بدل المعالجة المهنية لظاهرة دوران الأغنام حول نفسها ..  وسائل إعلام تشّوش الرأي العام

بدل المعالجة المهنية لظاهرة دوران الأغنام حول نفسها .. وسائل إعلام تشّوش الرأي العام

  • 2022-12-03
  • 12

عمّان 4 كانون الأول (أكيد)- سوسن أبو السُّندس- تناقلت وسائل إعلام وجود حالة غير مالوفة  في حظيرة أغنام في الكرك تُشير إلى دوران الأغنام حول نفسها بشكل دائري، لكنَّ التفسيرات التي تبنتها هذه الوسائل، اتّسمت بعدم الدِّقة والافتقار للمصادر الموثوقة.

المحتوى الإخباري انتشر أيضًا على منصّات التواصل الاجتماعي، وتم ربطه بحادثة مماثلة في الصين، حيث يدور قطيع من الأغنام في دوائر بلا توقف لمدة من الوقت.

مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد)، يرى أنه كان من المفترض على وسائل الإعلام التريث وعدم الاكتفاء بنقل الخبر عن شهود عيان دون العودة إلى مصادرمختصة أو خبيرة. 

وكان لافتًا أنه لم يُرصد أيّ جهد صحفي توجّه إلى الكرك ووثّق الحدث بصور ومعلومات من الميدان، لذلك بقي الرأي العام مشوشًا بسبب عدم الحصول على إجابة علمية شافية تُفسّر هذا الحدث، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه للتأويلات التي انخرطت بها وسائل إعلام في محاولة لتقديم الإجابة عنه، فعنون بعضها بـ: هل دوران الأغنام حول نفسها بالكرك من علامات الساعة؟.. مفتي الأردن يرد . كما لفتت الحالة نظر وسيلة إعلام خارجية عنونت بـ: مشهد مريب ظهر بالصين ثم الأردن.. أغنام تدور حول نفسها....

تتبع ( أكيد) العديد من التغطيات الإعلامية، ووجد مواد إخبارية حملت تضاربًا في المعلومات، أو نقصًا فيها ففي بداية التغطية لم تجب وسائل الإعلام عن تساؤل المواطن حول حقيقة الوضع أو سببه، إن كان مرضًا ينتقل بالعدوى أو سلوكًا غريزيًّا يحدث نتيجة عرض ما للأغنام، إلا أن بعض التأويلات دفعت بوسائل الإعلام إلى الاستيضاح من جهات غير مختصة في الظاهرة، إلى درجة أربكت دائرة الافتاء ودفعتها إلى اجتماع طارىء لدراسة الظاهرة، وتوصلت إلى أنه لا علاقة لدوران الأغنام بعلامات الساعة أو الدين، وأعلن فيما بعد عبد الكريم الخصاونة مفتي عام المملكة عبر وسائل الإعلام أنَّ الظَّاهرة ليس لدائرة الإفتاء علاقة بها، وأنّ على الجهات المعنية بالظاهرة أن تقوم بتفسيرها.

وبقي الحال على ما هو عليه إلى أن أعلنت وزارة الزراعة عبر وسائل الإعلام تفسيرًا يشير إلى أنّ الأغنام الأمهات كانت تبحث عن مواليدها في الحظيرة المٌقسّمة الى عدة حظائر داخلية بعد رجوعها من المرعى، واعتبرت أن هذه الحركة هي تعبير عن سلوك الأمومة، وأن هذا السلوك يتلاشى مباشرة بعد تواصل الأمهات مع مواليدها.

وفي سياق آخر، لفتت وسائل إعلام النظر إلى تأويلات أخرى لحركة الأغنام بالاستناد إلى دراسات وبحوث على سلوك الحيوانات والطيور تربط السبب بازدياد النشاط المغناطيسيّ الشمسيّ وتأثر الأرض به، ما يتسبَّب باضطرابات فسيولوجية لدى الحيوانات، إلا أنّ مواقع إخبارية أخرى نفت هذه الفكرة، وعنونت على لسان مختصين أنه لا علاقة للظواهر الفلكية بما حدث للأغنام، فيما نقلت وسيلة إعلامية تفنيدًا لتفسير وزارة الزراعة، وقالت إنَّ ما حدث جاء نتيجة حالة مرضية تصيب الأغنام بناء على تصريحات نقيب الأطباء البيطريين الأسبق أحمد العجلوني، رغم أن هذا التفسير لم يقترن بمعاينة الأغنام.

لاحظ (أكيد) أنّ معظم وسائل الإعلام اتجهت إلى التهويل وعدم الدّقة، وقدّمت السبق الصحفيّ على المعلومة الدقيقة، بينما كان يتعين عليها أن تركّز على ذكر التصريح الرسميّ، والتعليق عليه ومناقشته إذا لزم الأمر، مستندين إلى الأدلة العلمية القائمة على الكشف الحسيّ على الأغنام، وهو ما تفردت به وزارة الزراعة.