عمّان 23 شباط (أكيد) عُلا القارصلي- أغفلت وسائل إعلام محلية معيارًا مهمًا في تغطيتها لمغادرة حدثين منزل ذويهما لأسباب متعدِّدة، وتمثَّل هذا المعيار بالحاجة للوقاية من الأثر السَّلبي الذي قد يلحق بهما على المدى البعيد، ومنح الفرصة للتَّعامل مع القضية أمنيًا، لكنّ الوسائل المرصودة استضافت شخصيات القصَّة، ووسّعت تغطياتها رغم أنَّ الممارسة الفضلى في قضايا كهذه تتطلب خفض صوت الإعلام قليلًا.
وتتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) القضية، فتبيّن أن البداية كانت من مواقع التَّواصل الاجتماعي، ولحقت بها وسائل الإعلام، ودعم ذلك ظهور ذوي الحدثين والإدلاء بتفاصيل ومعلومات للرأي العام، رغم أنَّ المسؤولية الاجتماعية تتطلب منهم حماية خصوصية أبنائهم والتَّعامل مع القضية بحذر شديد وخصوصية عالية، بالتَّعاون مع الأجهزة الأمنية المختصّة، خصوصًا أنَّهما ينتميان لمرحلة حسَّاسة ومهمة من حياتهما.
مواقع التواصل الاجتماعي كانت قد تداولت على مدار أيَّام قصة اختفاء حدثين من محافظة أربد، وأثارت القصة الرأي العام، وسرعان ما انتقلت إلى وسائل الإعلام التي سارعت إلى إجراء مقابلات مع الأب للحصول على معلومات عن سبب اختفائهما رغم خطورة ذلك نفسيًا على ابنيه، فروى ظروف الاختفاء الغامضة المرتبطة برسالة وكتاب "الأب الغني والأب الفقير".
وبعد أربعة أيام تم العثور عليهما في أحد مناطق عمّان، وقام الأب بتسليم ابنه بغير قصد والتنبؤ بالأثر المستقبلي على ابنه لوسائل الإعلام لإجراء المقابلات معه وتصويره وكأنه بطل ولديه قدرة على التفكير العميق في هذه المرحلة العمرية، بينما كان من الأولى ترك الموضوع للجهات المختصة مثل الأمن العام وحماية الأسرة للتعامل مع سلوك الحدث، والابتعاد عن إجراء المقابلات معه، وعدم نشر صورته حتى لا تترك هذه المقابلات أثرًا عليه على المستوى البعيد لاسيما أنه ما زال في طور النمو.
وبعد وصول القصة إلى مرحلة لا رجوع منها، تواصل (أكيد) مع أخصائية العلاج النفسي السلوكي أمل الكردي لمعرفة الطريقة الفضلى للتعامل مع الأبناء في هذا العمر، وتأثير ما حدث على الحدثين في المستقبل، فأشارت إلى أنهما ارتكبا أخطاء كبيرة منها إثارة خوف أهلهما وخوف المتلقين على أبنائهم وإثارة الرأي العام، وشدّدت على أنه يجب على الأهل الاهتمام بنوعية الوقت الذي يقضونه مع أبنائهم للتعرف على أفكارهم وتصويب الخطأ لأن نوع الوقت أهم من الكم.
وأضافت بأنه يجب على الأهل في هذه المرحلة الاستعانة بأصحاب الاختصاص لإخراجهما من أضرار تصرفهما وأبرز هذه الأضرار ملاحقة الإعلام لهما، ويجب مساعدتهما للتحكم بأفكارهما ومعتقداتهما، لأنه حتى الأطفال الأذكياء جدًا بحاجة لأشخاص يساعدونهم على توجيه ذكائهم بالاتجاه الصحيح.
ويشير (أكيد) إلى أنَّ وسائل الإعلام مارست دور التوعية للرأي العام بهذه الأفعال، لكن كان بالإمكان تناول هذا الدور دون إظهار أطراف القصَّة وتوثيق حديثهم غير المهم للرأي العام، بما يسهم في درء الضَّرر عن الحدثين في القادم من الأيام.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني