استخدام الإثارة في عرض قرار قضائي بجريمة قديمة

استخدام الإثارة في عرض قرار قضائي بجريمة قديمة

  • 2024-08-04
  • 12

عمّان 26 أيار (أكيد)-تناقلت وسائل إعلام خبرًا عن صدور قرار قضائي لمحكمة الجنايات الكبرى بجريمة أيدته محكمة التمييز، واستخدمت عناوين فيها شـيء من الاختلاف، لكنها اشتركت في عدد من المخالفات المهنية.

فقد حاول هذا الخبر إثارة فضول الجمهور باستخدام عناوين تشير إلى القسوة في اقتراف الجريمة، مثل: (الحبس 12 عامًا لفتاة قتلت شقيقتها أثناء تقطيع "لحمة الأضاحي")، دون مراعاة دعوة ميثاق الشـرف الصّحفي للابتعاد عن الإثارة في نشـر الجرائم.

ويمكن ملاحظة أن وسيلة إعلام أخرى كان عنوان خبرها: "ضحّت على شقيقتها بعد خروف العيد"، دون الإشارة إلى صدور الحكم، وفي هذا إعادة إنتاج للجريمة، لأن العنوان يتحدّث عن جريمة وليس عن صدور حكم بها. [1]

بدأ الخبر بذكر جنسية الشقيقتين الجانية والمغدورة في حين أنه كان يمكن الاكتفاء بذكر أنهما من جنسية عربية، فالموضوع هو صدور قرار قضائي بجريمة قتل وليس الجنسية التي يمكن أن يستغلها بعضهم باستثارة ردود فعل سلبية تجاه جنسية الفتاتين، وتوجيه النظر نحوها بدلًا من التركيز على أن العدالة أخذت مجراها، وصولًا إلى صدور الحكم النهائي.[2]

ويتعين الإشارة هنا إلى أن واحدة من وسائل الإعلام المرصودة، قد تعمّدت نشر جنسية الفتاتين في عنوان خبرها، وهنا الضـرر يكون أكبر، حيث أن كثيرًا من المتلقين يكتفون بمطالعة عناوين بعض الأخبار.[3]

بالعودة للمصدر الأول للخبر، نجد أنه نُشر في صحيفة يومية، وتناقلته وسائل الإعلام الأخرى. ولعل من اللافت هنا أن وسيلة إعلام نقلت الخبر دون ذكر المصدر[4]، هذا على الرغم من أن الصحفيّين مطالبون باحترام الحقوق الأدبية للنشر والاعتراف بحقوق الآخرين، وعدم اقتباس أي عمل من أعمال الغير أو زملاء المهنة دون الاشارة لمصدره. حتى أن هذه الوسيلة الإعلامية المشار إليها هنا، يوجد في أسفل صفحتها التي نُشر فيها الخبر تنويه لا تلتزم هي به يقول: "يُسمح الاقتباس وإعادة النشر بشرط ذكر المصدر". بينما نجد أن وسيلة الإعلام الأخرى قد ذكرت في أسفل خبرها اسم الصّحيفة التي نُقل عنها الخبر.

أمعن الخبر في سـرد تفاصيل الجريمة، ووصف أداتها وما رافقها من وقائع دونما حاجة، فالجريمة وقعت قبل حوالي سنة من الآن، والمهم الآن هو إيصال رسالة العدالة بصدور الحكم النهائي، وليس تكرار الصورة الدقيقة لتنفيذ هذه الجريمة العائلية، وبخاصة أن نشـر وقائع الجريمة قد يسهم في تعليم الأساليب المستخدمة لآخرين من ضعاف النفوس، وتوفير إمكانية محاكاتها أو تقليدها، إما بسبب الانبهار بالفعل، أو استحضار الفعل لإظهار القوة.

مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) يدعو لمراعاة مدى أهمية نشـر تفاصيل الجريمة من عدمه، وتقدير هل هناك مصلحة فضلى تتأتى من ذلك، واختيار القضايا قبل نشـرها بحسب أهميتها للجمهور حتى لا يتحول الإعلام إلى أداة تسهم في نشـر الظواهر الجرمية، والإشكالية لا تكمن في نشر أخبار الجريمة بقدر ما تكمن في كيفية صياغتها وتقديمها.