لعل مقارنة سريعة بين الأداء الإعلامي في آخر 4 قضايا أمنية كبرى تتعلق بالحرب على الإرهاب كعنوان كبير، توضح بأن وسائل الإعلام المحلية المحترفة (صحف ومواقع) طوّرت على العموم مستوى انتباهها إلى حساسية هذه القضايا، بما يمكّن المراقب من الاستنتاج بأن هذا الأداء يشهد تزايدا في النضوج المهني:
فمن قضية الشهيد معاذ الكساسبة في شباط 2015، إلى قضية مداهمة شقة يقطنها ارهابيون في اربد التي استشهد فيها الرائد راشد الزيود، ثم قضية الاعتداء على مكتب مخابرات البقعة التي راح ضحيتها 5 شهداء، وصولا إلى القضية الأخيرة؛ حادثة التفجير الإرهابي في المنطقة الحدودة الشمالية التي راح ضحيتها 6 شهداء و14 جريحاً.
فقد لاحظ تقرير لـ"أكيد" رَصَدَ التغطيات الإعلامية لقضية الشهيد الكساسبة أن الخلل المهني وصل إلى درجة أن الإعلام المحلي وقع ضحية الإعلام المضاد، بل وانقاد خلف ما يبثه الإرهابيون من مواد إعلامية، كما لاحظ تقرير لاحق آخر أنه حصلت بعض التجاوزات في تغطية قضية اربد، ثم تقلصت مظاهر الخلل في تغطية الاعتداء على مكتب مخابرات البقعة إلى درجة أن تقرير رصد الأداء الإعلامي أشار إلى وسائل الإعلام الخارجية هي قادت التجاوزات المهنية، في حين كانت الوسائل المحلية أكثر التزاما.
في القضية الأخيرة (حادثة الهجوم الإرهابي في منطقة الركبان الحدودية) حصلت بعض التجاوزات المهنية، لكن الأخطر بين تلك التجاوزات كان في وسائل التواصل الاجتماعي، بينما رُصدت أخطاء –ثانوية إلى حدما- في وسائل الإعلام المحترفة، فقد نشر بعضها (صحف ومواقع) معلومات خاطئة سارعت إلى تعديلها، مما يندرج في الممارسات الاعتيادية في تصحيح الخبر الأولي.
لكن الملاحظة اللافتة أن وسيلتين دوليتين نشرت كل منهما خبراً خاطئاً ثم سارعت إلى حذفه ، فقد نشرت (بي بي سي) خبرا عن إلقاء القبض على مشتبه به في تنفيذ الهجوم ثم حذفت الخبر، ومثلها نشرت رويترز خبرا عن بعض مجريات الحادثة، وحذفته فور اتضاح أنه خاطئ.
هناك تجاوزات وأخطاء، تركز أخطرها في وسائل التواصل الاجتماعي التي نشرت صورا خاطئة، ثم نشرت فيديو يزعم أنه يصور لحظات تنفيذ الاعتداء، وهو الفيديو الذي نفاه مصدر رفيع المستوى وفق خبر على مواقع الكترونية، جاء فيه "أكد مصدر رفيع المستوى ان الفيديو المتداول لحادثة تفجير ارقبان غير صحيح، محذرا من نشر الفيديو او تداوله أو نقل اي معلومة مغلوطة تتعلق بتفاصيل التفجير الارهابي.
وتدوالت مواقع التواصل الاجتماعي صورا مرفقة بمعلومات مغلوطة: الصورة الأولى لعسكري جريح قيل أنه أحد أفراد القوات المسلحة ولكن من يدقق في الصورة ويرى الأشخاص الذين يحاولون انقاذه يكتشف ان الحادث وقع في مكان يعج بالمدنيين كما ان اللباس مختلف عن لباس افراد حرس الحدود.
الصورة الثانية لسيدة تبكي وهي تقبل حذاء عسكري قيل إنها واحدة من امهات الشهداء وتبين من البحث ان الصورة قديمة ومستخدمة بشكل كبير في العديد من المواقع الاخبارية كصورة ارشيفية وتعبيرية في مواقع التواصل الاجتماعي.
اما الصورة الثالثة في رسم بياني وتم الشرح على الصورة حول استشهاد 7 مرتبات من حرس الحدود واصابة 7 اخرين وهي معلومات غير صحيحة .
واحدة من الملاحظات البارزة في مجمل المشهد الإعلامي المرافق للحادثة، تمثلت هذه المرة في مبادرة الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور محمد المومني إلى التنبيه إلى ضرورة مراعاة الدقة في نشر تفاصيل الهجوم الإرهابي، وعدم استقاء الأخبار إلا من مصادرها الرسمية، ثم أصدرت نقابة الصحفيين بيانا دعت فيه سائل الإعلام المختلفة الى تحري الحقيقة في كل ما ينشر وتقديم المصلحة الوطنية على أي مصلحة أخرى، والالتزام بما يصدر عن الجهات المختصة حول هذه الاحداث.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني