عمّان 15 شباط (أكيد)- سوسن أبو السُّندُس- ألقت التّغطية الإعلامية عبء الانتشار الإعلامي للأحزاب السّياسية على كاهل الأحزاب وحدها، فبرزت الأحزاب السّياسية الأكثر نشاطًا وانتشارًا بين جمهور المتلقين.
يُعدّ الاعتماد على الأحزاب في الترويج لنفسها من خلال النشاطات ذات الطابع الجماهيري نمطًا إعلاميًا تقليديًا، إذ يفرض الحزب القوي ببرامجه وأنشطته وجوده على الإعلام، إلا أنّ المرحلة الجديدة قامت على توصيات لجنة ملكية لتحديث المنظومة السّياسية في الأردن بهدف تمكين الأحزاب السّياسية من تشكيل حكومات برلمانية، وتحفيز المواطنين على تشكيل أحزاب سياسية برامجية، والمشاركة فيها بحرية وفاعلية.
وفي هذا الإطار، فإنه يتعيّن تطوير العلاقة التفاعلية بين الأحزاب ووسائل الإعلام على نحو تشكّل فيه القضايا والتحديّات همًّا وطنيًّا واحدًا، بحيث ينعكس ذلك بشكل مباشر على اتّجاهات التّغطية الإعلامية المحلية للمرحلة السّياسية الجديدة، وأن يقدّم الإعلام فيها جهدًا إضافيًا في التّرويج والتّوعية.
أجرى مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) رصدًا كميًّا ونوعيًّا لمعرفة توجهات الإعلام الأردني في التّغطية الإعلامية للأحزاب السّياسية، فاشتملت عينة الرصد على 12 موقعًا إخباريّا، وقناتين تلفزيونيّتين، وإذاعة واحدة، إضافة إلى ثلاث صحف يوميّة، ابتداءً من الأول من تموز 2023، أي بعد إعلان الهيئة المستقلة للانتخابات أسماء الأحزاب التي استكملت متطلبات توفيق وتصويب أوضاعها، إلى الأول من شباط الجاري.
وفرّت عينة الرّصد 210 مادة إخبارية، بمعدل 1.8 خبر أسبوعيًا، الأمر الذي يشير إلى ضعف اهتمام وسائل الإعلام بقضية الأحزاب السّياسية، حيث ركّزت 195 مادة بنسبة 92.8 بالمئة من عينة الرصد على الحضور الإعلامي للأحزاب، والتي اشتملت على التّفاعل مع المناسبات الوطنية والاجتماعية، واللّقاءات التّعريفية من خلال زيارات الأحزاب للمحافظات، ناهيك عن إعادة نشر البيانات الصّحفية فيما يتعلق بالقضايا السياسية الراهنة.
تصّدرت ثلاث قضايا التّصريحات الرّسمية للأحزاب السّياسية، أهمّها الحرب على غزّة. واكتفت بعض الأحزاب بنشر بيان استنكار ورفض لواقع الحال، وبرزت أخرى في إسناد الموقف الرّسمي ودعمه من خلال إدارة الحراك الشّعبي المنسجم مع توجهات الدّولة الرافضة للحرب والتّهجير القصري للفلسطينيّين.
مستقبل الحياة البرلمانية ومعه الحياة الحزبية، نال مساحة من الحوار، انطوت على تساؤلات عن مدى النّضوج السّياسي عند الأحزاب، لاستثمار التعديلات على قانوني الانتخاب والأحزاب، وما خصّصه قانون الانتخاب من مقاعد نيابية للأحزاب بلغت 41 مقعدًا من أصل 138 في الانتخابات المقبلة، ليرتفع العدد تاليًا إلى 50 بالمئة، ثم إلى 65 بالمئة من عدد مقاعد المجلس، ما يتيح التقدّم على طريق تشكيل حكومة برلمانية.
الموضوع الثالث الذي تصدّر الحوار، ذهب باتّجاه قانون الجرائم الإلكترونية الجديد، وأعربت الأحزاب عن أملها في ألّا يؤثر هذا القانون على مجمل مسار التحديث السياسي وتطوير الحياة الحزبية.
جاء في عينة الرصد أيضًا 10 مواد صحفيّة نوعيّة بنسبة 4.8 بالمئة، واشتملت هذه العيّنة على سلسلة مواد إعلامية إسبوعية، ورصدت هذه الموادّ اتّجاهات متعدّدة انطلقت من الاهتمام بالتّوعية والتّثقيف بطبيعة المرحلة، وضرورة تكاتف جميع المؤسسات ومكونات الدولة في إنجاح التّجربة الحزبية للمضيّ قدمًا في خيار الإصلاح السّياسي وتشكيل الحكومات البرلمانية.[1]
عدة برامج انفردت في تنفيذ آلية التواصل المباشر بين الأحزاب السّياسية والجمهور. حيث نظمت حوارات ومناظرات تلفزيونية أو إذاعية تضم ممثلي الأحزاب لمناقشة القضايا السياسية والتفاعل مع أسئلة الجمهور، وعكست وجهات النظر المختلفة.[3] [2]
وفي الاتجاه الأوسع، تبدأ عملية بناء الأجندة في الأحزاب السياسية بعد تحديد القضايا الرئيسة التي تؤثر على المجتمع. ويستند الحزب بعدها إلى قِيمه ومعتقداته وأهدافه السّياسية، لذلك لا بد من الإشارة إلى الاختلاف في المعتقدات، وفتح باب الحوار بين الأجندات المختلفة من خلال جمع النّخب على مائدة النقاش حول القضايا التي تُعنى بالعمل الحزبي والتحديث السياسي والأولويات الوطنية، ما يتيح لجمهور المتلقين فهم أعمق لسياسات الأحزاب.
ورصد (أكيد) خمس موادّ بنسبة بلغت 2.4 بالمئة اهتمّت بالمشاركة الشّبابية، وتزويد الشّباب بالمعارف والمهارات اللازمة لانخراطهم في العمل السياسي والحزبي، إضافة إلى زيادة فرص تمكين المرأة والاعتراف بدورها في مختلف المجالات، وعلى هذا الأساس جرى التّركيز على التّعديلات التّشريعية الدّاعمة للنّساء الأردنيات.
يشير (أكيد) إلى عدة نتائج أظهرتها عينة الرصد على النحو التالي:
أولًا: بروز العنصر الشخصي في التغطية، إذ رُصد طابعٌ يروّج لكبار شخصيات الأحزاب على حساب البرامج والأفكار والحلول المقترحة لتطوير البلاد.
ثانيًا: التّحيز السّياسي في التّغطية، ويُشير تصدّر بعض الأحزاب في التغطية الإعلامية الإخبارية، إلى مخالفة مهنية في تجاهل متعمد لبعض الأحزاب، وتغييب أنشطتها وبرامجها.
ثالثًا: التغطية الإعلامية يجب أن تركز بعمق أكثر على الشرعية السياسية للأحزاب، بعد أن كانت مقصاة اجتماعيًا، وينحصر أكثرها نفوذًا في أحزاب معارضة.،
رابعًا: غياب مراقبة أداء الأحزاب السياسية من خلال تقييم البرامج الحزبية ومناقشتها، والإشارة إلى مواطن النقص إن وجد، وذلك لتعزيز الشّفافية والمساءلة.
رابعًا: غياب تقارير تسائل الأحزاب عن مصادر تمويلها والشّفافية المالية، وذلك لأن تمويل الأحزاب السّياسية له تأثير كبير على سلوكها وقراراتها، ولذا فإن الإفصاح عن مصادر تمويلها يساعد على فهم العلاقات المالية والمصالح المحتملة.
خامسًا: افتقاد الأحزاب لوجود وحدات متخصّصة تتعامل مع الجانب المهني في صناعة الإعلام والإخبار، والتّنسيق مع وسائل الإعلام للوصول إلى تغطية إعلامية متكاملة.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني