في الحوادث التي تشتمل على مخالفات وإساءة، فإن ذِكر الجنسية يتسبّب بالتّنميط وخطاب الكراهية

في الحوادث التي تشتمل على مخالفات وإساءة، فإن ذِكر الجنسية يتسبّب بالتّنميط وخطاب الكراهية

  • 2025-11-02
  • 12

عمّان 2 تشرين الثاني (أكيد)- شرين الصّغير- تشير حادثة إغلاق الطريق أمام مركبتين، والتهديد الذي وقع في شارع وصفي التّل (الجاردنز) في العاصمة عمّان مؤخرًا، والتي انتشرت عبر وسيلة التواصل الاجتماعي فيسبوك، إلى انتهاك مهني لافت.

تتبّع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) هذا الانتهاك الذي تمثّل في التّركيز غير المبرر على جنسية السائق، وربطها بالسلوك الفردي المسيء الذي تسبّب بإعاقة السير وتوجيه تهديدات إلى آخرين.

إن ذكر جنسية السائق لا يُضيف أي معلومة جوهرية أو ضرورية لفهم أبعاد الحادثة المرورية. فالفعل المرتكب هو مخالفة سير رافقها تهديد شخصي، وهذا الفعل ينفصل تمامًا عن هوية الفاعل، أو جنسيته، حيث يقتضي المعيار المهني التّركيز على عناصر الخبر الأساسية: ماذا حدث؟ وأين، وكيف، والإجراءات القانونية المتّخذة؟ وعند إقحام الجنسية في سياق سلبي، يتمّ تشتيت الانتباه عن جوهر المخالفة التي يجب أن يُحاسَب عليها بموجب القوانين المرعية بغض النّظر عن جنسية الفاعل. كما أنّ هذا يحوّل السّلوك الفردي إلى تهمة جماعية تلاحق أفراد تلك الجنسية.

رصد (أكيد) أن المصدر الرئيس لانتشار المعلومة التي تتضمن الانتهاك-ذِكْرُ الجنسية والتركيز عليها- كان عبر صفحة نشطة على موقع فيسبوك لديها مليون متابع، وهي المنصّات التي غالبًا ما تفتقر إلى الأطر التّحريرية الصّارمة. وفي المقابل، لوحظ أن الإعلام المحلي لم ينجرف باتّجاه هذا الخبر، ولم يقم بنشره.  هذا التباين يشير إلى أن الإعلام أدرك حساسية الموقف وضرورة تجنب التّرويج لخطاب التّمييز، ما يسلّط الضوء على المسؤولية الأكبر التي تقع على عاتق منصّات التّواصل الاجتماعي غير الملتزمة بالمعايير المهنية.

يكمن الخطر الأكبر لنشر وقائع هذه الحادثة في أثرها الاجتماعي، عندما يتمّ ربط سلوك فردي سلبي كإغلاق الطريق وتهديد الآخرين بجنسية معينة وتعميمه ضمنيًا، لأن ذلك يسهم بشكل مباشر في تكوين أو ترسيخ الصور النمطية السلبية والتعميمات المجحفة، هذا المنهج يخالف أبسط قواعد المسؤولية الاجتماعية، حيث يصبح أداة لتأجيج خطاب الكراهية والتعصب ضد فئة من السكّان، ويهدّد التعايش السلمي. و يشكل هذا الرّبط غير المبرر خرقًا واضحًا لهذه الالتزامات.

يدعو مرصد (أكيد) إلى الالتزام بأعلى معايير الدقة والحياد في نشر الأخبار والتّوقف عن استخدام الجنسية كعنصر مشوّق، وإلى تجنّب التّمييز في المعلومة، إضافة إلى وجوب التعامل مع حادثة شارع الجاردنز كمخالفة فردية تستوجب العقاب القانوني، مع إزالة أي إشارة إلى الجنسية لا تخدم القيمة الإخبارية للموضوع، فالحفاظ على سلامة العلاقات الاجتماعية يتطلب تعزيزًا لثقافة الاحترام والتعايش، وليس إعمال الأدوات التي من شأنها التفريق بين النّاس عبر التعميمات المضلّلة.