الإعلام الأردني يختصر تقرير غالوب بعناوين الغضب .. ويتجاهل الرسالة الأعمق حول السلام العاطفي والرفاه

الإعلام الأردني يختصر تقرير غالوب بعناوين الغضب .. ويتجاهل الرسالة الأعمق حول السلام العاطفي والرفاه

  • 2025-10-28
  • 12

عمّان 28 تشرين الأول (أكيد)- عُلا القارصلي- أظهر تقرير غالوب لحالة الصحة العاطفية في العالم 2025 نتائج مقلقة عن الأردن، إذ حلّ الأردنيون ثاني أكثر شعوب العالم غضبًا بنسبة 46 بالمئة بعد تشاد، فيما بلغت نسبة الحزن 42 بالمئة والألم الجسدي 54 بالمئة، وهي أرقام تضع البلاد ضمن قائمة الدول العشر الأعلى في المشاعر السلبية عالميًا، هذه النتائج لا يمكن تجاهلها، لكنها أيضًا لا تختصر القصة.[1]

رغم أهمية هذه الأرقام، تعامل الإعلام المحلي مع التقرير بسطحية واضحة، فاختصر تغطيته بعناوين مثيرة مثل: "الأردنيون ثاني أكثر شعوب العالم غضبًا"، دون قراءة ما وراء الأرقام. وتجاهلت معظم الوسائل الإعلامية أن التقرير لا يقيس "مزاج الشعوب" بقدر ما يرصد الهشاشة العاطفية كمؤشر على السلام والاستقرار، وأنه في المقابل سجّل ثباتًا لافتًا في المشاعر الإيجابية عالميًا مثل الاحترام والضحك، وهي معطيات لم تجد طريقها إلى العناوين.

لاحظ مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) من خلال الرصد الذي أجراه للمواد الصحفية التي نقلت نتائج التقرير، أن وسائل الإعلام لم تحاول تحليل الأسباب المحلية وراء ارتفاع الغضب والحزن كمشكلات المعيشة والبطالة والضغوط الاقتصادية، ولم تستعن بخبراء في علم النفس أو علم الاجتماع أو الاقتصاد لتفسير الظاهرة، وغابت المقارنات مع دراسات أردنية سابقة صادرة عن وزارة الصحة والمركز الوطني لشؤون الأسرة، والتي كانت قد رصدت اتجاهات مشابهة في القلق والاكتئاب.[2] [3]

يشير (أكيد) إلى أن التقرير، في جوهره ليس تصنيفًا تنافسيًا بين الشعوب، بل نظام إنذار مبكر يدعو المختصين إلى قراءة المشاعر العامة كإشارات على هشاشة السلام المجتمعي والصحي. ولعل تجاهل الإعلام لهذه الزاوية جعل القصّة تنحصر في رقم صادم بدل تحليل علمي عميق.

تقرير غالوب لم يقل إن الأردنيّين شعب غاضب، بل قال إنهم يعيشون ضغطًا عاطفيًا يعكس واقعًا اقتصاديًا واجتماعيًا هشًا، وهي إشارة لا يجب أن تُستغّل لترويج السلبية، بل لتشخيص مكامن الخلل واستخلاص ضرورة بناء سياسات تعيد التوازن النفسي والسلام المجتمعي، وعليه يتعيّن أن تكون التغطية الصحفية للتقارير البحثية تغطية علمية، وفي شتى الأحوال الانتباه إلى ما يلي:

1.   قراءة الدراسة كاملة بدل الاعتماد على ملخّصات المواقع.

2.   التحقّق من منهجية التقرير والسياق العالمي قبل إسقاط النتائج على الواقع المحلّي.

3.   الاستعانة بخبراء ومصادر علمية موثوقة لتفسير الأرقام.

4.   الموازنة بين عرض المؤشرات السلبية وإبراز فرص الإصلاح والتحسن.

يؤكد (أكيد) على ضرورة أن تكون التوعية الإعلامية جزءًا من استراتيجية التعامل مع نتائج تقرير غالوب، بحيث يقدّم الإعلام صورة متوازنة لا تركّز على الغضب وحده، بل تشرح الأسباب، وتوضّح الفروق بين المؤشرات السلبية والإيجابية، وتبيّن كيف ترتبط المشاعر اليومية بالسلام النفسي والاجتماعي. والجمهور مدعو إلى أن يدرك أن الأرقام ليست حكمًا على شخصية المجتمع، بل إشارات مبكرة لمخاطر محتملة.

هذا وينبغي أن يدعم الإعلام البرامج التي تعزّز السلام والاستقرار، وتسلّط الضوء على الجهود المبذولة للحدّ من العنف والنزوح والتشرذم الاجتماعي، مع التركيز على النساء والشباب لسد الفجوات الأكثر تأثيرًا في التوتر والقلق والأمان، ليصبح الإعلام شريكًا فعليًا في تعزيز الوعي الصحي والعاطفي للمجتمع، بدل أن يكون مجرد ناقل لأرقام صادمة.