أكيد – ترجمة بتصرّف: دانا الإمام
إنّ انتشار الأخبار المغلوطة عبر منصّات التّواصل الاجتماعيّ ليس بالأمر الجديد، لكنّ أثره كان كبيراً منذ بداية عام 2020؛ إذ ساهم نشر معلومات خاطئة ونصائح غير دقيقة عن طرق مواجهة فيروس "كورونا" في التّسبُّب بوفاة آلاف المصابين بالفيروس بطريقة غير مباشرة. لكنّ بحثاً جديداً كشف أنّه بالإمكان تحفيز المُستخدمين على توظيف التّفكير النّاقد قبل النّشر.
في الوقت الذي كان لارتداء الكمّامات الطبيّة والمُحافظة على مسافات التّباعد الاجتماعيّ دوراً كبيراً في التّخفيف من سرعة انتشار فيروس "كورونا" المستجدّ، أصرّ العديد من الأشخاص على عدم الالتزام بهذه التّعليمات. ويُمكن عزو ذلك إلى أسباب عدّة منها صعوبة تصديق النّاس لقُدرة "الفيروس" على الانتشار بسهولة وسرعة فائقة، إضافةً إلى صعوبة تصوّرهم لجديّة الآثار النّاتجة عن الإصابة بعد فترة قد تصل إلى ثلاثة أسابيع.
سببٌ إضافيّ لعدم الالتزام لا يُمكن إنكاره هو انتشار معلومات مغلوطة عبر مواقع التّواصل الاجتماعيّ. ويُمكننا القول هنا إنّ ما ننشُره أو نُشاركهُ على صفحاتنا على هذه المنصّات أصبح مسألة حياة أو موت؛ لأنّه يؤثّر بشكل مباشر على قرارات يتّخذها المستخدمون الآخرون ويتحمّلون تبعاتها التي قد تكون مؤذية أو مميتة في بعض الأحيان.
ويؤكّد تقريرٌ جديد أصدرته مجلّة العلوم النّفسيّة أنّ تفكير الأشخاص بمدى دقّة المعلومات التي يريدون نشرها قبل القيام بعمليّة النّشر يجعلهم أكثر حذراً ويزيد من قدرتهم على تمييز المحتوى غير الدّقيق، وبالتّالي عدم نشره.
يقول المُعدّ الرّئيس للتقرير "غوردون بينيكوك": "عادةً ما يعتقد الأشخاص أنّ المعلومات الخاطئة أو الأخبار غير الدّقيقة تنتشر لأنّ ناشريها غير قادرين على التمييز بين ما هو صحيح وما هو خاطئ، لكنّ البحث أظهر أنّ هذا ليس صحيحاً بالضّرورة"، ويوضّح أنّ البحث أظهر أنّ مستخدمي وسائل التّواصل يميلون إلى نشر معلومات غير دقيقة عن فيروس "كورونا" لأنّهم لا يُفكّرون في مدى دقّة المعلومات قبل نشرها.
وتتكّون الدّراسة التي أُجريت على 1700 بالغ من شقّين؛ الشّق الأوّل تمّ فيه جمع 15 عنواناً لخليط من الأخبار الصّحيحة والخاطئة عن فيروس "كورونا"، وذلك بعد إخضاع هذه العناوين لعمليّة تحقّق دقيقة للتأكدّ من صحّة المعلومات من مصادر موثوقة مثل "مايوكلينيك" وغيرها. وجرى بعد ذلك عرض هذه العناوين على المُشاركين في الدّراسة على شكل عناوين لمنشورات على منصّة "فيسبوك"، وطُلب منهم تحديد إذا ما كانت العناوين دقيقة وإذا ما كانوا على استعداد لنشرها.
وبشكلٍ عام، وجد الباحثون أنّ مُستخدمي مواقع التّواصل الاجتماعيّ أكثر ميلاً لمشاركة معلومات غير دقيقة عند اعتمادهم على حدْسهم في تقييم دقّة المعلومات، إضافة إلى أنّ المُشاركين كعيّنة للبحث بصورة عامّة لم يُفكّروا كثيراً بمدى دقّة العناوين التي تضمّنتها الدّراسة عندما طُلب منهم النّظر إليها كعناوين لمنشورات على منصّات التّواصل.
أمّا في الشّق الثّاني من الدّراسة، طلب الباحثون من المشاركين تقييم مدى دقّة عناوين منشورات على مواقع التّواصل الاجتماعيّ عن فيروس "كورونا"، وتقدير نسبة دقّة كل عنوان على حدة قبل عرض العنوان الذي يليه في القائمة. ويُمكن القول إنّ التفكير في دقّة كل عنوان بمعزل عن غيره أسهم في زيادة تركيز المُشاركين على دقّة المعلومات الواردة في كلّ عنوان، وهو ما رفع مستوى الحذر لدى المُشاركين قبل نشر المحتوى على المنصّات الافتراضيّة.
تتوافق نتائج هذه الدّراسة مع نتائج دراسات سابقة تناولت المعلومات المغلوطة في مجال السّياسة، وهو ما يعني أنّ هناك المزيد من الأدلّة التي تؤكّد أنّه من الممكن تغيير طريقة نشر مستخدمي مواقع التّواصل للمعلومات بحيث يتحرّون المزيد من الدقّة قبل النّشر. ويعتقد الباحثون أنّ إدراج منصّات التّواصل الاجتماعي مؤخّراً لإرشادات تُحذّر المستخدمين من المعلومات غير الدّقيقة وتدعوهم للتّحقق من صحّتها يُعزّز جهود محاربة انتشار المعلومات الخاطئة.
"نحتاج إلى تغيير الطّريقة التي يتفاعل بها الأشخاص مع المعلومات على منصّات التّواصل"، وفقا لـ "بينيكوك"، الذي ينوّه إلى وجود حاجة متزايدة لأن يتوقّف الأشخاص لوهلة قبل النّشر ليُفكّروا إذا ما كان ينوون نشره صحيحاً أم لا.
وبخصوص تداول معلومات مُضلّلة عن "كورونا" عبر منصّات التّواصل، فإنّ نشر معلومات غير صحيحة عن الجائحة قد يُعطي شعوراً زائفاً بعدم خطورة "الفيروس"، كما أنّ نشر الأشخاص غير المُلتزمين بارتداء الكمّامات لصورهم على مواقع التّواصل قد يدفع غيرهم من الملتزمين إلى الشّعور بعدم جدوى ذلك، وبالتّالي التّوقّف عن الالتزام بالإجراءات الوقائيّة. وهُنا يجدُر الإشارة إلى أنّ غالبيّة مستخدمي هذه المنصّات يثقون بما ينشره الأصدقاء والمعارف أكثر ممّا قد يقوله مختصّون في مجال الصحّة.
المصدر: Forbes.com
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني