"غسل الموتى" .. زاوية مهمة وتحقيق يعالج قضية حقوقية لحماية كرامة المتوفين وشعور ذويهم

"غسل الموتى" .. زاوية مهمة وتحقيق يعالج قضية حقوقية لحماية كرامة المتوفين وشعور ذويهم

  • 2023-02-11
  • 12

عمّان 12 شباط (أكيد)- أتت الشرائع السماوية على ذكر الموت باعتباره حقيقة مسلّمًا بها، فلا ينجو منه أحد، ويقف الإنسان عاحزًا أمامه بمشاعر مختلطة بين رهبة الحدث ووجع الفقد، ما يضع الموت في هالة تفرض نوعًا خاصًا من التعامل معه.

وسيلة إعلام محلية سعت للكشف عن تفاصيل قضية تمس حرمة الأموات وتنتهك شعور ذويهم في لحظات الفقد الأولى (قبل الدفن) بعنوان: (من داخل "ثلاجات مستشفيات".. موتى يستنجدون: أغيثونا)، في قضية حملت جهدًا صحافيًا كبيرًا تحركت معه السلطات المسؤولة لضبط مخالفات وتصويبها وحماية كرامة الموتى ومشاعر ذويهم. 

مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) وجّد أنَّ التحقيق ذهب إلى زاوية لم ينتبه لها أحد، وتتبّع القضية وجمع كثيرًا من خيوطها، وأفرد لها مساحة كبيرة على الصَّفحة الرَّئيسة وعلى صفحة كاملة داخلها، والتزم التحقيق بالتوازن وحماية الضحايا، وفضحِ انتهاكات كانت تتم بحق أعداد من المتوفين. 

تحقَّق مرصد (أكيد) من محتويات التَّحقيق، فتبين أنَّ هناك عددًا من المعايير كان على التحقيق الاهتمام بها، ورغم انَّ ذلك لا ينتقص من أهمية المادة الصَّحفية وقيمة الزَّاوية والمصلحة العامة التي تعالجها، إلا أنَّه يتعيّن عدم التَّهاون في جانب الالتزام بتلك المعايير. 

ويرى (أكيد) وجوب الانتباه للمعايير المهنية كاملة في أيِّ تغطية صحفيّة لتحقق الصحافة مهمتها النبيلة. فقد تبين لـ (أكيد) أنَّ عنوان التحقيق لا يعبر بشكل دقيق عن المحتوى، فهو يتحدث عن ثلاجات الموتى بينما تتركّز المشكلة في من يغسّلهم، لذا كان الأولى أن يكون العنوان على سبيل المثال "من على دكّة غسل الموتى"، لأنَّ العنوان يجب أن يكون معبرًا بدقة وأمانة عن المادة الصحفية.[1]

ويشير (أكيد) إلى أنَّ التحقيق لم يذكر عدد الحالات التي تم توثيقها حول المشكلة وأماكن تواجدهم والمستشفيات التي رُصدت في القطاعين الحكومي والخاص، وأيًا من هذه المستشفيات عانت من تكرار الحالات حتى لا يدخل الجمهور بحالة من عدم اليقين وغياب الدِّقة والموضوعية تجاه ما ينقلة التحقيق من معلومات، ما يمكن أن يتسبب بنشر الإشاعات والأقاويل في أوساط الجمهور.

كذلك أفاد التحقيق أنه نتيجة ارتفاع أسعار مادة الكافور التي تستخدم في تجهيز الجنائز تم استبدالها بملح الليمون للتشابه بينهما دون أن يوضح فرق الأسعار بينهما لإظهار قيمة الارتفاع، واكتفى بنقل المعلومة على لسان الوسيلة الإعلامية دون الاستعانة بأهل الاختصاص لشرح ما ذهبت إليه، لأن من واجب الصحافة التحقق من صحة المعلومات قبل نشرها.

ولاحظ (أكيد) أنَّ التحقيق قد أورد اتّهامات لبعض العاملين في قطاع غسل وتكفين الموتى (غير المرخّصين) بأنَّهم من أصحاب السوابق "يحملون قيودًا بتعاطي المخدرات والشروع بالقتل"، ويؤكد في مرحلة لاحقة التدقيق أمنيًا من قبل معدّ التحقيق على عدد من هؤلاء الأشخاص ليثبت تورطهم في الجرائم سالفة الذكر، فظهر هنا وجود قصور في متابعة هذا القطاع مع أمانة عمّان باعتبارها المكلّفة بمنح التراخيص والرقابة عليها، لأن من واجب الصحافة مساندة سيادة القانون.

وأكدّ التحقيق وجود شروط لترخيص مراكز لخدمة الجنائز، لكنه لم يبين كيفية الرقابة على هذه التراخيص، واكتفى بالقول إن منح التراخيص ومتابعتها من واجب دائرة التراخيص والمهن دون أن يبيّن كيفية عملهم وعدد المراقبين وإن كان هناك ضبط لمخالفات وماهي هذه المخالفات وفي حال وجودها ما الإجراء القانوني المتبع متناسيًا أن للصحفي الحق في الوصول الى المعلومات والاخبار والاحصاءات التي تهم المواطنين من مصادرها المختلفة وتحليلها ونشرها والتعليق عليها .

وتحدث التحقيق عن تسجيل أشخاص لطلبات تسجيل لمراكز خدمة الجنائز لكنهم يعملون دون استكمال هذه الإجراءات، ما يعني وجود قصور في عمل دائرة تراخيص المهن التابعة لأمانة عمان، والتحقيق لم يتحدث عن هذا، ولم يجب عن أسئلة الجمهور بشأن من يتحمل مسؤولية ذلك، ما ينتقص من حق الجمهور بالمعرفة والوصول للمعلومات، والذي هو جزء رئيس من مهام الصحافة.