الانزلاق نحو الإثارة وغياب التوازن في تناول العنف الجامعي

الانزلاق نحو الإثارة وغياب التوازن في تناول العنف الجامعي

  • 2025-10-30
  • 12

عمّان 30 تشرين الأوّل (أكيد)- شرين الصّغير- وقعت إحدى الوسائل الإعلامية المحلية بمخالفة مهنية في تغطيتها لقضية العنف الجامعي، وذلك من خلال نشرها لشهادة طالب سابق.[1]

 فقد تحول الخبر من معالجة معمّقة لظاهرة اجتماعية معقّدة إلى تداول أحادي للرواية، الأمر الذي استدعى رصد وتبيان المخالفات المرتكبة.

تتبّع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) الخبر ليجد أن المخالفة الأساسية تمثّلت في العنوان الذي مال إلى الإثارة المبالغ بها، مستخدمًا توصيفات قوية وغير مبرّرة، منها استخدامه عبارات مثل: " ... كيف تصنع الجامعات زعرانًا وبلطجية"، وهو ما يشكّل وصمًا مباشرًا للمؤسّسات التعليمية العريقة وتشويهًا لرسالتها الأكاديمية.

فضلًا عن ذلك، فإن هذا التوصيف ينطوي على إساءة غير مقبولة لسمعة آلاف الخريجين الذين سيتأثرون سلبًا بهذا التعميم الإعلامي الجائر، وهو ما يتعارض مع مبدأ  حماية سمعة الأفراد، والذي يدعو إليه ميثاق الشرف الصحفي.

وهناك انتهاك جسيم بغياب التوازن، حيث اعتمدت الوسيلة بشكل كلي على نص كامل لشهادة منقولة مباشرة من منشور على وسيلة التواصل الاجتماعي فيسبوك، هذا الاعتماد الأحادي أدى إلى إهمال متطلبات العمل الصحفي الأساسية المتمثّلة في تعدد المصادر ذات الصلة والتحقّق من المعلومة.

لقد أغفلت الوسيلة الإعلامية أهمية استيفاء حق الرد للجهات المؤسسية التي ورد ذكرها في الشهادة، وتحديدًا إدارة الجامعة وعمادات شؤون الطلبة، والتي وُجّهت إليها اتّهامات مباشرة بالتقصير.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن المؤسسة التعليمية المشار إليها، وهي جامعة تُعدّ من أعرق وأفضل الجامعات الأردنية، ما يضع مسؤولية أكبر على الوسيلة الإعلامية بضرورة التعامل مع هذه المؤسسات بعمق مهني وموضوعية، بدلًا من التعميم الذي يسيء لسمعتها ولمكانتها الأكاديمية الوطنية.

إن تقديم هذه الرواية المطوّلة دون تحقيق مستقل أو تعليق مؤسسي يعرّض الوسيلة الإعلامية لمخاطر التشكيك في نزاهتها، إذ بدلًا من الاكتفاء بالنشر الحرفي الذي يشير إلى تفضيل السبق السطحي على حساب التحقيق المهني العميق، كان لا بد لها أن تستخلص الفائدة الجوهرية منه.

ويرى (أكيد) أن مسؤولية الإعلام تجاه القضايا المجتمعية كالعنف الجامعي، تتطلب أعلى مستويات الاحترافية، لضمان تجنب الإثارة المجردة واللغة التي تحمل وصمًا اجتماعيًا، وبما يكفل الالتزام التام بمعايير المهنية، وفي مقدمة ذلك الحرص على التوازن والابتعاد عن الإضرار  المجاني بسمعة الجامعات والخريجين، فهذا شرط لضمان مصداقية الوسيلة الإعلامية وثقة الجمهور بها وبمنتجاتها