عمّان 23 تشرين الثاني (أكيد)- سوسن أبو السُّندس- يتبوأ حقل الرّيشة موقعًا بارزًا في المشهد الاقتصادي الأردني بوصفه أحد المشاريع الاستراتيجية التي استقطبت اهتمام الرأي العام ووسائل الإعلام، حيث أثارت تقارير إعلامية أولية حالة من التفاؤل بعد أن أشارت إلى احتياطيّات ضخمة من الغاز الطبيعي تُقدر بنحو 9.4 تريليون قدم مكعّب، الأمر الذي دفع المراقبين والخبراء إلى مناقشة احتمالية تحقيق الأردن الاكتفاء الذاتي من الطاقة، والانضمام إلى قائمة الدول المصدّرة للغاز.[1]
أعلنت وزارة الطاقة والثروة المعدنية عن نتائج دراسة تفصيلية بيّنت أن الاحتياطيّات القابلة للاستخراج تُقدر بنحو 4.6 تريليون قدم مكعّب، ورغم أن هذه الأرقام جاءت أقل من التوقّعات الأولية، إلا أنها مع ذلك تحمل بُعدًا استراتيجيًّا مهمًا، في إطار استكشاف واقع حال الثروات الطبيعية.[2]
وعلى ذلك، صمم مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) عيّنة قصدية شملت وسائل الإعلام المحلية والدولية، إلى جانب المواقع الصحفية المتخصّصة في شؤون الطاقة، خلال الفترة الممتدة من السادس من تشرين الأول وحتى التاسع عشر من تشرين الثاني من العام الجاري، وهي الفترة التي تزامنت مع إصدار نتائج الدراسة التفصيلية، بهدف تتبّع تطورات التغطية الإعلامية وتحليل الأطر الإعلامية التي اعتمدتها وسائل الإعلام المحلية والدولية في تناول موضوع حقل الرّيشة ومخرجاته الاقتصادية.
وجاءت نتائج اتّجاهات التغطية لتبرز التفاوت في التوجهات، حيث ركّزت وسائل الإعلام المحلية على إبراز الجوانب الإيجابية ونقل تصريحات وزارة الطاقة باعتبارها خطوة مهمة لتعزيز أمن الطاقة، وتقليل الاعتماد على واردات الغاز الخارجي. كما أظهرت عيّنة الرصد توجهًا واضحًا نحو التأطير الاقتصادي، حيث سُلط الضوء على دعم الصناعات الوطنية، وتعزيز النمو الاقتصادي. وأبرزت التغطيات أهمية هذا الاكتشاف كجزء من استراتيجية وطنية تهدف إلى تحقيق الاستقلال في مجال الطاقة، وأوضحت التغطيات الإعلامية التحدّيات التقنية، وأشارت إلى التعاون الإقليمي، وهو ما منح التغطية طابعًا متفائلًا واحتفائيًّا في الأوساط الإعلامية المحلية.[5][4][3]
ولعلّ أبرز المآخذ التي رافقت التغطية المحلية لمشروع حقل الرّيشة، هو التدفّق المعلوماتي المتسارع وتضارب الأرقام بين التصريحات الأولية والتقديرات الرسمية، ما أدى إلى تصاعد الدّعوات العقلانية الداعية إلى الحد من سقف التوقّعات بشأن قدرات الحقل الإنتاجية.[6]
عكس التباين الإعلامي سواء بين الناطقة الإعلامية باسم وزارة الطاقة ومدير المصادر الطبيعية، أو بين التقارير الأولية والدراسات التفصيلية، غيابًا للشفافية ودقّة البيانات المقدّمة، ما أثار التساؤلات حول الجدوى الاقتصادية للمشروع، وزاد من الضغوطات على الجهات الرسمية لتقديم معلومات متّسقة وواضحة.
هذا ويُعدّ غياب رصد ومراقبة آراء الشارع عبر منصّات التواصل الاجتماعي أحد المآخذ الأساسية على التغطية الإعلامية المحلية، لأن هذا يُضعف قدرة الإعلام على فهم اتّجاهات الرأي العام والتفاعل الشعبي مع المشروع، ويؤدي بالتالي إلى تقديم صورة غير مكتملة عن تأثير المشروع على الجمهور.
وتتبّع (أكيد) بعضًا من الحوارات عبر منصّات التواصل الاجتماعي لمعرفة ردود الأفعال الشعبية، حيث انقسمت الآراء بين من يرى في حقل الرّيشة فرصة تاريخية لتعزيز الاستقلال في إنتاج الطاقة، وبين من يشكّك في قدرة الحكومة على تحويل هذه الإمكانات إلى واقع ملموس.
وفي سياق آخر، أظهرت نتائج الرصد غيابًا شبه تام لتناول الأبعاد البيئية والاجتماعية للمشروع، إذ لم تتطرّق معظم التغطيات إلى التأثيرات البيئية المحتملة لاستخراج الغاز على المنطقة المحيطة، أو على المجتمعات المحلية التي قد تستفيد من المشروع عبر توفير فرص عمل وتحسين البنية التحتية، لكنها في الوقت ذاته، قد تواجه تحدّيات بيئية واقتصادية طويلة الأمد.
وفي المقابل، قدّمت وسائل الإعلام الدولية نظرة نقدية وتحليلية، مركّزةً على التحدّيات الاقتصادية والتقنية التي تواجه المشروع، وأشارت إلى التكلفة العالية لتطوير البنية التحتية اللازمة لاستخراج الغاز. كما تساءلت بعض التقارير الدولية عن تضارب الأرقام بين الاحتياطيّات الأولية وتلك القابلة للاستخراج، إلا أن هذا التناول الإعلامي، أضاف بعدًا مغايرًا للنقاش، وخلق توازنًا بين التفاؤل المحلي والنقد الخارجي.[8][7]
قارنت بعض التغطيات الخارجية بين مشروع الرّيشة ومشاريع مماثلة في دول أخرى، ما سلّط الضوء على التحدّيات المحتملة، مع إمكانية الاستفادة من تجارب ناجحة في تطوير موارد الغاز الطبيعي في الظروف المماثلة.
أما التقارير المتخصّصة، فقد ركّزت على تحليل الجوانب الفنية المرتبطة بالاحتياطيّات ومُعامل الاستخراج، وذكرت أن الكمّيات القابلة للإنتاج أقل بكثير من الإجمالي المُعلن بسبب القيود التقنية والاقتصادية، واتّسمت التغطيات بلغة فنّية دقيقة، مستخدمةً مصطلحات متخصّصة، قد تكون صعبة لدى جمهور المتلقين، مثل الفرق بين حجم الاحتياطي الإجمالي ومُعامل الاستخراج.[9]
ويشير (أكيد ) إلى الحاجة إلى تغطية إعلامية أكثر شمولًا، تضمن معالجة جميع الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمشروع، وتُبرز الفرص والتحدّيات بشكل متوازن، مع تبسيط المفاهيم التقنية لتوضيح المعطيات المختلفة للجمهور، والإحاطة الشاملة لمشروع حيويّ يمثّل فرصة اقتصادية مهمة من شأنها أن تُسهم في تقليل الاعتماد على واردات الغاز، وخفض العجز في ميزان المدفوعات، إلى جانب تعزيز الاستقرار في قطاع الطاقة، وتوفير فرص عمل جديدة.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني