عمّان 5 أيلول (أكيد)- عُلا القارصلي- يُعد مشروع المدينة الإدارية الجديدة (عَمرة) واحدًا من أبرز المشاريع العابرة للحكومات في الأردن، حيث طُرحت فكرته للمرة الأولى في عهد حكومة الدكتور هاني الملقي عام 2017، ثم عادت إلى الواجهة في عهد حكومة الدكتور بشر الخصاونة عام 2022 ضمن رؤية التحديث الاقتصادي، والتي تضمنت مخططًا استراتيجيًا للمدينة وموقعها.
في آب الفائت، التقى وفد أردني ممثل برئيس مجلس إدارة المدينة المهندس مصعب المهيدات، والرئيس التنفيذي المهندس صالح بقاعين بمسؤولين مصريّين للاطلاع على تجربة العاصمة الإدارية في مصر كنموذج إقليمي ناجح لتخطيط المدن الحديثة، بهدف الاستفادة منه في المشروع الأردني.[1]
وقد حُظي اللقاء باهتمام لافت من وسائل إعلام مصرية وعربية، لكنه لم يلقَ التغطية ذاتها في الإعلام المحلي، رغم أن هدفه الأساسي كان الاستفادة من التجربة المصرية في إنشاء العاصمة الإدارية وتطبيقها في الأردن، فقد أظهر البحث المتقدم في جوجل وجود مادتين فقط في الإعلام المحلي أشارتا إلى اللقاء، دون التوسع في مخرجاته أو تفاصيله.[2] [3]
تبرز هنا مقارنة مع تجربة الإعلام المصري، ففي دراسة تناولت تغطيته لموضوع العاصمة الإدارية، أظهرت الدراسة أهمية الإعلام التنموي في تعميق فهم المواطنين للخطط الاستراتيجية ورؤيتها المستقبلية، إضافة إلى دوره في تشكيل اتّجاهات الجمهور نحوها، لا سيما أن فكرة العاصمة الإدارية تواجه في الأردن رفضًا لدى شريحة من المواطنين الذين طالبوا بتوجيه الجهود نحو إعادة تأهيل المدن القائمة وتحسين بنيتها التحتية، وإنعاش المحافظات الجنوبية الفقيرة، وهنا يبرز دور الإعلام التنموي المحلي في تغير اتّجاهات الجمهور إزاء المشاريع ذات الطبيعة الاستراتيجية. [4] [5]
تابع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) المواد الإعلامية المتعلقة بالمدينة الجديدة منذ عام 2017 وحتى اللقاء الأخير في مصر، باستخدام البحث المتقدم في جوجل عبر الكلمات المفتاحية: "المدينة الإدارية الجديدة"، "مدينة عمرة"، و"العاصمة الإدارية"، لمعرفة ما إذا مارس الإعلام دورًا في تغيير اتّجاهات الجمهور. وأسفرت عملية الرصد عن العثور على 42 مادة فقط، ما يعكس ضعف التغطية الإعلامية المحلية. في هذا المجال
اقتصرت المواد المرصودة في معظمها على نقل التصريحات الرسمية، وتوضيح موقع المدينة التي ستُقام على بعد نحو 30 كم من عمّان و30 كم من الزرقاء، بالقرب من الميناء البري في الماضونة، وفي موقع استراتيجي على الطرق الدولية التي تربط الأردن بالسعودية والعراق. وبيّنت الموادّ أن الهدف من المشروع يتمثل في استيعاب التوسّع الحضري، وتخفيف الضغط عن عمّان والزرقاء، وتوفير سكن وخدمات نوعية بأسعار معقولة.
كذلك بيّنت الموادّ أنّ مساحة المرحلة الأولى تبلغ نحو 39 كم² (ما نسبته 10% من المساحة الإجمالية)، وأنّه من المقرّر إنجازها بحلول عام 2030، على أن يكتمل المشروع بالكامل بحلول عام 2050. كما يهدف المشروع إلى بناء مدينة ذكية مستدامة وصديقة للبيئة، توفّر فرصًا استثمارية محلية ودولية، وتدعم النمو الاقتصادي وتوليد فرص عمل. أما التمويل فسيكون من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وبمشاركة مطوّرين محلّيين ودوليّين، إضافة إلى بنوك ومؤسّسات مالية إقليمية ودولية.
وعلى الرغم مما يحمله المشروع من أبعاد اقتصادية وبيئية وتنموية، لم يواكب الإعلام المحلي هذا الحدث الكبير بتقارير معمّقة تشرح أهميته وتأثيره المتوقع على حياة المواطنين، خاصة أن المشروع يهدف إلى تقليل الاكتظاظ في العاصمة، وتعزيز الصناعات الخضراء، وتقليل الانبعاثات الكربونية.
يدعو (أكيد) وسائل الإعلام إلى تبني دور فاعل في الإعلام التنموي، وذلك عبر إنتاج تقارير تحليلية معمقة تربط المشروع بحياة المواطنين اليومية، وتسليط الضوء على الفرص والتحديات، ومتابعة مراحل التنفيذ بشفافية، وتقديم مقارنات مع تجارب إقليمية ناجحة مثل العاصمة الإدارية المصرية، وإتاحة مساحة للنقاش المجتمعي حول المشروع، فالإعلام التنموي ليس فقط ناقلًا للأخبار، بل شريكًا في صناعة وعي عام إيجابي وموضوعي تجاه المشاريع الوطنية الكبرى.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2025 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني