أكيد – رشا سلامة
انطوَت مادة صحافيّة، منشورة عبر موقع إلكتروني لقناة عربيّة، على تحيّز مُبطّن من الكاتب يصبّ في خانة التمييز الدينيّ، حول ما اصطُلح عليه "ميني حجاب" في الأردن، كما احتوَت المادة على أحكام مُسبقة وآراء شخصيّة، غير مُدعّمة بحقائق تاريخيّة واضحة، وتضمّنت صورة مُلتَقطَة لفتيات أردنيّات بالحجاب، من دون التعتيم على هُويّتهن، رغم كون بعضهنّ يرتدين ما يُعرف بالـ "ميني حجاب"، والذي تمّ تناوله، في المتن، في سياق الانتقاد، ما يُعدّ مخالفة مهنيّة كذلك.
وَرَدَت في المادة بعض العبارات التي تحمل حُكماً، والتي تعكس انحياز الكاتب لوجهة نظر بعينها، مثل "معظمهنّ محجّبات حتى لو كان حجاباً مختصراً جداً لنا أن نسميه ميني حجاب، وفي أحيان يتندّر البعض عليه ويسمّونه سيمي حجاب أي شبه حجاب". كما ترد في التقرير بعض العبارات التي تقترب من "باب السخرية"، حيث يقول الكاتب: "تتعدّد مظاهر وأصناف هذا الشكل الخفيف المتقشف جداً من الحجاب، فهو قد يأتي على شكل غطاء للرأس من الحرير أو الساتان ويكشف عن جزء من مقدّمة الشعر الغرّة، أو طاقية صغيرة تغطي أيضاً جزءاً من الشعر وتبقي بعض الخصل منسدلة على الخدّين، وهو قابل للتطوّر مستقبلا بأن يتحول إلى باروكة أسوة بفنانات عربيّات شهيرات".
وعلى الرغم من محاولة إحداث التوازن، من خلال سوق آراء كاتبات، تحمل وجهتيّ النظر: مع وضدّ، وعلى الرغم من محاولة إسباغ الطابع العلميّ على المادة من خلال استمزاج رأي أكاديميّ لأحد أساتذة علم الاجتماع، فإنّ الآراء التي حاول الكاتب الإيحاء بأنها "من نبض الشارع" لم تكن دقيقة، بل ذهبَ للقول: "الكثيرون لا يستسيغونه، ويعتبرونه تفريطاً بالحشمة وتشتعل صفحات فيسبوك بالسخرية والنكات بشأنه" وقوله في موضع آخر من مادّته: "أغلبيّة كبيرة ترى أنّ اللباس المحتشم أساسه دينيّ، وهو يُعبّر عن الالتزام". كما تفتقر المادّة إلى تعدّد وجهات النظر من "العامّة" حيث لم يرد اسم شخصيّة واحدة من بينهم في متن المادة، التي صنّفها كاتبها تحت باب "التحقيق الصحافيّ" – والذي يُعدّ واحداً من الفنون الصحافيّة التي تقوم على تعدّد وجهات النظر وتنوّع المصادر لإضفاء التوازن على المادة الإعلاميّة.
ويُذكّر "أكيد" في هذا السياق بضرورة الابتعاد عن نبرة "التمييز الدينيّ" في المواد الصحافيّة، وضرورة أن ينأى الصحافيّ بنفسه وأن يتجنّب الإدلاء بآرائه الشخصيّة وإقحامها في متن المادة، سواءً كان هذا بطريقة مبطّنة أم معلنة، كما يجدر بالصحافيّ الابتعاد عن صيغ التعميم التي تخلّ بمهنيّة المادّة، واستبدال ذلك بآراء مُعلنة وواضحة، وباستعراض وافٍ لشرائح اجتماعيّة متباينة، أو استشهاد باستبانات دقيقة شملت طيفاً واسعاً من الذين يتمّ استطلاع وجهات نظرهم.
كما يُذكّر "أكيد" بضرورة الابتعاد عن إظهار هويّة الآخرين في الصور دون إعلامهم، وحتى في حال إعلامهم، لا بدّ من توخّي الحذر عند إرفاق صورة بموضوع ينطوي على حساسية أو يحمل طابع الانتقاد السلبي.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2025 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني