لماذا يندفع أفراد من الجمهور خلف مواد التشهير ويعيدون نشرها؟
ما الإجراءات القانونية المترتبة على إعادة نشر مواد التَّشهير بالآخرين؟
عمّان 11 حزيران (أكيد)- أفنان الماضي- تابع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) ثلاث مواد مختلفة جرى تداولها على منصّات التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام خلال الفترة الماضية، احتوت جميعها على نوع من التَّشهير وانتهاك الخصوصية لبعض الأفراد، وكانت المواد الثلاث على اختلافها، قد طُرحت سعيًا وراء إثارة الرأي العام وكسب تأييده في سبيل تحقيق أهداف ناشرها، منها ما قد يكون شخصيًا، ومنها جمعيًا، في الوقت الذي احتوت فيه على انتهاكات أخلاقية ومهنية وقانونية عديدة.
ثلاث مواد منشورة هدفها التَّشهير:
لقد سعى (أكيد) لتسليط بعض الضوء على ظاهرة التشهير عبر منصات التواصل الاجتماعي من منظور علم الاجتماع، ومن منظورٍ قانونيّ ومهنيّ ، وتاليًا التفاصيل:
جاءت المادة الأولى بصورة مقطع مصور لرجل وهو يصف حالة الفقر والعوز التي يعاني منها، مشيرًا إلى أن ابنه قد امتنع عن الإنفاق عليه. وقد احتوى المقطع على عدد من الألفاظ غير الملائمة، وعلى اسم الابن الصريح، واسم زوجته، ومكان عمل الابن، مطالبًا المتابعين بإعادة نشر المقطع لإيصاله إلى مقر عمل الابن في دولة عربية. وتم تداول المقطع وإعادة نشره على منصات التواصل الاجتماعي: "تيك توك"، و"فيسبوك" و"تويتر" وتطبيق المحادثة "واتس أب".
وتمثلت المادة الثانية بمقطع مصور لطفلة قالت إن والدها تخلى عنها وعن أخيها منذ سنوات، وإنه استحوذ على أوراق رسمية خاصة بهما. وذكرت الطفلة اسم الأب الصريح، مطالبة بنشر المقطع ومساعدتها في الوصول إليه، وقد انتشر المقطع على منصات التواصل الاجتماعي، بينما تبنت وسائل إعلام محلية نشره أيضًا على صفحاتها.
وأما المادة الثالثة فتتعلق بحالة تشهير بشخصية أكاديمية في إحدى المؤسسات التعليمية المحلية.
وبإخضاع المواد المنشورة للمعايير المهنية والأخلاقية والقانونية ، تبين لـ (أكيد) ارتكاب عدد من المخالفات، منها:
احتواء بعض المواد المنشورة على ألفاظ غير ملائمة وشتائم، إضافة إلى اشتمال المواد على تشهير بالأسماء الصريحة، وانتهاك الخصوصية، وخطاب كراهية. كما احتوت المواد على اتهامات مختلفة لم تُسند بالدليل، إضافة إلى إعادة نشر مقطع لطفلة تستخدم التكنولوجيا استخدامًا غير صحيح.
رأي علم الاجتماع في هذه القضية:
رصد (أكيد) تعامل جمهور المتلقين مع المواد المنشورة، ليتبين سرعة الاستجابة والتعاطف، والعمل على إعادة النشر دون التحقق من صحة المعلومات الواردة.
الأستاذ الدكتور حسين محادين أستاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة، قال لـ (أكيد) في تفسيره لظاهرة الاندفاع وراء مواد التشهير قبل التثبت، إن الرأي العام يوسم بأنه انفعالي، لحظي، آني، سريع التبدل، ولا يستند إلى معلومات موثوقة أو دراسات علمية دقيقة، بل قد يرفضها إن طُلب منه التأني والتثبّت مما ينشر. وطالما أن هذا الاندفاع لا يترتب عليه موقف إجرائي، كتقديم المساعدة المالية مثلًا، فهو يشبه نوعًا من الاستعراض الإعلامي أو العدوى الإعلامية، لهذا يتبنى المجتمع بعض المواد التي تُنشر رغم عدم دقتها، ووصولها في بعض الأحيان إلى حد التشهير، واغتيال الشخصية، وبث خطاب الكراهية.
ويرى (أكيد) بأن نشر المواد المرصودة على منصات التواصل الاجتماعي، جاء بهدف استدرار عاطفة الجمهور، وإثارة الرأي العام، رغم وجود طرق مشروعة وقانونية للمطالبة بالحقوق دون تشهير.
رأي القانون في هذه القضية:
الدكتورة نهلا المومني الخبيرة في التَّشريعات الإعلامية والأخلاقيات الصَّحفية وعضو لجنة شكاوى الإعلام، قالت إن نشر وإعادة نشرما ينطوي على ذم وقدح وتحقير وتشهير مجرّم في القانون الأردني، ما يجعل الجهة التي نشرته تحت طائلة المسؤولية، وهذا يمكّن الشخص المتضرر من الملاحقة القانونية لكل من نشر وأعاد النشر، ومطالبته بالتعويضات.
وعن سبب لجوء بعض الأفراد إلى وسائل التواصل الاجتماعي لحل خلافاتهم الأسرية، قال محادين إن المقاطع تعبر عن نوع من التفكك الأسري، وغياب التكافل الأسري المستند إلى المنظومة الأخلاقية الدينية، حيث يبدو جليًا من خلال المقاطع تعرض الأسر إلى إنزياحات في الأدوار والمهمات الرئيسة، وبخاصة ما يتعلق بالتنشئة الاجتماعية والترابط الأسري الذي يمكّن أفراد الأسرة من أدوات التخاطب مع الآخر داخل الأسرة وخارجها، فغياب لغة الاتصال السليم دفع هؤلاء الأفراد إلى اللجوء للرأي العام عبر استخدام خاطئ للتكنولوجيا، حيث اعتمدوا على احتمالية ضغط الرأي العام على سلوك الأشخاص المستهدفين.
ويوصي (أكيد) وسائل الإعلام، ورواد مواقع التواصل الاجتماعي بضرورة التّثبّت من المعلومات الواردة في كل ما ينشرونه، من مقاطع مصورة أو معلومات مكتوبة ومرئية، وعدم المساهمة في نشر أو إعادة نشر ما ينطوي على إساءة للأفراد بالتشهير وانتهاك الخصوصية أو القدح والذم، لما يترتب على ذلك من ملاحقة قانونية.
وسائل الإعلام وصفحاتها العامة ومسؤولية النَّشر:
يذكّر (أكيد) بأن ما ينشر على صفحات الوسائل الإعلامية لا بد أن يخضع لمعايير الدقة، والمصداقية، والتحقق من المعلومة قبل نشرها، مع ضرورة نشر ما فيه قيمة إخبارية ضرورية ومؤثرة في الحياة اليومية لجمهور المتلقين من النواحي الاقتصادية والسياسية وغيرها، وتقنين ما يعاد نشره نقلًا عن وسائل التواصل الإجتماعي، بحيث يُنشر ما فيه قيمة إخبارية فقط، ولا يخرج عن المعايير المهنية والأخلاقية والقانونية.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2025 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني