عمّان 26 تشرين الأوّل (أكيد)- شرين الصّغير- سبعة أعوام مضت على فاجعة البحر الميت التي أودت بحياة 19 طفلًا بريئًا، ومع كل ذكرى سنوية، يُطرح التساؤل حول القيمة الحقيقية لنشر الخبر مجددًا. فهل يخدم النشر الذاكرة الوطنية والمساءلة المجتمعية، أم أنه مجرد تجديد لأوجاع الأهل دون هدف إخباري واضح؟
يقع الإعلام هنا في اختبار دقيق، إزاء الموازنة بين حقّه في التذكير بحدث تاريخي هام وتداعياته، وبين واجبه الأخلاقي بعدم استغلال الألم الإنساني كمادة إخبارية تفتقر للجديد.
تتبّع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) الخبر الذي نشرته وسيلة إعلام محلية[1]، للبحث عن القيمة الخبرية فيه ليجدها في العناصر التالية:
أولًا: يتعلق الأمر بـالتأثير والتداعيات، حيث أن التذكير بالحادثة يستحضر تداعياتها السياسية، لا سيما استقالة وزيري السياحة والتربية آنذاك، والتي أُثبتت قابلية الوزير الأردني للاستقالة تعبيرًا عن المسؤولية السياسية للحقيبة التي يحملها.
ثانيًا: تحمل الذكرى قيمة العاطفة والدراما الإنسانية، لكن يتعيّن أن تُستثمر في دعم النقاش العام حول سلامة الرحلات المدرسية وإدارة الأزمات، وليس مجرد استدرار المشاعر.
ثالثًا: هي فرصة للمساءلة المجتمعية، إذ يُبقي التذكير المستمر بهذه الحادثة ملفّها حيًا في الذاكرة العامة، وهذا يشكل مادة للمراجعة النقدية للأداء والإجراءات الحكومية ذات الصلة بهذا الملف.
يرى (أكيد) أن الإعلام يواجه في مثل هذه التغطيات احتمال الوقوع في انتهاكات أخلاقية ومهنية لعل أبرزها هو انتهاك معيار تجديد الألم بلا هدف، أي الاكتفاء بسرد التفاصيل المأساوية للحادثة دون تقديم إضافة جديدة أو زاوية تحليلية، مثل تقييم الإجراءات المتّبعة حاليًا أو الدروس المستفادة، ما يُعدّ استغلالًا عاطفيًا يجدد ألم الأهل دون خدمة قضية عامة.
كما يُعد انتهاك خصوصية الحزن من الانتهاكات الجسيمة، فبدلًا من تجديد الآلام والأحزان، من الأفضل أن تكون الذكرى السابعة لفاجعة البحر الميت فرصة لوسائل الإعلام لاختبار بوصلتها الأخلاقية. إن القيمة الخبرية في تجديد النشر يجب أن تُقاس بمدى خدمتها للمصلحة العامة، وليس بمدى قدرتها على إثارة العواطف أو استقطاب المشاهدات.
يدعو مرصد (أكيد) وسائل الإعلام إلى التمسّك بمبدأ الإخبار بمسؤولية، حيث يكون النشر عن الفواجع دافعًا للتحسين والبناء، وليس تذكيرًا يُعيد فتح جروح أهالي الضحايا. وتقتضي المهنية إيجاد توازن دقيق بين إحياء الذاكرة واحترام خصوصية الألم.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2025 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني