"مجزرة الغزلان".. مهنية إعلامية "منقوصة!

"مجزرة الغزلان".. مهنية إعلامية "منقوصة!

  • 2016-01-20
  • 12

أحمد أبو خليل

بضع ملاحظات مركبة، يمكن إيرادها عند رصد المتابعة الإعلامية للقضية التي اتخذت عنوان "مجزرة الغزلان"، وبُثت أخبارها في اليومين الماضيين.

القصة تتعلق بمجموعة من الرجال، يرتدون الزي الخليجي، "اصطادوا" حوالي عشرة غزلان نادرة في منطقة الرويشد، أقصى شرق الأردن، والتقطوا لأنفسهم صورا نشروها على مواقع التواصل الاجتماعي. وتظهر في الصور عدة سيارات دفع رباعي، عليها لوحات قطرية وسعودية.

انتقل الموضوع من "التواصل الاجتماعي" إلى بعض المواقع الإلكترونية، التي مارست قدرا ملحوظا من المهنية، عندما لم تكتف بمواد التواصل الاجتماعي كما هي، بل تابعت الأمر عبر سؤال الجهات المختصة، ومنها الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، وجمعية رياضة الصيد، اللتان نشرتا بيانين منفصلين عن الحادثة، أوضحتا فيهما طبيعة المنطقة والزمن، وطالبتا بإجراءات عقابية.

الصحف الورقية صمتت لساعات في اليوم الأول، باستثناء صحيفة "الدستور" التي نشرت على موقعها بيان "حماية الطبيعة". كما صمتت وكالة الأنباء "بترا"، التي تغطي عادة بيانات الجهات الرسمية على الأٌقل. ثم نشرت صحيفتا "السبيل" و"الغد" متابعات في ساعات لاحقة.

يتمتع الموضوع بعناصر الجاذبية المعتادة لدى وسائل الإعلام: صور الغزلان التي تسيل دماؤها على مقدمات السيارات، وصور الصيادين التي نشروها بأنفسهم، وقد اتخذوا وضعيات مختلفة، منها رفع الأيدي أو الاستعداد لـ"حفلة شواء".

لكن المواقع التي نشرت القصة، أجرت عليها لاحقا بعض التحرير، كما أزالت صورا وموّهت أخرى.  والملاحظ أن أمر التحرير والتمويه كانا يتعلقان بجنسية أصحاب الصور، ولوحات سياراتهم، فقد حذف أحد المواقع مادة كان قد نشرها بعنوان: أين الجمعية الملكية لحماية الطبيعة عن هذه المجزرة؟  

ومثله فعل موقع آخر نشر مادة بعنوان "مجزرة قطرية في الأردن صباح اليوموفي الحالتين، تمكنا من الوصول إلى المواد المحذوفة، من خلال النسخة المخبأة على محرك البحث "غوغل".

تبدل في منحى التغطيات:

مع تفاعل الخبر، بدأ من يتابع التغطية يلحظ تبدلا في منحاها، بالتحديد في ما يتعلق بهوية المشتبه بهم، ففي حين طرحت الأخبار الأولى الأشخاص الذين ظهروا في الصور، حاملين البنادق أمام جثث الغزلان، بوصفهم من ارتكبوا "المجزرة"، بدأت الأخبار اللاحقة تتحدث عن مواطن اصطاد أو "سرق" الغزلان وباعها إلى هؤلاء.

فقد نشرت "السبيل" خبرا بعنوان:

"الأمن"" يكشف تفاصيل جديدة عن صائدي الغزلان (صور)

نسبت فيه إلى مصدر أمني قوله: إن الأجهزة الأمنية استدعت أشخاصا لأخذ أقوالهم حول الصور المنتشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتظهر عددا من الخليجيين في منطقة صحراوية، يضعون أمامهم غزلانا مذبوحة، وأن الغزلان "دخلوا إلى الأردن قادمين من سوريا ليصطادهم أحد الأشخاص ويقوم ببيعهم لخليجيين".

ونشرت صحيفة "الغد" الخبر تحت عنوان:

القبض على المشتبه بسرقة غزلان

وفي متن الخبر نقرأ: ألقي القبض على المشتبه بـ"سرقته عددا من الغزلان فرت من إحدى محميات دولة عربية مجاورة"، وفق مصادر أمنية مطلعة.

ولكن الصحيفة ذاتها كانت قد نشرت خبرا سابقا بعنوان:

مصدر أمني يكشف تفاصيل "مجزرة الغزلان"

وفيه نقرأ عن المصدر الأمني قوله: "القبض على عدد من المشتبه بهم ظهروا في صور بثها ناشطون بجانب غزلان مذبوحة في إحدى مناطق الأردن".

لكن موقعا آخر كان أكثر تحديدا بالمعتقلين وجنسياتهم إذ نشر بعنوان:

هل حصل مرتكبوا مجزرة الغزلان على تصريح من وزارة البيئة؟

وقد نسب إلى "مدير عام الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، يحيى خالد، أن الأجهزة الأمنية تمكنت من تحديد والقاء القبض على جميع المشتبه بهم في حادثة قتل الغزلان شمالي المملكة الأردنية الهاشمية". وأن "المتورطين بقتل الغزلان هم قطريون وسعوديون وأردنيون وعراقي يحمل الجواز الأردني.. وأنه سيتم اتخاذ الاجراءات القانونية بحقهم جميعا".

بالنتيجة: قد يكون القيام بتمويه الوجوه أو إخفاء الإشارة إلى جنسيات "المشتبه بهم" ممارسة إعلامية صحيحة، ولكن كما ترون أن "الحرص على المهنية" أخذ اتجاها واحدا هنا، فقد حوّل القصة من "خليجيين يصطادون أو يقتلون أو يرتكبون مجزرة غزلان"،  إلى "مواطن من الرويشد سرق 10 غزلان وباعها إلى آخرين من "جنسيات عربية".

وقد حدث هذا التحوّل في التغطية من دون أن يقدم الإعلام تفسيرا له، إذ لم تذكر أي تغطية بشكل مباشر أن تحقيقات تمت مع من ظهروا في الصور، وأفضت إلى هذه المعلومات الجديدة. وضاعت بذلك المسؤولية عن هذا الارتباك في الأداء الإعلامي، هل تقع على عاتق الإعلاميين أم على عاتق المصادر التي زوّدت الإعلاميين بالمعلومات؟.

فيما يلي تجدون روابط وعناوين متنوعة نشرتها المواقع حول القصة ويمكن ملاحظة تنوع التمويه والتحرير:

بالصور .. صيادون "خليجيون"يقتلون (10) غزلان في الرويشد .. والأمن يحقق

حماية الطبيعة: "الجريمة" على الحدود الاردنية السورية .. صور.

"حماية الطبيعة": جريمة صيد الغزلان في سد حدلات

بالصور : مجزرة غزلان لصيادين من جنسيات خليجية في الاردن

صور | “مجزرة الغزلان” .. جريمة قطرية بأرض أردنية!

بعد موجة الغضب التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي .. استدعاء احد مرتكبي المجزرة

الجمعية الملكية لحماية الطبيعة تدعو الحكومة للتحقيق في صيد الغزلان

صور :: "مجزرة" تثير غضب الاردنيين ..!

"حماية الطبيعة": جريمة صيد الغزلان في سد حدلات

"حماية الطبيعة" تدعو للتحقيق بـ"مجزرة الغزلان"