وسائل إعلام تنشر صور أطفال بلا ضوابط

وسائل إعلام تنشر صور أطفال بلا ضوابط

  • 2016-01-26
  • 12
ما زالت وسائل الإعلام تنشر صور الأطفال من دون أي ضوابط إعلامية أو أخلاقية، وتظهر تفاصيل ضعفهم في بعض الأحيان، فيما تكون ملامحهم معروفة وواضحة للمجتمع المحيط بهم، ما قد يُسبب لهم إساءة أو تعنيف أو إحراج في مجتمعهم، أو البيئة التي يعيشون فيها. خلال الأيام الثلاثة الماضية نشرت عدة مواقع إخبارية مقطع "فيديو"، مدته 2.50 دقيقة، يظهر طفلا يسير وحيدا، وسط الثلج، على رصيف أحد شوارع منطقة صويلح، حاملا في يده كيسا بلاستيكيا، يحوي كراسات رسم، بهدف بيعها للمارة.ويتحدث الطفل المجهول الهوية، في الفيديو، عن عمله، وظروفه العائلية الصعبة، فيقول إن والده طلّق والدته، وإنه مضطر لبيع الكراسات كي يشترى "الكاز" لأخوته.الفيديو صوّره للطفل، أحد الصحفيين، وجاء في الخبر المرفق به أنه "ورغم البرد القارس وتساقط الثلوج بغزارة، إلا أن الطفل الظاهر في الفيديو بدا بإصرار كبير، على إكمال مهمته في بيع ما يمتلك من دفاتر".ورغم أن الفيديو لم يتحدث عن جنسية الطفل، إلا أن بعض المواقع قالت إنه سوري الجنسية، لكن هذا ليس واضحا في لهجة الطفل.صورة أخرى نشرتها مواقع إخبارية، مع خبر جاء فيه أن قوات حرس الحدود "تمكنت من إنقاذ طفلة سورية فقدت في منطقة "الرقبان"، على الواجهة الشمالية الشرقية من المملكة".واستندت كل المواقع التي نشرت خبر العثور على الطفلة على بيان لقوات حرس الحدود، الذي جاء فيه أن "قوات حرس الحدود تمكنت من العثور على الطفلة (...) بالقرب من الحدود العراقية الأردنية، وهي بحالة خوف شديد، تم تقديم العناية الطبية والنفسية اللازمة لها وتسليمها لذويها".وأرفق خبر العثور على الطفلة بصورة لها، من دون الإشارة إلى أن تلك الصورة كانت للطفلة بعد العثور عليها، أم قبل ذلك.مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد" يشير إلى المادة 14 من ميثاق الشرف الصحفي، التي تنص على أنه "يلتزم الصحفيون بالدفاع عن قضايا الطفولة، وحقوقهم الأساسية المتمثلة بالرعاية والحماية. ويراعون عدم مقابلة الأطفال، أو التقاط صور لهم دون موافقة أولياء أمورهم، أو المسؤولين عنهم. كما لا يجوز نشر ما يسيء اليهم أو لعائلاتهم، خصوصا في حالات الإساءة الجنسية، سواء كانوا ضحايا أو شهودا. ويلتزمون برعاية حقوق الفئات الاقل حظا وذوي الاحتياجات الخاصة".إن نشر الفيديو الأول، ورغم محتواه الإنساني، إلا أنه لم يساعد الطفل أو عائلته في تجاوز الظروف التي يعيشون فيها، لأن الصحفي لم يُرفق بالفيديو ما يشير إلى أنه يحتفظ بعنوان الطفل، أو اسمه لمن يرغب بمساعدته، فكان النشر من أجل النشر، وليس من أجل المساعدة، على الرغم من التحفظ على نشر الفيديو بتلك الطريقة، حتى وإن كان الهدف منه المساعدة.أما في حال فقدان طفل، فلا مانع –مهنيا- من نشر صورة بهدف المساعدة في العثور عليه، وعلى وسائل الإعلام أن تتحفظ عن نشر صوره بعد العثور عليه، فقد جاء في بيان قوات حرس الحدود، أنه تم العثور على الطفلة، ولم يكن هناك حاجة لنشر صورتها، حتى وإن تضمن بيان حرس الحدود صورة الطفلة.إن نشر الفيديو والصورة بتلك الطريقة من دون وضع أي تمويه على وجه الطفل، قد يسبب حرجا أو ألما، ويُلحق الضرر بالطفل وذويه، وهو ما أضر بمعيار الانصاف والنزاهة، الذي يفرض على الصحفي أن يلتزم بعدم نشر الصور التي تسيء للأفراد، وإن أمكن نقل الوقائع والحقائق للجمهور من دون التسبب بذلك الضرر أو الأذى.ويعتذر "أكيد" عن نشر روابط تلك الأخبار لكي لا يساهم في نشرها بصورتها تلك، كما يشير "أكيد" إلى تقريرٍ سابق، يتعلق بنشر صور الأطفال بعنوان: "نشر صور طفلتين يتيمتين في مقابلة إخبارية تجاوز أخلاقي".