هل يتغير الخطاب الإعلامي المتعلق بقضية "اللاجئين السوريين"؟

هل يتغير الخطاب الإعلامي المتعلق بقضية "اللاجئين السوريين"؟

  • 2015-08-25
  • 12

أكيد – دلال سلامة

تحت عنوان "عندما يزاحم اللاجئون السوريون المواطنين في العلاج والرعاية الصحية.. الأردنيون يتساءلون أين حقي؟"، نشرت "الدستور" تقريراً إخبارياً، مفاده أن اللاجئين السوريين لا يكتفون بأخذ "حق" المواطنين في الخدمة الصحية، بل هم فوق هذا يتصرفون مع المواطنين بعدائية.

كان لافتاً أن هذا التقرير اشتمل على تجاوزات لبعض المعايير المهنية، مثل "الدقة" و"الوضوح"، و"الموضوعية في الفصل بين الذات والموضوع"، إضافة إلى انتهاكه لأحد المبادئ الأخلاقية الصحفية، وهو "الابتعاد عن نشر خطاب الكراهية".

فقد أخلّ التقرير بمعيار "الدقة"، وذلك في الجزء المتعلق بـ"امتيازات" علاج اللاجئين السوريين، فقد ذكر التقرير أن وزارة الصحة تؤكد أن "الحكومة لم تلغ أي امتيازات بخصوص علاج السوريين، بل تعاملهم معاملة الأردني في الرعاية الصحية". وقد خلطت العبارة السابقة الحقائق، ذلك أن مجلس الوزراء كان قد أصدر فعلاً، في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي قراراً بإلغاء ما يُسمى "الامتيازات التأمينية" للاجئين السوريين، والتي كانت الخدمة الصحية وفقها تُقدّم للاجئين السوريين مجانا في المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية. إذ كانت المطالبات المالية المترتبة على علاجهم، تُرسل إلى الجهات المانحة، وذلك كما شرح الناطق الإعلامي لوزارة الصحة، حاتم الأزرعي، في اتصال هاتفي مع (أكيد). ووفق الأزرعي، فإن قرار إلغاء الامتيازات التأمينية ما زال نافذاً، واللاجئون السوريون الآن يُعاملون معاملة "الأردني القادر على الدفع"، فيدفعون مثله كلفة علاجهم نقدا.

في السياق نفسه، فقد انتهك التقرير معيار "الوضوح" عندما اعتمد الإبهام في العديد من الفقرات، فهو لم يوضح هوية المصدر الذي نُسبت إليه حادثة تهجم السوري، بل أشار إليه التقرير بـ"أبو محمد". ولم يذكر المؤسسة الصحية التي جرت فيها الحادثة، بل أُشير إليها بأنها "أحد المركز الطبية في عمان". كما لم يذكر زمان الحادثة.

وفي ما يتعلق بمعيار "الموضوعية في الفصل"، الذي ينص على ضرورة أن يحيّد  الصحفي ذاته وآراءه وأحكامه الخاصة، وأن يكون ناقلاً محايداً للمعلومات والآراء، فإن انتهاك هذا المعيار بدأ من العنوان الذي تضمن حكما بأن اللاجئين السوريين "يزاحمون" الأردنيين على الخدمة الصحية، من دون أن توضع هذه الكلمة المشحونة بالسلبية، بين علامات اقتباس، أو تُنسب إلى أي مصدر.

وفي الفقرة الأولى من التقرير، التي تكررت فيها مرتين كلمة "مستفز" لوصف حادثة ذكر التقرير أنها حدثت مع مواطن، قال إنه وقف ساعتين في الطابور لتلقي الخدمة الصحية، عندما تعدى على دوره لاجئ سوري، وضربه على كتفه، متهما إياه بأنه أخذ دوره. فوصف "مستفز" هنا، المعبّر عن الاستهجان، لم يُوضع، هو أيضا، بين علامات اقتباس، ولم يُنسب إلى أي مصدر، فكان بذلك معبرا عن ذات كاتب التقرير نفسه.

وفي سياق الانتهاكات الأخلاقية، فقد أورد التقرير حادثة واحدة نقلها التقرير عن مواطن قال إن لاجئا سوريا "تهجم" عليه، وتعدّى على دوره، وقد استّخدمت هذه الحادثة لإطلاق تعميم يُفهم منه أن هذا هو النمط العام لتعامل اللاجئين السوريين مع المواطنين، لدرجة أن التقرير ينقل عن سيدة مطالبتها أن تفصل وزارة الصحة بين المواطنين واللاجئين أثناء تلقي الخدمة الصحية "دفعا للاستفزاز"، وتساؤلها "ألا يستطيع اللاجئ السوري أن يعي حقيقة أنه ضيف وعليه أن يكون أكثر لطفا في حديثه؟".

ورغم ملاحظة أن التقرير ينوّه بأنه لا يقصد "الانتقاص" من اللاجئ السوري، بل يهدف المطالبة بحق، فإن هذا التعميم، بما يقود إليه من استعداء للجمهور على إحدى فئاته المستضعفة، وهي اللاجئين السوريون، ينطوي على انتهاك لأحد المبادئ الأخلاقية الصحفية، الذي ينص على "البعد عن خطاب الكراهية"، وهو خطاب، وفق تقرير سابق لمرصد (أكيد)، نجحت الصحافة الأردنية المطبوعة في الابتعاد عنه، وخاصة في النصف الأول من الأزمة السورية، على الأقل في مستواه اللفظي المباشر، أي استخدام لغة استعداء فجة.