواد الصحفية حول التغطية الإعلامية عن وجود ممارسات غير مهنية، تنعكس بشكل مباشر على حق الجمهور بالحصول على معلومات محايدة ونزيهة وذات مصداقية، وفيما يلي عدد من العناوين لأخبار ومقالات حول مشاركة جماعة الإخوان في الانتخابات البرلمانية والتي تعكس توظيف المحتوى التحريري في الدعاية الانتخابية المضادة:

الفلاحات يكشف أسباب انسحابه من قوائم الاخوان

خطة الإخوان في الانتخابات .. خذل شخصيات بساعة الصفر!

 (ما الذي يحصل عند «الإخوان»؟)

عودة الديكتاتورية في اختيار قوائم المرشحين في حزب الجبهة

""علماء الإخوان"": لم نصدر أية فتوى حول طريقة انتخاب قوائم ""التحالف""

مشاركة واسعة في مهرجان إشهار قائمتي الإصلاح بالزرقاء

ضغوظ تمارس على مرشحي وأعضاء «الوطني للإصلاح» للانسحاب من التحالف

قطار الاخوان الى الانتخابات..!

 قوائم الإسلاميين بين الخلافات التنظيمية والتكتيكات الانتخابية

تغطيات المواقع الاخبارية

من حيث القالب الصحفي

شكلت الأخبار نسبة 76% من المواد المنشورة في المواقع الالكترونية حول التحالف الوطني للإصلاح وهو ما يؤكد ان المواقع الاخبارية تبقى وفية لتقاليدها التي تعتمد على الخبر السريع والقصير حتى في القضايا الجدلية.

ويكشف الجدول محاولة بعض المواقع (خبرني وسرايا) الابتعاد عن تبني مواقف كتاب الرأي والبقاء على الحياد الى حد ما باتباع سياسة تحريرية خاصة.

الجدول رقم (9) القالب الصحفي في المواقع الإخبارية

معيار الانحياز

يظهر الرصد وجود انحياز متفاوت بين موقع وآخر، فبينما أمكن تصنيف 60% من مواد موقع "عمون" على أنها غير منحازة، كانت 28% من مواد الموقع منحازة ضد بمقابل 12% منحازة مع الإخوان.

أما موقع "البوصلة" المقرب من الإسلاميين، فكانت 15% من مواده منحازة مع الاخوان المسلمين، تلاه موقع سرايا فيما كان موقع خبرني الاكثر حيادية وسجلت مواده نسبة 4% انحيازا مع الإخوان.

ومن الامثلة على ذلك مقال  "زحام" في الإخوان

و التحالف الوطني للإصلاح: "ليش لازم نغير؟"

إسلاميو الأردن.. تجديد في الخطاب وواقعية سياسية ولكننا نحتاج المزيد

الجدول رقم (10) الانحياز

وظيفة المحتوى

الهدف الاخباري سيطر على وظيفة المحتوى في المواقع الاخبارية، فيما بلغت نسبة التحليل والتفسير حوالي 24%، واحتلت عمون المقدمة بنسبة 40% تلتها البوصلة، ثم خبرني وأخيرا سرايا ومن الأمثلة على هذا النوع من المواد:

ضغوطات على مرشحي "العمل الاسلامي".. والحزب: مستمرون بقوة

كم يكسب الإخوان مقعدا في الانتخابات؟

فيما تم احيانا اعادة نشر لتقارير نشرت في الصحف اليومية مثل:

انسحاب الفلاحات من قائمة ‘‘العمل الإسلامي‘‘ يثير جدلا داخل الحزب

قوائم "العمل الاسلامي" تضم 120 مرشحا

الجدول رقم  (11) وظيفة المحتوى في المواقع

المصادر (معرفة أو مبهمة)

بلغت المصادر المعرفة في المواد المنشورة حوالي 77% وهي نسبة جيدة خاصة في المواقع الإخبارية التي تعتمد السرعة في نشر الخبر.

الجدول رقم (12) المصادر 

معيار التوازن

الأخبار القصيرة في العادة والتي لا تهتم بنقل وجهات النظر المختلفة وتركز على نقل المعلومة السريعة والمقتضبة، لا تحتاج إلى رأي طرف آخر.

الجدول رقم (13) التوازن في المواقع الاخبارية

معيار الفصل بين الرأي والمعلومة

أظهر الرصد أن المواد المنشورة على موقع "البوصلة" كانت الأكثر خلطا بين الآراء والمعلومات، وهو الأمر الذي يشكل مخالفة مهنية، وجرى تقديم الآراء على انها معلومات في بعض الحالات، وهو يتسبب بوصول معلومات غير دقيقة للقارئ. ومن الأمثلة على ذلك:

ضغوطات على مرشحي "العمل الاسلامي".. والحزب: مستمرون بقوة

"الاسلاميون" يحتشدون في المدرج الروماني

"قائمة الإسلاميين": محاولات التحجيم باءت بالفشل .. ماذا بعد؟

الجدول رقم (14) الفصل بين المعلومات والآراء

خلاصات مهنية

من المعروف عموماً أن الإعلام يُوظَّف في فترة الانتخابات - للتأثير على مواقف الناخبين وسير العملية الانتخابية من قبل طرف في مواجهة الطرف الآخر، بهدف إعاقته عن تحقيق طموحاته واهدافه وهو ما يتنافى مع الاهداف المهنية  والاخلاقية للإعلام. ولكن كلما كان الإعلام أقرب إلى الالتزام بالقواعد المهنية والأخلاقية، كلما استطاع أن يحافظ على استقلاليته. ويفيد الرصد السابق في تغطية أخبار جبهة العمل الاسلامي في الصحافة اليومية والمواقع الإلكترونية الملاحظات والخلاصات الآتية:

أولا: على الرغم من أن العديد من تقارير الرصد والدراسات السابقة كانت تذهب الى أن الصحافة اليومية أكثر التزاما بالمعايير المهنية والأخلاقية من المواقع الإخبارية الالكترونية، إلا أن تغطية مشاركة حزب جبهة العمل الاسلامي في الانتخابات الراهنة أشارت إلى أن المواقع الإخبارية كانت أكثر التزاما بالمعايير المهنية.

ثانيا: يوجد جدل عالمي لا يتوقف حول حدود الحياد ومدى تحققه على أرض الواقع، وفي الوقت الذي تذهب بعض وسائل الإعلام حتى في الديمقراطيات العريقة في التعبير عن موقفها القريب من حزب سياسي أو مرشح لكن هذا الموقف لا يصل إلى درجة أن تضحي الوسيلة الإعلامية بالمعايير المهنية أو أن تتحول الوسيلة إلى جزء من الحملات الدعائية.

ثالثا: إن الانحياز الواضح (مع أو ضد)، وعدم الفصل بين الآراء والمعلومات، وضعف التوازن في تغطية الانتخابات يقود إلى المس بحق المجتمع بالوصول إلى معلومات مستقلة ونزيهة ويعيق قيام وسائل الإعلام بواحدة من أهم وظائفها في توفير منابر حرة ومتعددة ومستقلة للنقاش العام.

رابعا: لقد أبرز هذا الرصد ممارسات إعلامية غير مهنية  تساهم في التضليل في موسم الانتخابات الذي يحتاج أن تكون وسائل الإعلام أكثر حساسية للمسائل المهنية وأن تأخذ مسافة واحدة من كافة القوى والتيارات السياسية.