عمَّان 21 كانون الثاني (أكيد)-سوسن أبو السُندس- قيل في الموروث الشعبي "في كانون، كثّر النار، وفي المربعانية يا بتشرّق يا بتغرّق"، في وصف لموسم المربعانية الشتوي المتقلب بالعادة بين أمطار غزيرة ورياح ناشفة، لكن يبدو أن المربعانية بدأت تفقد هويتها التي ألفناها، الأمر الذي يعكس تغيرًا واضحًا في الأنماط المناخية المعتادة، وعلى ذلك أشارت وسائل الإعلام المحلية إلى أن هذا الموسم المطري قد يُصنَّف بين أسوأ المواسم التي مرت على البلاد.[1]
تتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) التغطيات الإعلامية المرافقة للموسم المطري، فوجد أن وسائل الإعلام رصدت وبدقة كميات الهطول المطري الحالية مقارنة بالمعدلات المعتادة، وقدّمت تقارير إحصائية دقيقة تُظهر حجم العجز المائي وتأثيره المحتمل على السدود والمياه الجوفية، إضافة إلى نشر تحذيرات واضحة من الجهات المختصة بشأن التحديات التي قد يواجهها الأردن خلال الصيف المقبل. كما لم تغفل التغطية الإعلامية الجانب المجتمعي والديني، والدعوات لأداء صلاة الاستسقاء، ما يعكس مدى الاهتمام بربط الأزمة المطرية بالوعي العام.
لاحظ (أكيد) أن التغطية الإعلامية نقلت حديث الأرصاد عن ظاهرة "إزاحة الموسم المطري"، لكن دون تسليط الضوء بدرجة كافية على هذه الظاهرة التي تشير إلى تغير توقيت بدء أو انتهاء موسم الأمطار، ما يؤدي إلى تأخر أو تقديم فترات الهطول المعتادة، ففي السنوات الأخيرة، وقع تأخر واضح في بداية الموسم المطري، مع غياب الأمطار خلال أشهر الخريف مثل أيلول وتشرين الأول، واستمرارها أحيانًا حتى مشارف أشهر الصيف. [2] [3]
فعلى سبيل المثال، امتدّ هطول الأمطار في عام 2023 حتى شهر حزيران، وهو أمر غير مألوف في المناخ المحلي، ومن المهم الإشارة إلى أن الموسم المطري الحالي لم ينته بعد، إذ قد تشهد الأشهر المقبلة هطولات متأخرة وفقًا لظاهرة "إزاحة الموسم المطري".[4]
ومع ذلك، من الضروري أيضًا تجنب التسرّع في وصف هذا الموسم بأنه الأسوأ، إذ تشير السجلات المناخية إلى أن موسم 1958/1959 كان الأكثر جفافًا في تاريخ السجّلات المناخية للأردن، وإذا بقي الوضع على ما هو عليه سيكون الموسم الحالي ثاني أسوأ موسم مطري.[5]
كما لم تُبرز التغطية الإعلامية بشكل كافٍ العلاقة المباشرة بين التغير المناخي واضطرابات أنماط الطقس بالمطلق، حيث يُعد التغير المناخي العالمي سببًا رئيسًا للتغيرات الجذرية في توقيت وكميات الهطولات المطرية، الأمر الذي يزيد من تعقيد إدارة الموارد المائية خصوصًا في المناطق التي تعاني أصلًا من شح المياه.
فقد أدت حرائق الغابات في كاليفورنيا إلى إطلاق كميات ضخمة من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، ما أسهم في تفاقم ظاهرة التغير المناخي وحدوث اضطرابات مناخية واسعة النطاق، تمتد آثارها إلى مناطق بعيدة حتى الشرق الأوسط، حيث تسهم في تفاقم ظواهر مثل موجات الجفاف المتكررة.[6]
ولوحظ نقص واضح في التحليل المستقبلي، حيث افتقرت التغطية إلى تقديم مقترحات واضحة أو استراتيجيات عملية للتكيّف مع نقص الهطولات المطرية.
يشير (أكيد) إلى أن على وسائل الإعلام أن تتبنى دورًا أعمق يتجاوز توثيق الظواهر إلى طرح حلول ورؤى مستقبلية تسهم في التكيّف مع هذه التحديات.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2025 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني