بعد ظهر يوم الثلاثاء 12 نيسان (أبريل)، تداولت وسائل إعلام خبر استخراج جثة طفلة، تبلغ من العمر 4 سنوات، قُتلت ودفنت في مقبرة "خريبة السوق" جنوب عمان.
تداولت وسائل الإعلام الخبر بصيغ مختلفة، انطوت على العديد من التناقضات التي طالت حتى المعلومات الأساسية للواقعة، كان على رأسها علاقة الأم بالجريمة، ففي حين ذكرت وسائل إعلام أن الأم شاركت في قتل ابنتها، فإن وسائل أخرى، قالت إن الأم لم تكن على علم بالجريمة. وقد انعكس هذا التناقض في العناوين، فنشر موقع إلكتروني الخبر تحت عنوان" "تفاصيل قتل أم لطفلتها"، في حين نشره آخر تحت عنوان "تعذيب طفلة حتى الموت على يد صديق والدتها".
وفي التفاصيل، التي نشرها موقع إلكتروني، فإن سيدة "مطلقة" كانت تقيم مع ابنتها في منزل لأحد الأشخاص، وأنها مع هذا الشخص، اشتركا في ضرب الطفلة وتعذيبها، ما أدى إلى وفاتها. عندها توجه الاثنان إلى مقبرة "خريبة السوق"، حيث حفرا قبرا "بدائيا"، دفنا فيه جثة الطفلة، من دون علم أحد.
لكن موقعا آخر قال إن الأم لم يكن لها علاقة بالجريمة. وفي التفاصيل أن هذه الطفلة "غير شرعية"، فهي معروفة الأم، ومجهولة الأب. ووالدتها لم تسجلها في دائرة الأحوال المدنية. ووفق الخبر، فقد أودعت الأم الطفلة لدى صديقة لها وزوجها. وأن زوج صديقتها كان يضرب الطفلة بعنف، إلى أن أدّى ذلك إلى وفاتها. فاتفق مع "عاملين" على حفر قبر في مقبرة "خريبة السوق"، ثم أخذ وزوجته جثة الطفلة ليلا إلى هذا القبر، حيث دفناها فيه. وبحسب الخبر، فإن الأم لم تكن على دراية بالجريمة، ذلك أنها عندما سألت صديقتها وزوجها عن الطفلة، أبلغاها أنهما أودعاها دارا للرعاية.
أمّا، كيف انكشفت الجريمة، فيذكر الموقع السابق أنه كان هناك "شاهدة وحيدة" على الجريمة، دفعها "تأنيب الضمير" لتبليغ الأجهزة الأمنية. وهنا يبدأ تناقض آخر، ذلك أن موقعا إلكترونيا نسب إلى مصدر أمني أن معلومة وردت، قبل أسابيع، لأفراد البحث الجنائي، من مجهول، تفيد باختفاء طفلة كانت تتواجد مع والدتها، بمنزل أحد الأشخاص، بمنطقة المنارة، شرقي العاصمة عمان. ونقل الموقع عن المصدر الأمني أن هذا "المجهول" لم يقدم أي معلومة إضافية، وهذا ما جعل الجهات الأمنية تجري تحقيقات استمرت أسابيع، إلى أن تمكنت من العثور على المنزل المقصود. وهذا، كما هو واضح، يتنافى مع الرواية التي ذكرها خبر سابق، ومفادها أن شاهدة أبلغت "الأمن" عن الجريمة، وأرشدته إلى قبر الطفلة.
لقد لوحظ أن أغلب المواد المنشورة نُسبت إلى مصدر أمني، إلا أن التناقض كان واضحا بين رواية وأخرى، خصوصا في ما يتعلق بمسؤولية الأم، وهو عنصر اعتمدته بعض الأخبار مدخلا رئيسيا للقصة. كما اختلفت الروايات، كما تقدم، في ما يتعلق بدور أجهزة الأمن والتحقيقات الأمنية، فهي في بعض الأخبار لعبت دورا كبيرا في كشف ملابسات الواقعة، في حين اقتصر دورها، في أخبار أخرى، على الاستماع لشاهدة قدمت معلومات وافية.
إضافة إلى ما سبق، لوحظ أن أغلب التغطيات السابقة كررت خطأ خلط المفاهيم، فتحدثت عن "قاتل" و"مجرم"، لا عن "مشتبه به" أو "متهم"، في واقعة ما زالت قيد التحقيق.
ومن الواضح، هنا، أن الحرص على عنوان جذاب للمادة المنشورة، دفع وسائل الإعلام، التي تداولت، الخبر إلى التغاضي عن عناصر الدقة والموضوعية.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني