ترجمة بتصرّف: رشا سلامة
أفضى ضعف سويّة التربية الإعلامية لجعل الأتراك أكثر عرضة للأخبار المفبركة، وفقاً لـ Şükrü Oktay Kılıç خبير المحتوى الرقمي في منصة التحقق teyit.org.
وقد كان لجريدة Hürriyet Daily News التركية هذا الحوار معه حول دور المنصة الآنفة في محاربة الأخبار المفبركة وتكريس المزيد من التربية الإعلامية:
واحد من كل اثنين يستخدمان الإنترنت هنا يقول إنه كان عرضة للأخبار المفبركة؛ ذلك أنه غير قادر على تصنيف خبر ما بالمفبرك حين يراه؛ بسبب ضعف سويّة التربية الإعلامية في تركيا.
نتلقّى يومياً ما يقارب 30 إشعاراً حول وجود أخبار مفبركة عبر منصات التواصل الاجتماعي. في مرات، يكفي أن ننظر إليها لنعرف أنها مفبركة، لكن في غضون لحظات تصبح متداوَلة بين الناس وتُعامَل كما لو كانت خبراً موثوقاً. ليس الأمر مقتصراً على وسائل التواصل الاجتماعي فحسب، بل ثمة جهات إعلامية مكرّسة تتعثر في هذا المطبّ وتنشر بعض الأخبار المفبركة.
لقد كنت شاهداً على هذا بنفسي. وكالة إخبارية نشرت صورة تعود لتفجير في روسيا، ليتبيّن أنها في أوكرانيا. لقد وصل الأمر حدّ ضرورة التدقيق على المعلومات التي ترِدك من وكالة أنباء تقدّم خدماتها لك نظير النقود. يعمل المحرّرون في غرف الأخبار تحت ضغط الوقت وهم يضطرون في مرات للاعتماد على هذه الوكالات، لكن لا بد من التدقيق. وفي ما يتعلق بالمتابعين، فإنهم لن يُشكّكوا في قناة تعرض لعبة فيديو على أنها عملية عسكرية في سوريا. مهمتنا صعبة للغاية؛ ذلك أن الأخبار المفبركة باتت السائدة في تركيا.
أُنشِئت هذه المنصة في العام 2016، على يد صحافي شاب هو Mehmet Atakan Foça. لقد احتفلنا بعامنا الثاني في أكتوبر الحالي. كان هذا الصحافي يتحقّق بشكل شخصي (عبر حسابه على منصات التواصل الاجتماعي) من الأخبار التي تبدو له مفبركة، وانتهى الأمر بكثير من المتابعين له. بدأ الأمر بمحاولة شخصية ومن ثم فريق عمل لينتهي بعلامة مسجّلة، وبتشجيع مشكور من مركز الدعم الاجتماعي في جامعة أنقرة. لقد تزامن هذا مع فترة قلاقل وتفجيرات وعمليات عبر الحدود. لم يكن الناس قد استوعبوا بعد ما يجري في البلاد.
لقد باتت منصة teyit.org جزءاً من الشبكة العالمية للتحقق من المعلومات، والثالثة في التحقق من المعلومات عبر منصة "فيسبوك". وكجزء من عملنا في التحقّق، فإننا نقدّم النصائح والمعلومات حول وسائل التأكد من صحة الأخبار.
تُمطِر منصات التواصل الاجتماعي الناس بكثير من الأخبار، التي يحدث أن تكون مفبركة وتحديداً في الأوقات الحرجة مثل الانتخابات، ولم يعد هنالك اهتمام لدى الناس بالتحقّق من هذه الأخبار عبر الجرائد. لذا، فإنهم يأتون لـ teyit.org؛ ذلك أن هذه المنصة تقوم بـ "فلترة" المحتوى؛ لاستطلاع مدى صحة المعلومات والأخبار الواردة. وحتماً هنالك أخبار لا يمكن لنا الجزم بصحتها أو فبركتها، فنقرّ بذلك.
من خلال عدد المتابعين والمعلّقين. لدينا ما يقارب 330,000 متابع عبر منصة "تويتر". هذا عدد ضخم في حال عرفتِ أن عددنا كفريق لا يتجاوز 11.
كما نقيّم مدى الاهتمام بنا من خلال ما يصلنا من تعليقات وردود أفعال من قِبل الناس لا سيما مَن يملك منهم عدداً جيداً من المتابعين، كما حدث مع رئيس بلدية أنقرة السابق Melih Gökçek، الذي اعتذر بعد تفنيدنا صورة ومعلومات كان قد نشرها. وقد حدث الأمر أيضاً مع قناة الجزيرة. حين نرصد مخالفة ما، نتابع ما إذا تم تصحيحها أم لا؛ لتقييم حجم الأثر الذي نُحدِثه.
السياسة ثم التعليم ثم الصحة ثم اللاجئين. ثمة منصات أخرى غيرنا، لكن ما يُميّزنا هو تتبّع الأخبار المريبة الموجودة عبر منصات التواصل الاجتماعي.
أتحدث هنا من منظور شخصي. أظن أن حالة الاستقطاب الموجودة لدينا هي السبب. يرى الباحثون أننا نميل لمشاركة الأخبار التي تعكس وجهة نظرنا. لدينا وجهات نظر وحين نعرضها في الشارع أو وسائل التواصل الاجتماعي، فإننا نستثمر بها، وحين نرى ما يُدعّم استثمارنا هذا، فإننا نشاركه حتى لو كان يبدو مريباً أو غير مُتحقّق من صحته.
إنهم أشخاص ذوي نوايا سيئة. قد يكونون من السياسيين الذين يريدون تحقيق مكاسب سياسية ما. قد يكون ثمة مآرب اقتصادية لدى من ينشرون هذه الأخبار المفبركة. قد تكون دول وحكومات وأنظمة وحتى الدول الأوروبية التي نخال أنها متقدمة ديموقراطياً، قد تكون من ضمن القائمة. ثمة خيط رفيع بين البروباغندا وبين الأخبار المفبركة، وفي الحالات الآنفة فإن الخيط يتلاشى.
لقد وصل الاستقطاب مرحلة متقدمة في تركيا. ثمة تحيّزات بين المواطنين ضد بعضهم البعض. يُفضي هذا للحساسيات التي يتنبّه إليها مفبركو الأخبار، في رغبة منهم لتأجيج المزيد منها. التربية الإعلامية والرقمية ضعيفة، ما يُسهم بدوره في مزيد من الهشاشة في هذا الجانب. نحاول تعبئة الفراغات فنتحدث في الجامعات ونخاطب الصحافيين، محاولين خلق مزيد من الوعي حتى لدى طلبة المدارس والأهالي.
نُحضّر محتوى ثلاث مرات أسبوعياً ونقوم بنشره في جميع مواقف النقل التي تملك شاشات مثل الـ "ترام" والـ "مترو" والعبّارات في إسطنبول. نفنّد للناس كثيراً من الأساطير المتداولة مثل أن دورة حياة الفراشة 24 ساعة؛ لأجل لفت نظرهم للمعلومات التي لطالما تعاملوا معها كحقائق غير أنها ليست كذلك. نحاول إحياء النزعة التشكيكية لديهم.
لا شك أن ثمة عامل آخر مهم هو حرية الإعلام وإبداء الرأي، ونحن من بين الأدنى في هذا المجال. ويشير باحثون أن الدول التي تملك سقفاً منخفضاً في حرية الإعلام والتعبير عن الرأي تكون أكثر عرضة للمعلومات المضلّلة.
أظن أن لدى الشريحة العمرية المتقدمة صعوبات أكبر في مجال التربية الإعلامية. لو لم أكن أعمل في teyit.org، لما كان والدي قد سمِع بهذه الثيمة من قبل. نعمل على مكافحة الأخبار المفبركة حتى في الدوائر الضيقة مثل تطبيق "واتساب". نجد صعوبة في مرات في سؤال أصدقائنا وأقاربنا عن مدى موثوقية ما يُشاركون عبر هذا التطبيق. يخشى بعضنا أن يتسبّب سؤال كهذا بامتعاضهم، فنحاول كمنصّة قول ذلك بطريقة مهنية.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني