في مسعى جاد، لمواجهة العنصرية وكراهية الأجانب، قالت كبريات شركات الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي والإعلام الرقمي الجديد (فيسبوك، يوتيوب، تويتر ومايكروسوفت)، أنها وقعت على الميثاق الأوروبي لمجابهة الكراهية، وأنها ستعمل بشكل عاجل، وفي غضون 24 ساعة، على مراجعة البلاغات عن التعليقات التي تحرض على الكراهية والعنف والتحريض على الطائفية والعرقية والمذهبية.
جاء ذلك في تقرير "أليكس هيرن*" الذي نشرته "الغارديان" البريطانية، وهذه ترجمة خاصة بـ"أكيد" لأبرز ما تضمنه التقرير:
بالتعاون ما بين الاتحاد الأوروبي وأربع من كبريات شركات الإنترنت في العالم، أُطلقت "مدونة السلوك" التي تهدف إلى مكافحة خطاب الكراهية عبر شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وشبكات الإعلام الرقمي الجديد، وهي مبادرة انضوت تحت مظلتها كل من شركات: (فيسبوك، تويتر، يوتيوب ومايكروسوفت).
المبادرة هدفت إلى ابتكار رمز أو ميثاق شرف أخلاقي، يهدف بشكل خاص إلى مكافحة العنصرية وكراهية الأجانب في جميع أنحاء أوروبا. وقد واجهت هذه الجهود بعض العقبات المتمثلة بصعوبة تنفيذها في بعض البلدان، بسبب طبيعة التشريعات، وهو ما استدعى من الشركات الموقعة على الميثاق إجراء مراجعة لنمط التعليمات البرمجية، التي تسمح بتشجيع اتخاذ اجراءات سريعة فور تَلَقّي أي بلاغ عن أي إدراج أو تعليق يحرض على الكراهية والعنصرية.
يجب التنبيه هنا، إلى أن هذا الميثاق، أو مدونة قواعد السلوك، لا يملك صفة قانونية ملزمة لشركات الإنترنت، على الرغم من أن العديد من البنود، قد غُطيت بشكل قانوني من خلال التشريعات الأخرى في الاتحاد الأوروبي، مثل تشريعات التجارة الإلكترونية. الميثاق أو المدونة الأخلاقية تدعو الشركات إلى مراجعة غالبية البلاغات الصحيحة التي تدعو إلى إزالة أي إدراج أو تعليق يحض على خطاب الكراهية غير القانوني في أقل من 24 ساعة، وذلك عن طريق تسهيل ابلاغ الشركات مباشرة بهذه التجاوزات لإنفاذ القانون.
فيرا جوروفا، مفوضة الاتحاد الأوروبي للعدالة والمساواة بين الجنسين، قالت: "إن الهجمات في باريس وبروكسل، دفعت إلى انشاء مدونة سلوك أخلاقية، وذكرتنا بالحاجة إلى معالجة غير قانونية لخطاب الكراهية عبر الإنترنت. إن وسائل الإعلام الاجتماعي، للأسف واحدة من الأدوات والمنصات التي تستخدمها الجماعات الإرهابية للدعوة إلى التطرف ونشر العنف والكراهية بين الشباب". مضيفة: "هذا الاتفاق يشكل خطوة مهمة إلى الأمام لضمان أن شبكة الإنترنت لا تزال مكاناً للتعبير الحر والديمقراطي، حيث تُحْتَرَمْ القيم والقوانين الأوروبية".
خطاب الكراهية في مدونة قواعد السلوك، تم تعريفه بأنه: "كل سلوك يحرض علناً على العنف أو الكراهية الموجهة ضد مجموعة من الأشخاص، أو عضو في مجموعة، بناء على العرق أو اللون أو الدين أو النسب أو الأصل أو القومية".
إنَّ الأشخاص الذين يمارسون هذه السلوكيات غير الأخلاقية، يصبحون عرضة للحظر، وقد يمنعون من الحق في إبداء حرية التعبير. وبحسب مدونة السلوك، فإن هذا الحظر للحق في حرية التعبير، لا يقتصر فقط على المعلومات والأفكار التي يتم استقبالها بارتياح أو تعتبر غير مؤذية، ولكنه حظر يطال التعليقات والإدراجات المسيئة التي تسبب صدمة أو إزعاج للدولة أو أي قطاع من السكان.
لقد أكدت جميع شركات الإنترنت التي وقعت على مدونة السلوك، المخاوف ذاتها. وفي هذا الصدد، يقول مدير السياسات العامة والعلاقات الحكومية في شركة جوجل، لاي جونيوس: "نحن ملتزمون بإعطاء الناس الحق في الوصول إلى المعلومات من خلال الخدمات التي نقدمها، ولكن لدينا مجموعة قيم وقواعد إرشادية أخلاقية تمنع تسهيل نشر المحتوى المحرض على خطاب الكراهية عبر منصاتنا...الخ. نحن سعداء بالعمل مع اللجنة لتطوير التعاون فيما بيننا لتعزيز التنظيم الذاتي لمحاربة خطاب الكراهية على الإنترنت".
أما مونيكا بيكيرت، رئيس إدارة السياسات العالمية في "فيسبوك"، فقالت: "من خلال مجتمع عالمي مكون من مليار و600 ميون شخص، فإننا نعمل بجد لتحقيق التوازن وإعطاء الناس القدرة على التعبير عن أنفسهم، وفي الوقت ذاته ضمان توفير بيئة محترمة. نحن حريصون على توضيح معاييرنا في هذا المجتمع الرقمي، فلا يوجد مكان لخطاب الكراهية في فيسبوك".
كارين وايت، رئيس السياسة العامة لأوروبا في موقع "تويتر"، قال من جهته: "إن السلوك البغيض لا مكان له في تويتر، ونحن مستمرون في معالجة هذه القضية الرئيسة، جنباً إلى جنب مع شركائنا في الصناعة والمجتمع المدني. نحن لا نزال ملتزمين بالسماح في تدفق التغريدات، ومع ذلك، هناك تمييز واضح بين حرية التعبير والسلوك الذي يحرض على العنف والكراهية".
يشار إلى أن مدونة قواعد السلوك، تمثل أول محاولة كبرى لتقنين كيفية تصدي شركات تكنولوجيا المعلومات للرد على خطاب الكراهية عبر الإنترنت. لكن النطاق المحدود الذي تغطيه المدونة يترك جوانب عديدة من سوء المعاملة على الانترنت دون تشريعات واضحة، ومنها على سبيل المثال: التحرش على أساس الجنس، الذي لا يعتبر خطاباً محرضاً على الكراهية وفقاً لمدونة قواعد السلوك.
يجدر الإشارة هنا، إلى أنه أطلقت في بريطانيا حملة حزبية بدعم من شركة "فيسبوك"، دعت إلى تقديم مساهمات وأفكار حول كيفية الحد من تعاطي الخطاب المحرض على الكراهية للنساء عبر شبكة الإنترنت.
*أليكس هيرن: صحفي بريطاني متخصص في أخبار تكنولوجيا المعلومات، ومراسل صحيفة الغارديان، وكان سابقاً يعمل كاتباً، في مجلة "نيوستيتس مان"، المعنية بـ "الشؤون الجارية" والسياسة العامة البريطانية.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني