أكيد – عمــان
تناقلت وسائل إعلام محلية خبر سحب جوازات السفر الأردنية من قيادات فلسطينية، وكان ذلك نقلاً حرفياً عن صحيفة "رأي اليوم" وهي صحيفة الكترونية غير أردنية تصدر في لندن، بالرغم من أن الخبر أردني بامتياز.
وسائل الإعلام التي نقلت الخبر حرصت على الإشارة في متنه إلى "مصدره"، ولكن أغلبها بنى عناوينه بما يوحي أن الخبر صحيح.
تقتضي الممارسة المهنية الصحيحة أنه عندما تواجِه وسيلة إعلام محلية خبراً ذي محتوى محلي ولكنه من مصدر أجنبي، أن تقوم بالمتابعة اللازمة مع الجهات المختصة ذات الصلة للحصول على المعلومة الصحيحة وتأكيد أو نفي ما ورد في ذلك المصدر، وخاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا حساسة مثل تلك الواردة في هذا الخبر، إلا أن ذلك لم يحدث البتّة فقد نقلت وسائل الإعلام المحلية الأردنية ما ورد كما هو، وروجت بالتالي لمعلومات ثبت بالتقصي السريع أنها غير صحيحة، فضلاً عن أنها غير منسوبة –أصلاً- إلى أي مصدر مجهول أو معلوم، حيث اكتفت الصحيفة اللندنية بالقول أنه "خاص ومن عمان".
إن ما يعنينا في مرصد "أكيد" هو عملية نقل الخبر ونشره محلياً، وهو ما يجعله ضمن اختصاص المرصد.
فقد زعم الخبر أن لدى الأردن توجه لتغيير حالة التصنيف الإدارية والقانونية لجوازات ووثائق السفر التي يحملها نخبة من قادة السلطة الفلسطينية إلى "ت. س" أي "تحت السحب"، بحيث يسهل حسم أمر هذه الوثائق وسحبها لاحقاً، تمهيداً لسحب الرقم الوطني وتبديل جواز السفر الأردني الممنوح من صفة "دائم" إلى "مؤقت". وأن الأردن يتجه لسحب الجنسية الأردنية من أعضاء حركة فتح، ممن سيشاركون في المؤتمر السابع للحركة المزمع عقده في 29 من الشهر الحالي.
وفي مقابلة أجراها مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد" مع مسؤول رفيع ذي صلة مباشرة بالملف، فضل عدم الإفصاح عن اسمه قال: "لم يُطرق باب الحديث أبداً حول سحب جوازات سفر أردنية، وأن ما أشيع حول سحب الأرقام الوطنية أو جوازات السفر عارٍ تماماً عن الصحة ونشره يخلو من المهنية الصحفية، وأن العدد الأبرز من قيادات السلطة الوطنية الفلسطينية سلم الأرقام الوطنية، منذ عدة سنوات، فيما يتبقى عدد ليس كبيرا من قيادات منظمة فتح في الأردن يحتفظون بالأرقام الوطنية، ولا يخالفون قرار فك الارتباط الصادر عام 1987".
وأضاف المصدر:"إن ما أشيع كان مختلقاً. فصحيح أن هناك عددا من القيادات الفلسطينية التي تتمتع بالجنسية الأردنية، وأن بعضهم قد تنازل عنها فيما سبق، ولكن هذا لا يعني أن الأردن ينوي سحب هذه الجنسيات".
ولفت المصدر "إلى أن ما أشيع حول تصنيف "ت. س" الذي يعني أن الجنسية "تحت السحب"، هو افتراء وغير موجود في السجلات الوطنية. وبالرغم من أنه بناءً على المادة الثانية من تعليمات فك الارتباط الإداري والقانوني مع الضفة الغربية، فإن هناك إيضاحاً بالنص المباشر أن موظفي السلطة الفلسطينية ينبغي أن لا يحملوا وثائق الجنسية الأردنية، إلا أن الأردن سمح بهذه الازدواجية، ووفر جواز السفر الأردني لهم كدعم سياسي للشعب الفلسطيني وتسهيلا لحركة قيادات السلطة الوطنية".
وكانت صحيفة "الغد" قد نقلت التصريح الحكومي الذي يحمل النفي الرسمي الأردني، وأضافت إليه تصريحاً لـعضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" عزام الأحمد أكد فيه أنه: " لم نبلغ رسمياً عن أي توجه أردني بسحب الجنسية من مسئولين بارزين وأعضاء في الحركة، مشيداً بالعلاقات الأردنية الفلسطينية الراسخة".
وسرعان ما تناقلت وسائل الإعلام المحلية الخبر "الجديد" الذي ينفي الخبر الأول منقولاً هذه المرة عن صحيفة "الغد".
إن التغطيات الإعلامية الخاصة بهذا القصة، تشكل نموذجاً لممارسة إعلامية غير مهنية، منتشرة في وسائل الإعلام وخاصة المواقع الإلكترونية، حيث تكتفي وسيلة الإعلام بعملية نقل الخبر ونقل نفيه، من دون أن تكلف نفسها عناء القيام بأية متابعة أو استقصاء، رغم بساطة حجم ذلك "العناء".
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني