عمّان 27 آذار (أكيد)- سوسن أبو السُّندس- حتى وقت قريب، كان الجدل في مثل هذه الأيام ينحصر في المفاضلة بين اعتماد الرؤية البصرية أو الحسابات الفلكيّة لرؤية الهلال، لكنّ النّقاش اخذ مؤخرًا منحًى أكثر تعقيدًا يشير إلى أبعاد سياسية محتملة تؤثّر في توقيت إعلان العيد، هذا التحول لم يأتِ من فراغ بل جاء نتيجة تفاعلات واسعة على منصات التواصل الإجتماعي، وتلميحات إعلامية تشير إلى وجود تدخّلات خارجية في تحديد بداية شهر شوال في بعض الدول.
وفي ظل هذه الأجواء، باتت فوضى النّشر واضحة، وراحت بعض الوسائل تتعامل مع التقديرات العلمية باعتبارها قرارات نهائية، في تجاوز للمرجعيات الشّرعية المخوّلة، الأمر الذي يثير تساؤلات مهنية حول الدّقة والمسؤولية في تغطية المناسبات الدينيّة.
تتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردنية (أكيد) التغطيات المرافقة لإعلان موعد عيد الفطر، وإعلان رؤية هلال شوال، ولوحظ وجود خلط واضح لدى بعض وسائل الإعلام بين الجانب الفلكي والجانب الشّرعي، حيث اعتمدت معظم التّقارير الإعلامية على توقعات مركز الفلك الدّولي الذي أوضح استحالة رؤية هلال شوال يوم السبت، وبالتالي توقع أن يكون العيد يوم الإثنين في الدول التي تعتمد الرؤية الشرعية.[1] [2]
في المقابل، أكدت الجهات الشّرعية، عبر تصريحات مفتي المملكة، أن القرار النهائي لا يُتّخذ إلا بعد التّحقّق من الرؤية الشّرعية، ومداولات مجلس الإفتاء، موضحًا أن المعطى الفلكي أداة مساعدة وليس مرجعًا حاسمًا.[3]
يشير (أكيد) إلى أن التّسرّع في النشر، وتوظيف عناوين مضلّلة أو مثيرة، ممارسات تُضعف من مصداقية الوسيلة الإعلامية، حيث سارعت بعض الوسائل إلى تقديم التّقديرات الفلكيّة على أنها وقائع مؤكدة، دون انتظار القرار الشرعي أو التنويه بأن الأمر ما زال في نطاق التّوقّع. وفي المقابل، أبدت بعض المؤسسات الإعلامية بشكل مهنيّ حرصًا واضحًا على التّفريق بين "التوقع العلمي" و"الإعلان الشرعي"، باستخدام صيغ دقيقة، مثل: "فلكيًا من المتوقع..."، أو "بحال ثبوت الرؤية...".
أما بالنسبة لاستقلالية القرار الشرعيّ، فقد جاء التأكيد الرسمي واضحًا عبر تصريحات مفتي المملكة الذي شدّد على أن قرار تحديد العيد قرار شرعيّ مستقل، يُتّخذ داخل مجلس الإفتاء بناءً على دراسة المعطيات العلميّة والفلكيّة، ودون أي ضغوط أو تبعية لأي دولة أخرى. [4]
وبين المعطى العلميّ، والرّؤية الشّرعيّة إضافة إلى السياسة، يبقى الإعلام المساحة التي يُفترض بها أن تنقل الحقيقة كما هي، لا أن تفرض تصوّرًا مسبقًا عنها، فثقة الجمهور لا تُبنى على السّرعة، بل على النّزاهة والدقة والاحترام.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2025 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني