عمَّان 26 حزيران (أكيد)-فريق التَّحرير، كاريكاتير: ناصر الجعفري
خلصت دراسة معمَّقة لمرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد)، حول تغطية وسائل الإعلام المحلية لقضية تعديل أسعار المحروقات في الأردن، إلى أنَّ هذه الوسائل وقعت بمخالفات مهنية عديدة أبرزها، استجرار مقارنات لهذا الرَّفع مع دول عالمية، ولم توضح لجمهور المتلقين اختلاف الناتج المحلي الاجمالي، ومستوى دخل الفرد السنوي في الأردن وهذه الدول التي تشهد ارتفاعات في أسعار المحروقات مثل الولايات المتحدة الأمريكية.
وتتبع (أكيد) تغطية 34 وسيلة إعلام محلية لقضية المحروقات بين 6- 20 حزيران 2022، وتمَّ اختيارها كعينة دراسة عبر العينة العشوائية المنتظمة من مجتمع الدراسة البالغ عدده 310 وسائل إعلام تقدِّم محتواها الإخباري لجمهور المتلقين. وتوزعت هذه العينة على الإعلام المرئي والمسموع والمطبوع والإلكتروني والمتخصِّص.
ولاحظ (أكيد) أنَّ وسائل الإعلام لم تقم بأيِّ تحقيق صحافي سابر يبين أثر ارتفاع أسعار المحروقات وانعكاسها على جمهور المتلقين كافة، وكانت أكثر المواد الصَّحفية هي أخبار تمَّ بثها عبر طرف واحد من أطراف القضية، وبالتالي وقعت هذه الوسائل جميعها بمخالفة الابتعاد عن التغطيات العميقة التي يحتاجها جمهور المتلقين.
ووجد (أكيد) أنَّ اتِّجاهات تغطية وسائل الإعلام في قضية تعديل أسعار المحروقات ذهبت إلى الحياد في النَّشر، وهو نقل المحتوى الإخباري كما هو من المصدر دون متابعة أو تدخل، وبالتالي انطبق عليها معيار الحياد في الأخبار المنشورة وبشكل مكثف، مقارنة مع التقارير والتحقيقات والبرامج التفاعلية الحوارية عبر المرئي والمسموع.
حجم التَّغطية حسب أرقام الرَّصد:
ورصد (أكيد) حجم التَّغطية الإعلامية في 34 وسيلة إعلام محلية. ويبين الجدول رقم (1) حجم التَّغطية المرصود للفترة الواقعة بين 6 حزيران وهو اليوم الذي أطلق فيه الأردن رؤيته الاقتصادية المستقبلية برعاية الملك عبد الله الثَّاني ابن الحسين في منطقة البحر الميت و20 حزيران 2022.
الجدول رقم (1): حجم تغطية وسائل الإعلام لقضية تعديل أسعار المحروقات
نوع الوسيلة الفن الصَّحفي |
مرئي |
مسموع |
مطبوع |
إلكتروني |
متخصِّص |
المجموع |
خبر |
15 |
17 |
41 |
80 |
- |
153 |
تقرير |
3 |
4 |
7 |
29 |
- |
43 |
تحقيق |
- |
- |
- |
- |
- |
- |
مادة رأي |
2 |
2 |
15 |
18 |
- |
37 |
المجموع |
20 |
23 |
63 |
127 |
- |
233 |
وتُبين أرقام الجدول رقم (1) أنَّ وسائل الإعلام المرئية نشرت خلال الفترة الممتدة بين 6 – 20 حزيران 2022 مواد خاصَّة بقضية تعديل أسعار المحروقات بلغ عددها 20 مادة بينها 15 خبرًا وثلاثة تقارير ومادتي رأي لخبراء في قطاع الطَّاقة، لكنَّها لم تقم بتقديم أي تغطية معمقة عبر تحقيق استقصائي.
وسيطرت مقابلة لمحطة تلقزيونية رصدها (أكيد) مع وزير الدَّولة النَّاطق الرَّسمي باسم الحكومة فيصل الشبول على الأخبار الخاصة بهذه القضية والذي أكد حديثًا سابقًا لوزير الداخلية ورئيس الوزراء بوجود أربع رفعات مقبلة للمحروقات.
ونشرت وسائل الإعلام المسموعة، والتي خضعت لعملية الرًّصد للفترة الزَّمنية نفسها 23 مادة إخبارية، كان من بينها 17 خبرًا وأربعة تقارير ومادتي رأي. ولم تتضمن التَّغطية أيَّ مواد معمقة على شكل تحقيقات استقصائية.
ونشرت الصحف المطبوعة 63 مادة خلال فترة الرَّصد، والتي عثر عليها (أكيد) في الأرشيف ومحركات البحث، وكان من بين هذه المواد 41 خبرًا وسبعة تقارير و15 مادة رأي، ولم تتضمن تحقيقات استقصائية بهذه القضية.
وتصدرت المواقع الالكترونية وموقع وكالة الأنباء الأردنية "بترا" حجم التَّغطية الصَّحفية لهذه القضية، حيث نشرت 127 مادة إخبارية، كان من بينها 80 خبرًا و29 تقريرًا و18 مادة رأي، بينما لم تنشر أي من هذه المواقع والوكالة الرَّسمية أيَّ مواد معمقة في التَّغطية.
ورصد (أكيد) ضمن عينته صحيفتين مطبوعتين تصدران باللغة الإنجليزية، واللتين نشرتا ثماني مواد إخبارية في قضية رفع المحروقات، كان من بينها خمسة أخبار وتقريرين، ولم تتضمن تغطيتهما مواد معمقة أو مواد رأي لأشخاص مهتمّين ومتخصِّصين بقطاع الطَّاقة.
السلبية والحياد يطغيان على اتجاهات التَّغطية
يبين الجدول رقم (2) اتجاهات التَّغطية الصَّحفية لوسائل الإعلام المحلية في قضية تعديل أسعار المحروقات، والتي تنقسم إلى ثلاثة أقسام، هي: الاتجاهات السَّلبي والمحايد والإيجابي. وهذا التَّقسيم يكون بمقدار اتِّفاق التَّغطية مع معايير (أكيد)، فعندما تكون المادة الإخبارية ملتزمة بالمعايير تكون إيجابية، وفي حال عدم التزامها تصبح سلبية، وأما إن نقلت المادة دون أيَّ تدخل منها، فإنَّها تكون محايدة.
تبين لـ (أكيد) من خلال عملية رصد اتجاهات التَّغطية أنَّ 47 مادة صحافية منشورة كانت غير ملتزمة بالمعايير المهنية، والتزمت 63، بينما كانت النسبة الأكبر هي مواد محايدة، وبلغ عددها 123 مادة من أصل المواد المرصودة، والبالغ عددها 233 مادة صحافية.
الجدول رقم (2): اتجاهات تغطية وسائل الإعلام لقضية تعديل أسعار المحروقات
نوع الوسيلة الفن الصَّحفي |
مرئي |
مسموع |
مطبوع |
الكتروني |
متخصِّص |
المجموع |
سلبي |
7 |
3 |
10 |
27 |
- |
47 |
ايجابي |
5 |
5 |
18 |
35 |
- |
63 |
محايد |
8 |
15 |
35 |
65 |
- |
123 |
المجموع |
20 |
23 |
63 |
127 |
- |
233 |
ثبوت فرضية ضعف التَّغطية المعمقة لوسائل الإعلام
تبين لمرصد (أكيد) عدم قيام وسائل الإعلام المحلية بتغطية معمقة وسابرة لقضية تعديل أسعار المحروقات ورفع البنزين والديزل وتأثير ذلك على الأوضاع الاقتصادية. وأسهم أيضًا عدد من هذه الوسائل بنشر مواد صحافية تبين أنَّ أسعار المحروقات ارتفعت في دول عديدة حول العالم، ولكنها لم تقم بمقارنات للأوضاع الاقتصادية بين تلك الدول وبين الأردن حتى تقدم تغطية مهنية محايدة.
مخرجات وسائل الإعلام بين حارس البوابة وتأطير الرِّسالة الإعلامية:
يرى (أكيد) أنَّ نتائج الرَّصد المعمق، والتي تتبع المنهج العلمي تحتاج إلى وجود نظريات تُفسِّر ما تمَّ التَّوصل إليه من نتائج، حيث أنَّ أبرز نتائج التَّغطية الإعلامية لهذه القضية تمثَّلت بنقل مكثف من طرف واحد، وتنفيس انفعالي لأحاديث مواطنين حول عمليات الرَّفع، وغياب لافت للتغطيات المعمقة والتحقيقات الاستقصائية، وغياب لمحاور مهمة كان على وسائل الإعلام التَّركيز عليها، من أبرزها: أثر هذا الارتفاع على السكان مع ثبات الدخل وعدم رفعه، والنتيجة المقبلة القادمة على ظروفهم الاقتصادية.
ووجد (أكيد) أنَّ نظرية حارس البوّابة والتَّأطير الإعلامي هما أكثر النَّظريات التي قد تنطبق على نتائج هذه الدراسة من حيث التَّحكم بالمنتج الذي يظهر لجمهور المتلقين. وتبين أنَّ حارس البوّابة سمح قصدًا أو بدون قصد بمرور مثل هذا المحتوى الإعلامي أو منع بقصد أو بدون قصد مرور هذا المحتوى، وفي كلتا الحالتين كانت التَّغطية الإعلامية ناقصة وبعيدة عن هدفها النَّبيل، وهو إيصال المعلومات المتكاملة والواضحة لجمهور المتلقين.
واستطاع مُرسل الرسالة الإعلامية أن يقدِّم محتوى مؤطرًا للجمهور تمثَّل بنشر مواد صحافية تبين أنَّ ارتفاع المحروقات هو أمر عالمي، لكنه منع مرور أيضًا مقارنات لمستوى دخل الفرد بتلك الدول وبين مستوى الدخل في الأردن.
التَّغطيات السَّابقة: بُعد عن العمق ونقل من طرف واحد في الأغلب الأعم
عاد (أكيد) إلى تغطيات وسائل الإعلام المحلية المرصودة وتحديدًا بداية شهر حزيران وبداية شهر أيَّار وتبين له أنَّ وسائل الإعلام الـ 33 المرصودة، قدَّمت تغطية عادية لتعديل أسعار المحروقات وكانت المواد المنقولة تعتمد على خبر تمَّ نشره من لجنة تسعير المشتقات النفطية، ولجأ عدد من الوسائل لنشر منشورات لخبراء في قطاع الطَّاقة يبيّنون فيه أنَّ الأردن من بين أعلى دول العالم في سعر بيع لتر البنزين
ماذا غاب عن الإعلام في التغطية؟
يرى (أكيد) ومن خلال المعايير التي تضبط عمليات التَّغطية الإعلامية أنَّ وسائل الإعلام غاب عنها عدد من المحاور المهمة التي ينتظرها جمهور المتلقين، وهذه المحاور، هي:
أولًا: ضعف ظهور معيار المتابعة المعمقة للقضية وتناول أبعادها كافة على الأردن وعلى السكان، ونقل انعكاس هذه التعديلات على حياة النَّاس.
ثانيًا: غياب مواد التَّوعية لجمهور المتلقين، والبدء باللجوء إلى أنماط اقتصادية جديدة تخفَّف أثر الارتفاع المتتالي على أسعار المحروقات.
ثالثًا: انتهى كثير من التَّغطيات الخاصة بارتفاع أسعار المحروقات بمجرد ظهور قضية رأي عام جديدة، وهذا ضعف واضح في أداء الرِّسالة الإعلامية.
رابعًا: غابت المصادر الموثوقة من الأكاديميين المتخصصين في الاقتصاد، وكيف تتعامل الدول في سد الفجوة بين ارتفاع الأسعار، وثبات الدخل، وارتفاع معدلات التضخم.
خامسًا: أغفلت وسائل الإعلام قصدًا أو بدون قصد البعد الاجتماعي والتَّأثير النَّفسي على العائلات والمجتمع جرَّاء ارتفاع الأسعار الخاصة بالمحروقات.
سادسًا: لم تنشر وسائل الإعلام مقارنات عادلة بين الدول التي ارتفعت فيها أسعار المحروقات وكيفية تعاملها مع الطبقات الاجتماعية في تلك البلاد والأردن، ما تسبّب بعدم الحياد والتوازن في تغطياتها.
توصيات (أكيد) في مثل هذه التَّغطيات:
يدعو (أكيد) وسائل الإعلام المحلية بمختلف مكوناتها إلى الالتزام بالمعايير المهنية التي تضبط عملها في مثل هذا النَّوع من التغطيات، والتي تضع التوازن والعمق في مقدمة أولوياتها عند التغطية للابتعاد بجمهور المتلقين عن التَّشويش والتَّضليل.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني