أكيد – دلال سلامة
تداولت وسائل الإعلام على نطاق واسع، خلال الأيام الثلاثة الماضية خبر تكريم وزارة التربية والتعليم معلما خاط الحذاء الممزق لأحد تلاميذه "الفقراء". وأُرفق الخبر في بعض وسائل الإعلام بصورة للمعلم جالسا على مقعد، يقابله الطفل، مادّا قدمه بالحذاء باتجاه المعلم، الذي كان يخيطه بالإبرة والخيط. كما أٌرفق الخبر بصور أخرى للمعلم بمعية وزير التربية، الذي استقبله تكريما له.
لكن بعض وسائل الإعلام في غمرة احتفائها بالمعلم، انتهكت مبادئ أخلاقية في التغطية الإعلامية، هي المبادئ التي تنص على احترام كرامة الإنسان، والابتعاد عن الإساءة للكرامة الشخصية. فقد انتُهكت هذه المبادئ عندما تضمنت بعض التغطيات، كما سيوضّح، تفاصيل تنتهك خصوصية الطفل في القصة، وتسيء إلى كرامته من خلال المعلومات التي تكشف عن هويته.
وفي تفاصيل الحادثة، كما رواها المعلم للإعلام، أنه لاحظ أن تلميذا في الصف الخامس، كان مقررا أن يقدم فقرة في برنامج الإذاعة المدرسية، قد تراجع في اللحظة الأخيرة عن ذلك. وأدرك هو عندما نظر إلى حذاء الطفل، ولاحظ "الرتق الواسع" فيه، أن حالة الارتباك التي كان يعانيها سببها حرجه من حذائه الممزق. وبحسب المعلم، فقد أخبر الطفل أنه سيخيط حذاءه مقابل أن يقدم فقرته، وهكذا كان.
ونقلت بعض وسائل الإعلام عن المعلم، أنها لم تكن المرة الأولى التي يخيط فيها حذاء أو ملابس لتلميذ، فقد فعلها "22 مرة" منذ بداية العام الدراسي الحالي، كما نقلت عنه أنه موعود بتكريم آخر، إذ اتصل به التلفزيون الأردني، ليكون "فارس الحلقة" في البرنامج الصباحي "يسعد صباحك"، في حلقة الجمعة القادمة.
احتفت كثير من وسائل الإعلام بالحادثة، لكن بعضها، كما في تقرير "السبيل" اليوم، في غمرة احتفائه بالمعلم، شهّر بالطفل، وانتهك حقه في الخصوصية، وتمثّل هذا في وصف الطفل بالـ"الفقير"، وذكر أنه كان يخجل من حذائه الممزق، ويحاول إخفاءه. وذُكرت هذه التفاصيل مع معلومات تكشف هوية الطفل، فقد ذُكر الاسم الأول للطفل، وصفه، واسم مدرسته.
ورغم أن وسائل الإعلام التي نشرت صورة الطفل التزمت بحماية هويته، فلم تنشر وجهه مكشوفا، وهو ما التزمت به "السبيل" أيضا، لكنها مع ذلك كشفت اسم المدرسة، وهو أمر يقود في النهاية، خاصة مع التداول الإعلامي الواسع لهذه الحادثة، إلى كشف هويته، على الأقل في محيطه الاجتماعي الضيق.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني