الثقة لم تمنح لحكومة الملقي.. لكن لم تسحب منها

الثقة لم تمنح لحكومة الملقي.. لكن لم تسحب منها

  • 2018-02-18
  • 12

أكيد- أسامة الرواجفة

اختلطت في وسائل إعلام أعداد وأسماء أعضاء مجلس النواب رافضي سحب الثقة ومؤيدي سحبها والممتنعين عن التصويت والغائبين عن الجلسة التي عقدها المجلس لطرح الثقة بحكومة الدكتور هاني الملقي يوم الأحد 18 شباط 2018 بناء على مذكرة موقعة من 22 نائبا تبنتها كتلة الإصلاح النيابية.

وفضلت وسائل إعلام من ضمنها صحف يومية، في صياغة أخبارها وعناوينها لتغطيات مجريات الجلسة، استخدام مصطلحات "منح الثقة" و"تجديد الثقة"، على أن صحيفة يومية استخدمت في خبرها المنشور على نسختها الورقية مصطلح "عدم سحب الثقة"، وجاء فيه "رفض مجلس النواب عصر الأحد سحب ثقته بحكومة هاني الملقي بعد مرور اربعة أشهر على تشكيلها"، كما استخدمت مواقع إخبارية عربية ذات المصطلح في عنوانها "مجلس النواب الأردني يرفض سحب الثقة من حكومة هاني الملقي".

ومنح مجلس النواب الثامن عشر الثقة لحكومة الدكتور هاني الملقي في 24 تشرين الثاني 2016، بأغلبية 84 نائبا فيما حجب الثقة حينها 40 نائبا، وامتنع عن التصويت 4 نواب، وغاب نائب بعذر، كما لم يصوت رئيس المجلس.

وتنص المادة 3/53 من الدستور على "يترتب على كل وزارة تؤلف ان تتقدم ببيانها الوزاري الى مجلس النواب خلال شهر واحد من تاريخ تأليفها اذا كان المجلس منعقداً وان تطلب الثقة على ذلك البيان".

وتنص المادة 53/1 من الدستور الأردني أنه "تعقد جلسة الثقة بالوزارة أو بأي وزير منها اما بناء على طلب رئيس الوزراء واما بناء على طلب موقع من عدد لا يقل عن عشرة أعضاء من مجلس النواب".

ويظهر من هاتين المادتين أن الدستور تدرج في مسألة الثقة بمنحها أولاً من قبل مجلس النواب بناء على بيان وزاري تتقدم به الحكومة عند تشكيلها وخلال شهر، "وفي هذه الحالة نقول أن المجلس منح الثقة للحكومة" كما يرى الصحفي المتخصص بالشؤون البرلمانية وليد الهباهبة ل"أكيد"، ويضيف "أما ما حصل بالأمس هو عدم سحب الثقة من الحكومة وليس منحها أو تجديدها". 

وتناقضت الأخبار في وسائل إعلام حول عدد الموقعين على مذكرة حجب الثقة رغم اعتماد الصحف اليومية رقم 22 نائبا، الا أن هناك مواقع اخبارية قالت أن عدد الموقعين وصل الى 24 نائبا، فيما أشار البعض الى عدم وجود رقم دقيق للموقعين على مذكرة الحجب.

وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي أخبارا تتحدث عن مغادرة 19 نائبا الى الديار المقدسة صبيحة يوم التصويت لاداء العمرة، فيما جاء النفي على أحد المواقع الالكترونية بعد تواصله مع "مصدر" لم يكشف عن هويته، وهو النفي الذي أكدته مجريات عملية التصويت مساء ذات اليوم.

ولعب عامل التسرع في نقل الأخبار عبر المواقع الإخبارية، دورا في نقل معلومات غير دقيقة، عقب اعلان حصيلة التصويت التي تمثلت في عدم سحب 67 نائبا الثقة بالحكومة و49 أيدوا سحبها وامتنع 4 أعضاء، فيما غاب عن الجلسة 9 نواب، يشكلون بمجموعهم 130 نائبا هم أعضاء المجلس منهم رئيسه عاطف الطراونة الذي لم يصوت.

والنواب الذين غابوا عن الجلسة وفق ما أعلنت الأمانة العامة للمجلس، موسى الوحش، محمود الطيطي، علي الحجاحجة، محمد العتايقة، رائد الخزاعلة، حسن السعود، محاسن الشرعة، نواف النعيمات، منتهى البعول.

وتفصيلا، نشر موقع الجزيرة الأردن على منصته في "فيسبوك" خبرا جاء فيه "نواب المفرق ومعان و بدو الجنوبمنحوا الثقة بالكامل لحكومة الملقي رغم أن بعضهم وقع على مذكرة حجب الثقة بالحكومة قبل اقرار الموازنة" وضمنت خبرها صورة "احتجاج في معان قبل يومين ضد حكومة الملقي".

وبالعودة الى قائمة النواب تبين أن النائب محمد الفلحات من معان قد سحب الثقة، كما أن النائب رائد الخزاعلة ظهر ضمن قائمة الأمانة العامة للمجلس، للنواب الغائبين عن الجلسة، وبالتالي فان نواب محافظتي معان والمفرق لم يرفضوا سحب الثقة باكملهم من حكومة رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي خلال الجلسة.

وتضمنت قوائم نشرتها مواقع الكترونية أخطاء في أسماء النواب رافضي سحب الثقة ومؤيدي سحبها، حيث تظهر النائب ريم أبو دلبوح بين قوائم ساحبي الثقة، وهي في واقع الحال قد رفضت سحب الثقة من الحكومة من بين 20 سيدة (9 سحب ثقة) و(8 عدم سحب ثقة) وامتنعت سيدتان (وفاء بني مصطفى، منال الضمور) وغابت عن الجلسة سيدة واحدة هي منتهى البعول.

وما فرغت وسائل اعلام من الحديث عن سحب الثقة، الا وبدأت تتحدث عن تعديل وزراي مرتقب على حكومة الدكتور هاني الملقي، مع بناء هذه الأخبار على توقعات دون اسنادها الى مصادر واضحة ومحددة تؤكد أو تنفي احتمالية لجوء الحكومة الى تعديل بعد تجديد ثقة مجلس النواب فيها.

ونشر أحد المواقع خبرا جاء فيه "أكدت مصادر عليمه، أن رئيس الوزراء هاني الملقي سيجري تعديلا وزاريا على حكومته خلال اليومين القادمين. ورجحت المصادر ان الحقائب التي سيطالها التعديل من خمس الى ست وزارات منها وزارة سيادية".

"الحديث عن التعديل الحكومي يقترب من الواقع أكثر من كونه اشاعات في هذه الايام"، كما يقول الصحفي المتخصص في الشؤون البرلمانية ماجد الأمير ل"أكيد" ، ويضيف "اعتقد ان الرئيس وبعد مرضه الذي أعلن عنه، نصح باجراء تعديل وزراء يمكنه من تعيين نائب للرئيس قوي يتصدى معه للملفات الحكومية المقبلة، الأمر الذي يمكن أن يستثمره رئيس الوزراء في إدخال وزراء جدد للحكومة منهم وزير للنقل خلفا للوزير المستقل".

وعن سبب الأخطاء في الأخبار المتداولة بوسائل الاعلام حيال جلسة الثقة، يقول الأمير "الشؤون البرلمانية تحديدا تحتاج الى صحفيين متخصصين لتغطيتها، كونها مرتبطة بخبرات أهمها التشريعية، لكن ما يحدث عند وجود قضية كبرى أو أزمات في مجلس النواب كطرح الثقة بالحكومة يتم تكثيف التغطيات وحضور اعداد كبيرة من الصحفيين غير المتخصصين وبالتالي تصبح احتمالية الخطأ أكبر لضعف الخبرة في هذا المجال".

ويضيف "ان خبر مغادرة 19 نائبا لاداء العمرة لا يمكن ان يصدقه صحفي متخصص بتغطية الشؤون البرلمانية حتى لو سمعه من موظف في المجلس، فلا يعقل ان يسافر 19 نائبا خارج الوطن في نفس يوم مناقشة الثقة، وحتى في حال الشك بمصداقية الخبر يمكن التأكد منه عبر أكثر من وسيلة منها التواصل مع الأمانة العامة للمجلس".

ويشير الى أن "الصحفي المتخصص يرتبط بعلاقات مع أغلب النواب ومطل على توجهاتهم، وبالتالي يمكنه توقع مواقفهم حيال القضايا المطروحة في المجلس، ناهيك عن امتلاكه ميزة الوصول الى أغلب أعضاء المجلس والامانة العامة بسهولة للتأكد من أي خبر". 

ويعيد الصحفي وليد الهباهبة الأخطاء في تغطيات مجلس النواب الى مسألة التسرع والاعتماد على نسخ الأخبار، لافتا الى أن اعتماد وسائل اعلام على شخص واحد لرصد مجريات الجلسة كفيل بتعميم الخطأ عند حدوثه، وتعززه مسألة النسخ من وسائل اعلام دون التأكد أو مراجعة الخبر.