أكيد – دلال سلامة
تداولت مجموعة من المواقع الإلكترونية، يوم 1 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، خبر سؤال نيابي، وجهه النائب عن منطقة العقبة، محمد الرياطي إلى وزيرة التنمية الاجتماعية، ريم أبو حسان، بوصفها الجهة المشرفة على الجمعيات الخيرية، يستوضح فيه عن لحوم أضاح تعاقدت جمعية "الشيخ نوح للرفادة" عليها مع شركة في أستراليا، ولم توزع إلى الآن. وينسب الخبر إلى الرياطي أن لديه معلومات أن الشركة التي تعاقدت معها الجمعية لذبح الأضاحي، وكلّفتها "مئات ألوف الدنانير" هي شركة "وهمية". لكن مواقع إلكترونية نشرت، في اليوم التالي، بيانا أصدرته جمعية "الرفادة"، نفت فيه ما سبق، وأكّدت أن الشركة "مسجلة ومرخصة" في وزارة الصناعة والتجارة.
يوم 3 تشرين الأول، نشرت مجموعة أخرى من المواقع الإلكترونية، النفي السابق، ولكن مرفقا بخبر آخر يقول إن محكمة بداية عمان وجهت كتاباً إلى محكمة التمييز، لرفع الحصانة النيابية عن الرياطي، إثر شكوى من الدكتور محمد القضاة، يتهم فيها الرياطي بـ"ذمه وتحقيره". فالقضاة وهو وزير سابق للأوقاف، وللشباب، هو مؤسس الجمعية موضوع الاتهام، ورئيس سابق لمجلس إدارتها.
لقد نُشر الخبران في بعض هذه المواقع مدموجين في نص واحد، وفي مواقع أخرى منفصلين، لكن متجاورين، وقد فُهم في الحالين، أن شكوى "الذم والتحقير"، وطلب رفع الحصانة النيابية المذكورين في الخبر، كانا حدثين جديدين، وأنهما ردّ فعل من الوزير السابق، مؤسس الجمعية، على تلميحات الفساد التي تضمنها سؤال الرياطي المتعلق بالأضاحي. لكن التدقيق في نص كتاب محكمة بداية عمان يكشف أن تاريخ الكتاب سابق على تاريخ السؤال النيابي، فتاريخه هو 15 حزيران (يونيو) الماضي، في حين أن السؤال وُجّه، كما هو واضح من نص السؤال النيابي، يوم 30 أيلول (سبتمبر) الماضي.
والحقيقة هي أن الكتاب السابق يتعلق بقضية أخرى، كان قد أثارها سؤال نيابي آخر للرياطي، وجهه في نيسان (أبريل) الماضي، ويخصّ أيضا قضية "شبهة" فساد مالي في الجمعية ذاتها، رفع إثرها القضاة قضية ذم وتحقير على الرياطي، أدت إلى إصدار طلب رفع الحصانة النيابية عنه.
القضية السابقة، التي أعّد (أكيد) تقريرا عن تغطيتها الإعلامية. كان الإعلام قد كفّ عن الخوض فيها آنذاك، بعد أن ثبت، وفق الأخبار، وجود "تجاوزات" في الجمعية، دفعت وزارة التنمية الاجتماعية إلى تغيير أعضاء هيئتها الإدارية، وتسليم وزير الأوقاف السابق، عبد الرحيم العكور، رئاسة مجلس إدارتها، بدلا من الدكتور محمد القضاة.
الرياطي أكّد في اتصال هاتفي مع (أكيد) أنه لم تُرفع ضدّه أي قضية على خلفية سؤاله المتعلق بالأضاحي، وأنه لا كتب جديدة تطالب برفع الحصانة النيابية عنه. وهي حصانة، قال الرياطي إنه لا يتمتع بها أصلا في الوقت الحاضر، بسبب فض الدورة الأخيرة لمجلس النواب، يوم 21 أيلول الماضي، ما يعني قانونيا فقدان النواب لحصانتهم النيابية. وبالنسبة للطلب القديم برفع الحصانة، فقد قال لـ(أكيد) إنه استُدعي إلى المحكمة وقتها، وأدلى بشهادته، ولم يحدث بعدها أي جديد.
(أكيد) اتصل بالدكتور القضاة على هاتفه الشخصي، ليستفسر إن كان رفع أي قضية جديدة، تمخّض عنها طلب جديد لرفع الحصانة. وقد أجابت على الهاتف سيدة، قالت إنها ستبلغه بالسؤال. لكن المرصد لم يتلق إجابة. وإجمالا، كان موقع "خبرني" قد نقل يوم 3 تشرين الأول الجاري، عن القضاة أنه كان قد "أسقط" القضية السابقة، لكنه "ينوي" رفع قضية جديدة على خلفية السؤال الجديد. ولم تنقل أي وسيلة إعلام أنه رفع قضية فعلا.
بعض المواقع الإلكترونية، من التي نشرت خبري السؤال عن الأضاحي، وكتاب رفع الحصانة البرلمانية مدموجين في نص واحد، أشارت في متن الخبر إلى ارتباط كتاب رفع الحصانة بالقضية القديمة، لكن كان لافتا أن صياغة عنوان الخبر ومقدمته وخاتمته، كلها دفعت باتجاه مناقض، وهو الإيحاء بقوة بأن طلب رفع الحصانة جاء نتيجة شكوى جديدة.
واضح مما سبق أن بعض المواقع الإلكترونية استحضرت حدثاً قديماً، وأعادت نشره بوصفه خبراً جديداً. وهي فعلت ذلك، لتوظف الحدث المنقضي ليكون أداة في الصراع الدائر حاليا. وبهذا فإنها تكون مارست تضليلا انتهك حق الجمهور في المعرفة، وأخل بمعايير "الدقة" و"الوضوح"، والأهم أنه أخلّ بمعيار "الإنصاف والنزاهة".
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني