الأضرار البيئية في غزّة .. تفاوت التّغطيات الإعلامية وتجاهل تأثير الحرب على ظاهرة الاحتباس الحراري

الأضرار البيئية في غزّة .. تفاوت التّغطيات الإعلامية وتجاهل تأثير الحرب على ظاهرة الاحتباس الحراري

  • 2024-01-20
  • 12

عمّان 19 كانون الثاني (أكيد)- عُلا القارصلي- في فلسطين أزمة المناخ ليست طبيعية فحسب، بل سياسية كذلك، فقد أكدت دراسة أجراها أكاديميون من جامعة الأمم المتحدة أن الأراضي الفلسطينية تعاني من الحرارة والجفاف وندرة المياه لأن معظم الموارد المائية تقع تحت سيطرة إسرائيل.

أشارت الدراسة إلى أن النّزاعات المستمرّة في المنطقة تؤدي إلى تفاقم الجفاف، وتعطّل استمرارية الأنشطة الزّراعية والحيوانية، وتُسبّب زيادة في الطّفيليات الضّارة والحشرات. وهذا يؤكد أن الهجمات الأخيرة على قطاع غزّة، وقطع الاحتلال إمدادات الغذاء والماء والأدوية والكهرباء، ستكون لها آثار بيئيّة خطيرة على المدى الطويل، وستطال هذه الآثار التربة والمياه والهواء والموائل البحرية. [1] [2]  

إن انبعاث كميات كبيرة من الغازات الدفيئة في النّزاعات يسهم بشكل كبير في تغيّر المناخ، والتّقاطع بين النزّاع والمناخ واضح بشكل خاص في قطاع غزّة الذي يواجه تهديدات مناخية تتفاقم بسبب الحرب والحصار والدّمار، حيث أدى الحصار الإسرائيلي والحرب المجنونة إلى تدمير غزّة من الناحية البيئية.

كان سكّان غزّة يحصلون على الكهرباء بمعدل أربع ساعات يوميًا قبل انفجار النزاع الأخير في السابع من تشرين الثاني (أكتوبر). وبما أنّ الوصول إلى المياه الآمنة والتصريف الآمن للصرف الصحي يعتمد على توفر الكهرباء بشكل منتظم، فإن نقص الأخيرة جعل المياه الجوفية في القطاع غير صالحة للشرب بنسبة 97 بالمئة. كما أنّ قطع إسرائيل إمدادات الكهرباء والوقود عن القطاع خلال العدوان الحالي أدى إلى توقّف عمل محطات معالجة مياه الصّرف الصّحي، وعددها ست محطات، ما يتسبّب بتدفق 130 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى البحر الأبيض المتوسط يوميًا. [3] [4] [5]

ولأن تسليط الضّوء على مدى التّرابط بين التّغير المناخي والحروب مهم لتوضيح كيف تؤثر النّزاعات على تقويض العمل المناخي الإقليمي والعالمي، تتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) تغطية وسائل الإعلام المحلية للأضرار البيئية الناجمة عن الحرب على غزّة، وأثرها على التّغيّر المناخي، فوجد تفاوتًا في التّغطيات الإعلامية بين الوسائل المحلية التي تقدم موادها الإخبارية باللغة العربية، وبين الوسائل المحلية التي تقدم موادها باللغة الإنجليزية.

فقد اقتصرت الموادّ باللغة العربية على نقل تأثير الحرب على البيئة وقطاع المناخ بشكل عام، وعلى كيفية تأثير الحروب على بعض المفاوضات في قطاع المناخ، إذ يُعدّ التركيز على القضايا الداخلية أولوية للحكومات أثناء الحرب، ولم نجد أي إشارة إلى أرقام ودراسات تشير إلى حجم الأضرار البيئية التي ستسبّبها الحرب الراهنة على القطاع. [6] [7] [8]

أما المواد باللغة الإنجليزية، فقد ذكرت الأضرار البيئية للحرب وكيف ستؤثر الأخيرة سلبًا على البيئة والمجتمعات. واستندت بعض المواد إلى دراسات توضّح كمية الانبعاثات من ثاني أكسيد الكربون في أول 35 يومًا من الحرب، حيث وصلت الانبعاثات إلى حوالي 60.304 مليون طن من مكافئات ثاني أكسيد الكربون. وإذا أخذنا لأغراض حسابية بفرضية امتداد الحرب لمدة عام، فإنّ إجمالي الانبعاثات سيتصاعد إلى 629 مليون طن، وهو ما يعادل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لدولة صناعية مثل ألمانيا في عام 2020، ويشمل هذا الرقم مجموعة من المصادر، أبرزها:

استهلاك الوقود: يقدر استهلاك الوقود خلال الحرب الإسرائيلية على غزّة بنحو 1.92 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.

الذخائر: تستخدم إسرائيل 50 ألف طلقة يوميًا (1.85 مليون على مدى 35 يومًا) وكل 1.4 طن يتمخض عنه حوالي 2.59 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون.

مادة (TNT): يبلغ اجمالي الانبعاثات الناتجة عن استخدام مادة تي. إن. تي. المتفجرة 0.044 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.

هدم المباني: يبلغ اجمالي الانبعاثات الناتجة عن تدمير المباني خلال 35 يومًا 27.5 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.

إعادة بناء البنية التحتية: يحتاج إعادة إعمار 50 ألف وحدة سكنية إلى 28.25 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.[9]

ولم يعثر مرصد (أكيد) على أي مادة صحفية بأي من اللغتين العربية والإنجليزية، تشير إلى تأثير الحرب على ظاهرة الاحتباس الحراري. وفي دراسة جديدة نشرت في موقع أبحاث الغد اليوم (SSRN)، كشفت أن الانبعاثات المسبّبة لظاهرة الاحتباس الحراري، والتي تُنتَج خلال 60 يومًا من الحرب في غزًة، كانت أكبر من الانبعاثات السّنوية لعشرين دولة، ما سيخلّف معاناة إنسانية غير مسبوقة وأضرارًا في البنية التّحتية وكارثة بيئية.[10]

وجاءت حرب غزّة وسط دعوات متزايدة لمزيد من المساءلة عن انبعاثات الغازات الدفيئة العسكرية، والتي تلعب دورًا كبيرًا في أزمة المناخ، لكنّها تظل سرّية وغير معروفة في مفاوضات الأمم المتحدة السّنوية بشأن العمل المناخي. ووجدت دراسة أن الجيوش مسؤولة عمّا يقارب 5.5 بالمئة من انبعاث الغازات الدفيئة على مستوى العالم سنويًا، أي أكثر من صناعات الطيران والشحن مجتمعةً، وهذا يجعل البصمة الكربونية العسكرية العالمية تمثّل رابع أكبر أثر على مستوى العالم بعد الولايات المتحدة والصّين والهند.[11]