عمّان 11 شُباط (أكيد)- عُلا القارصلي- النّجاح في معالجة الفساد هو أكثر من مجرد القبض على الموظفين الفاسدين والمتلاعبين، وتنطوي هذه المعالجة على قيام الحكومات بتعزيز ثقافة النّزاهة على أعلى المستويات، وإنشاء المؤسسات التي تختص بهذا النَّوع من المكافحة، بالإضافة إلى القبض على المتورطين ومحاكمتهم.
لا يمكن فضح الفساد ومحاسبة الفاسدين إلّا بفهم الطّريقة التي يعمل بها الفساد، فعمله عادةً يكون في الظِّل، ويمكن أن يحدث في أي مكان، ويشمل أي شخص، وتكاليفه عالية تؤدي إلى تآكل الثقة، وإضعاف الديمقراطية، وإعاقة التّنمية الاقتصادية، وتعميق عدم المساواة والانقسام الاجتماعي.
ليس هناك اتّفاقية عالمية تهدف إلى الحد من الفساد، ولا توجد طريقة لقياسه ومعرفة درجات تأثيره على المستوى العالمي، وفي العام 1993 أنشِئت منظمة الشفافية الدولية، ونُشِر أول مؤشر لمدركات الفساد عام 1995، بتصنيف 45 دولة، لكن سرعان ما التقطت وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم المؤشر، ما أدى إلى زيادة الوعي العام بالفساد وإثارة المنافسة بين الدول لتحسين نتائجها.[1]
في أيامنا هذه، يصنف المؤشر 180 بلدًا وإقليمًا من خلال مستويات فساد القطاع العام على مقياس من صفر إلى 100، حيث يعني صفر شديد الفساد، وتعني 100 نظيف جدًا. ويشتمل المؤشر على مجموعة متنوعة من المؤشرات والدراسات الاستقصائية، بما في ذلك المقابلات مع قادة الأعمال، لتحديد تصوّرات الفساد في القطاع العام. وتهتم وسائل الإعلام بنقل نتائج المؤشر كل عام.
تخصص وسائل الإعلام مساحة لنقل نتائج المؤشر والإشارة إلى نتائج الدول، لإثارة المنافسة بين الدول لتحسين نتائجها. وفي هذا العام، اختلفت الزوايا التي اختارتها وسائل الإعلام المحلية لتغطية ترتيب الأردن على مؤشر مدركات الفساد للعام 2023، حيث اتجهت بعض التغطيات إلى الاكتفاء بذكر مرتبة الأردن حيث احتل الأردن المرتبة الرابعة عربيًا، و63 عالميًا، فيما توجّه بعضهم الآخر للإشارة إلى تراجع الأردن على المؤشر بمقدار درجة واحدة عن درجة العام 2022 لتصبح الدّرجة 46 من 100.
وسائل إعلامية محدودة نقلت البيان الصادر عن منظمة رشيد للنزاهة والشفافية (منظمة مجتمع مدني)، لأنه يشرح سبب تراجع مرتبة الأردن رغم أنه حافظ على الدرجة نفسها على معايير أربعة مصادر، وارتفع ضمن معايير ثلاثة مصادر، لكن سبب التراجع يكمن في عدم مشاركة مؤشر المنتدى الاقتصادي العالمي في التّقييم للعام الحالي، وعادةً ما يمنح هذا المصدر تقييمات عالية، لذلك رغم تحسن درجات المؤشرات الثلاثة، إلا أن إجمالي درجة مؤشر مدركات الفساد لهذا العام انخفضت.[2]
نقلت وسائل إعلامية سبب التراجع من بيان منظمة رشيد، لكنها لم تفرد أي مساحة للحديث عن التوصيات التي وضعتها المنظمة بناءً على مؤشر مدركات الفساد، حيث أرفقت المنظمة في البيان عشرين توصية تساعد في رفع درجة الأردن على مؤشر مدركات الفساد.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني