هل تغتال إسرائيل الدقامسة؟...  سؤال للإثارة وبث الخوف تمارسه صحافة التكهنات

هل تغتال إسرائيل الدقامسة؟... سؤال للإثارة وبث الخوف تمارسه صحافة التكهنات

  • 2017-03-11
  • 12

 

أكيد – آية الخوالدة

لم تكد تنتهي محكومية الجندي المسرّح أحمد الدقامسة، حتى بدأت وسائل إعلام وناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي بنشر تقارير تبث فيها مخاوف من قيام إسرائيل باغتيال الدقامسة، انتقاما لقتله سبع فتيات اسرائيليات عام 1997 في منطقة الباقورة.

تأتي هذه الأخبار، في سياق التكهنات التي يسوقها الإعلام، وجل تلك الأخبار جاءت بهدف الأثارة، وهي لا تسند إلى حقائق ومعلومات تدل على نية إسرائيل القيام بذلك.   

وفي ضوء التحليل الكيفي لعشرات التقارير الإخبارية التي نشرت منذ نحو شهر، أي منذ قرب انتهاء فترة محكومية الدقامسة ،  لاحظ " أكيد" أن هذه التغطية المكثفة قد اتسمت بما يلي :

أولاً: إن حدث انتهاء محكومية الدقامسة واحتمالات الافراج عنه من عدمه مسألة ذات قيمة اخبارية ، وتحديدا في ضوء خلفية اسباب وتداعيات سجنه ، وهو الأمر الذي يفسر كثافة التغطية الإعلامية .

ثانياً: إن القيمة الإخبارية للحدث لا تبرر لوسائل الإعلام توظيف عناصر الإثارة والمبالغة فيها واستخدام التكهنات غير الموثقة وإبرازها بشكل كبير على حساب المحتوى الموثق بالمصادر والوقائع .

ثالثاً: إن العديد من التغطيات المسبقة للإفراج عن الدقامسة مارست بشكل مقصود أو غير مقصود  بناء أجندة إعلامية واضحة وكأن مسألة الاغتيال أو التصفية تحصيل حاصل . وبالتالي ثمة إطار اعلامي وسياسي هيمن على التغطية خلق حالة من الربط الافتراضي بين الافراج والاغتيال والتصفية .

رابعاً: من الواضح أن بعض وسائل الإعلام قد خلطت بين الوظيفة الاخبارية والوظيفة التفسيرية  للأحداث والأخيرة أكثر قربا من وظيفة مواد الرأي حيث يحق للكتاب أن يفسروا الاحداث كما يرون، وهذه ليست وظيفة محرري التقارير الاخبارية.  

وتتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد" كيف تناولت تلك الوسائل الإعلامية هذه القضية، وعملت على رفع منسوب القلق تجاه الدقامسة، حيث طرح المرصد في تناوله دقة هذا السلوك، بالاستناد إلى وجهة نظر خبير في القانون الدولي، ووزير إعلام سابق.

ومن بين الموضوعات التي نشرتها  صحف ومواقع الالكترونية مقابلة نشرتها صحيفة ”العربي الجديد"، حاورت فيه أخ الدقامسة قبيل موعد انتهاء محكوميته والذي كشف فيه عن  "مخاوف العائلة من إقدام إسرائيل على اغتيال شقيقه بعد إطلاق سراحه، وقال "نتوقع أن يحدث ذلك، نحن لا نستبعد أي شيء من الإسرائيليين" – بحسب ما جاء على لسانه. بينا ذهبت وسائل إعلام أخرى إلى تحميل الحكومة المسؤولية عن حياته.

كما نشرت وسائل إعلام أخرى تقريرا لوكالة أجنبية بعنوان "وسائل إعلام إسرائيلية تنتقد إفراج الأردن عن الدقامسة"، فيما نشرت أخرى عن ردود فعل الصحف الإسرائيلية.

طرح "أكيد" تساؤلا حول قيام تلك الوسائل الإعلامية بنشر مثل هذه التكهنات، هل تعتبر ضمن إطار التخوف المنطقي، أم أنها تعتبر سلوك إعلامي غير مقبول؟!

يجيب المتخصص في القانون الدولي وحقوق الانسان الدكتور وليد محمد السعدي على ذلك بقوله " نُفذ الحكم على الدقامسة بطريقة شرعية، ومضى مدته بالكامل حسب قرار محكمة شرعية، ولا يوجد هنالك داع لأي كلام أو نقد".

ويوضح السعدي بأن فكرة اغتيال الدقامسة غير مقبولة وأن إسرائيل لن تقدم على القيام بها، لأنها بذلك تكون ارتكبت جريمة بحق القضاء الأردني وشككت في مصداقيته ونزاهته.

وفيما يخص وسائل الاعلام التي نشرت مثل هذه التكهنات، يبين السعدي بأن مثل هذه المعلومات لا تعتبر على الإطلاق من باب التخوف المنطقي، بل من باب إثارة الرأي العام واللغط.

ورأى وزير الاعلام السابق الدكتور نبيل الشريف في اتصال مع "أكيد"، أنه كان الأولى بوسائل الإعلام المحلية أن ترصد الحقائق والمتغيرات وتبتعد عن قضايا التكهن والتوقعات، إذ أن التعبير عن الرأي متاح لكتاب المقالات والمعلقين، ومن واجب وسائل الإعلام أن تفصل بشكل دقيق ما بين الخبر والرأي.

وأكد الشريف أن نشر مثل هذه الأخبار لا يخدم المصلحة العامة، فالأردن بلد مستقر وقادرة على حماية حدوده، ومن يتحدث عن مثل هذه المخاوف يصور الأردن على أنه بلد مستباح ويمكن لأي جهة أن تعتدي عليه، ومن السيئ أن يرسخ الإعلام هذه الصورة في أذهان المواطنين.

وعبر الشريف عن أسفه لقيام العديد من الوسائل بإعادة نشر تقرير صحيفة " العربي الجديد "،  وعدم مراعاتها للمعايير المهنية وعدم استنادها على القرائن الموجودة، واعتمادها على التكهنات المسيئة للوطن سواء بقصد أو بغير قصد.