عمّان 21 تموز (أكيد)- سوسن أبو السُّندس- من المهم أن تشمل التغطية الإعلامية لقضية ما، جانب إشراك الجمهور خاصة عندما يتعلق الأمر بمواضيع تمس حياتهم ومستقبلهم بشكل مباشر، ويتطلب ذلك تضمين مجموعة متنوعة من الآراء لضمان تحقيق التوازن والمصداقية في التغطية، ومع ذلك فإن هذا النهج يأتي مع بعض المحاذير التي يجب أخذها بعين الاعتبار لضمان ممارسة صحفية أخلاقية ومسؤولة.
أجرى مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) رصدًا كميًا ونوعيًا لتغطية امتحانات الثانوية العامة منذ بدء تقديم الامتحانات وحتى نهايتها، وجاء في نتيجة الرّصد أن وسائل الإعلام وقعت في محاذير تتعلق بإشراك الجمهور، ما أدى إلى التحيز والمبالغة في تغطية الأحداث ونشر صورة غير متوازنة.
شملت عملية الرصد ثلاث قضايا رئيسة خلال فترة الامتحانات، وهي استطلاع آراء الطلبة بعد الامتحانات، وقضية تسريب الامتحانات، بالإضافة إلى قضية أساليب الغش المتّبعة وطرق تصدي الوزارة لها، و تقييم كيفية تعامل وسائل الإعلام مع هذه القضايا، ومدى التزامها بالموضوعية والمصداقية في تغطيتها.
في قضية استطلاع آراء طلبة الثانوية العامة حول الامتحانات، رُصد 32 مقطعًا مصورًا تتناول بشكل يومي جميع آراء الطلبة، وعند تحليلها، يتضح أن التقارير الإعلامية تتجه إلى عرض الآراء السلبية فقط، ما يثير الشكوك حول انتقائية بعض الوسائل في عرضها لكافة التجارب. وتجدر الإشارة إلى أن بعض الوسائل تنشر المحتوى على صفحات التواصل الاجتماعي فقط.
اتّجه 78 بالمئة من عينة الرصد إلى عرض الصعوبات والتحدّيات واستخدام كلمات تؤكد على ذلك، مثل: طلبة التوجيهي يجهشون بالبكاء بعد الامتحان"، أو "استياء كبير من الامتحان" مقابل 22 بالمئة من المقاطع عرضت آراء متوازنة. إن اختيار بعض الآراء دون غيرها يخلق صورة غير متوازنة وبعيدة عن الواقع، الأمر الذي يقود إلى عدم موضوعية وشمول استطلاعات الآراء، خصوصًا حين تذهب جميع الآراء باتجاه واحد. ومن المعروف أن الاتفاق التام بين جميع الآراء هو أمر شبه مستحيل.
رُصدت أيضًا عدة مقاطع تسخر من الطلبة وتتهكم عليهم من خلال إعادة تمثيل ردود فعلهم، هذا الأسلوب هو نتيجة تراكمية لمقابلة الطلبة وهم في حالة ضعف وتوتر. ويوجه ميثاق الشرف الصحفي الإعلاميين إلى احترام الكرامة الإنسانية للأفراد، وعدم استغلال حالتهم الضعيفة لتحقيق مكاسب إعلامية، حيث أن مقابلة الأشخاص في ظروف كهذه قد تزيد من الضغط النفسي والأذى العاطفي الذي يعانون منه، ويعطي انطباعًا مخيفًا لطلبة العام القادم، ما يؤثر سلبًا على استعدادهم للامتحانات.
وفي السياق ذاته، ينبغي مراعاة الفروق الفردية بين الطلبة، حيث تتباين أهدافهم وتطلعاتهم بشكل كبير، فبينما يسعى بعض الطلبة إلى تحقيق العلامة الكاملة، يهدف البعض الآخر إلى مجرد النجاح. إن هذا التنوع في الأهداف يؤدي بطبيعة الحال إلى اختلاف التقييمات. وتجدر الإشارة إلى أن بعض المقابلات التي أُجريت في الأعوام السابقة، رصدت ردود أفعال مبالغ فيها من بعض الطلبة، ومع ذلك، حقّق هؤلاء نتائج عالية، ما يؤكد أهمية عدم التّسرع في الحكم بناءً على ردود الأفعال الأولية.
وفي قضية تسريب أسئلة الامتحانات، اشتملت العينة على 21 مادة إعلامية، جلّها مقاطع مصورة من قبل الطلبة وذويهم يؤكدون فيها تسريب أسئلة بعض الامتحانات، خصوصًا مادّة الأحياء للقسم العلمي. وبلغت نسبة التقارير التي تحتوي على اتّهام فقط 57 بالمئة من عينة الرصد، في حين عادت بعض الوسائل إلى الوزارة، وقدّمت آراء متوازنة، وأسهمت بنفي الإشاعات، والتأكيد على الإجراءات الصارمة التي تتخذها وزارة التربية والتعليم لضمان نزاهة الامتحانات بنسبة بلغت 43 بالمئة. وعلى ذلك لا بد أن تراعي وسائل الإعلام التوازن في تغطيتها، وتجنب التهويل لضمان تقديم صورة متكاملة وواقعية للمجتمع.
أما فيما يتعلق بموضوع الغش خلال الامتحانات، اهتمت وسائل الإعلام بنقل الإجراءات الاحترازية التي تتخذها وزارة التربية والتعليم لمنع الغش، والتي تضمنت التفتيش الدقيق للطلبة قبل دخولهم قاعات الامتحان، ومنع إدخال الهواتف والأجهزة الإلكترونية، بالإضافة إلى ذلك، تناول الإعلام تحذيرات الوزارة المستمرة للطلبة من عواقب الغش، مع التأكيد على توفير بيئة امتحانية نزيهة وعادلة للجميع، فأسهمت هذه التغطية بشكل كبير في توعية الجمهور، والحدّ من محاولات الغش، وتعزيز النزاهة في العملية التعليمية.
يشير (أكيد) إلى أن إشراك الجمهور يعزز الشفافية والمشاركة، لكنه يتطلب مراعاة المحاذير التالية لضمان تغطية صحفية مسؤولة وأخلاقية:
أولًا: التأكد من دقة وصحة المعلومات المقدمة من الجمهور، والتمييز بين الآراء الشخصية والحقائق الموثوقة، وتحمل المسؤولية عن أي أخطاء قد تنجم.
ثانيًا: احترام خصوصية الأفراد وعدم تصويرهم وهم في حالة ضعف دون موافقة صريحة، وتجنب الإثارة والسعي لتقديم صورة متكاملة، ومراقبة تعليقات الجمهور لضمان خلوها من الإساءة أو الضرر، والتشجيع على النّقاش البناء.
ثالثًا: عرض وجهات النظر المختلفة بشكل متوازن وحيادي دون تفضيل جهة على أخرى.
رابعًا: التفكير في تأثير المعلومات ومراعاة تأثير نشرها على الأفراد والمجتمع، وتجنب المحتوى الذي قد يسبب ضررًا أو اضطرابًا في المعلومات.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني