عمّان 29 كانون الثاني (أكيد)- سوسن أبو السُّندس- في قراءةٍ متأنيةٍ لحصاد العام 2023 وأهم ما تم التطرق له من مخالفات لوسائل الإعلام المحليّة، وفي عملية أشبه ما تكون بجرد حساب لعامٍ كان مليئًا بالأحداث كما التّجاوزات، فقد تنوّعت المخالفات وتعدّدت، إلا أنّ هذا العام ليس كسابقه من الأعوام، في ظل ما يشهده قطاع غزّة من عدوان إسرائيلي غاشم منذ بداية شهر تشرين الأول من العام الماضي، والذي انعكس على التغطية الإعلامية المحلية.
27 بالمئة من تقارير مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) اختصّت بتناول التغطية الإعلامية المحلية للعدوان الإسرائيلي على غزّة، وجاء في نتيجة الرصد أنّ الإعلام الأردني تصدى للروايات الإسرائيلية المغلوطة، وأسهم في تصحيح السرديات المنتشرة غير الدقيقة. في حين سخّرت وسائل الإعلام منابرها لتغطيات مباشرة وموسّعة طيلة ساعات اليوم، ونقلت التَّفاصيل كلّها ومن أطراف الحدث، مع تسليط الضَّوء على الجهود السِّياسية والإغاثية لأبناء القطاع، وبلغت نسبة التغطية بهذا الاتّجاه 46 بالمئة من حجم التقارير الصّحفية المختصة بالعدوان على غزّة.
ورغم ما يبذله الإعلام الأردني من جهود كبيرة في تغطية الحرب على غزّة، إلا أن بعض التفاصيل غابت عن تغطياته على الرغم من أهميتها، وسعى (أكيد) إلى البحث عنها وتقديمها لجمهور المتلقين، وقد بلغت نسبة التقارير التي غابت عن الإعلام 54 بالمئة من حجم التقارير الخاصة بالعدوان على غزّة، تولّى (أكيد) توثيقها وبيان التّبعات السّياسية والاجتماعية لتلك القضايا. كما اهتم بإبراز القضية الفلسطينية، والتركيز إعلاميًا على اتّساع تأثير القضية الفلسطينية على كامل المنظومة الدولية.
وطوّر مرصد (أكيد) منهجيته في التّقصي عن الحقائق منذ بداية العام 2023، وبدأ في تقديم موادّ تختص بالتّحقق من الأخبار الزائفة والمغلوطة وغير الصّحيحة من خلال تخصيص خط عمل جديد يبحث بما يجري تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي من أخبار. وقد حصدت تقارير التّحقق النسب الأعلى من المشاهدات.
وعلى صعيد آخر، قسّم مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد)، بالعودة إلى معاييره، ما رصده خلال العام 2023 من مخالفات مهنيّة وأخلاقيّة وقانونيّة، بالإضافة إلى رصد المحتوى غير الدقيق والتغطيات غير المعمّقة، دون إغفال لرصد الممارسات الفضلى خلال العام (انظر الشكل أدناه)
المصدر: مرصد (أكيد)، 2023.
حافظت المخالفات المهنية على الصدارة من مجمل المخالفات لوسائل الإعلام للعام الثاني، وسجّلت ما نسبته 45 بالمئة منها، وتمثّلت بتجاوزات منها: غياب التوازن والشمول، غياب الحياد والموضوعية، والتعريج على أخبار تخلو من القيم الأخبارية، إضافة إلى تجهيل المصادر، والميل إلى الإجتزاء وإخراج بعض الأمور عن سياقها، ناهيك عن الأخبار التي تحمل بطياتها مبالغة وتهويل أو تعارض في نقل المعلومات.
كما رافق (أكيد) وسائل الإعلام في التغطيات التي شغلت الرأي العام وكانت نتيجة الرصد تتجه إلى غياب التغطيات المعمّقة التي تقدم موادّ توعوية أو تجيب عن الأسئلة الضرورية، وقد شكل غياب التغطيات المعمقة ما نسبته 17 بالمئة من المخالفات السنوية المرصودة.
وبلغت نسبة المخالفات الأخلاقيّة 11 بالمئة، حيث احتوت على خطاب كراهية أو تحريص على العنف، إضافة إلى نشر صور نمطيّة وتنمّر إلكتروني.
أمّا المخالفات القانونيّة، فقد بلغت 8 بالمئة، وتمثلت بـالتحريض على أفعال مُجرّمة بالقانون، وعدم الالتزام بحظر النشر، وفي بعض الأحيان تولّت وسائل إعلام إدانة متهم أو إعلان براءته دون صدور حكم قضائي واضح، إضافة إلى نشر وثائق سريّة، والتغاضي عن نشر إعلانات تنطوي على مخالفة قانونيّة.
أما النشر غير الدقيق، فقد شكلّ ما نسبته 9 بالمئة من إجمالي المخالفات المرصودة، واشتمل على محتويات غير صحيحة، ومحتويات زائفة، ومنها ما اشتمل على محتويات مضلّلة والنقل دون تحقق.
وفي هذا الإطار، حريّ بنا أن ننوه إلى أنّ (أكيد) يسعى إلى تحقيق أكبر قدر من المصداقيّة ورفع درجة المهنيّة الصّحفية للممارسين والمهتمين بالشأن الصحفي، إذ إن وجود المخالفات في بعض القضايا لا ينفي قيام عدد من وسائل الإعلام بدورها بشكل إيجابي عن طريق حوكمة ما يصدر عنها من معلومات منقولة للجمهور، وتفنيد المعلومات الخاطئة والزَّائفة، وتقديم الصحيح منها، إضافة إلى احترام حق الرد، وأحيانًا تقديم اعتذار لجمهور المتلقين إن لزم الأمر، وتصحيح معلومات مغلوطة وعلى ذلك شهد هذا العام ارتفاعا في نسبة الممارسات الفضلى، والتي شكّلت ما نسبة 10 بالمئة من مواد الرصد.
خلاصات حول أداء وسائل الإعلام للعام 2023:
- للإعلام دور بارز في تشكيل الوعي المجتمعي، ويقع على عاتق القائمين عليه دور أساس في رفع الوعي، إلا أن ما حصل في أحداث غزّة أكد فكرة أنّ منصّات التّواصل الاجتماعي تؤدي أيضًا دورًا رئيسًا في بناء الوعي، وأصبحت ركنًا أساسيًّا للتواصل اليومي واستقبال المعلومات بالنسبة لكثير من الأشخاص في العالم، إذ رُصد ما يقارب 7 بالمئة من التقارير أشارت إلى قوة منصّات التّواصل الاجتماعي على عدة مسارات منها توجيه الرأي العام نحو تبني موقف معين أو الضغط على صناع القرار، أو لفت أنظار وسائل الإعلام إلى بعض القضايا المجتمعية التي تحصد العديد من التفاعلات.
- لوحظ انخفاض ملموس في نسبة التقارير الخاصة بالمخالفات القانونية والمخالفات الأخلاقية، وتحديدًا فيما يتعلق بقضايا خطاب الكراهية أو انتهاك الخصوصيات على منصّات التواصل الاجتماعي الخاصّة بالوسائل الإعلامية، ويرجح (أكيد) أن يكون ذلك انعكاسًا لسنّ قانون الجرائم الإلكترونية رقم (17) لسنة 2023، والذي غُلظت فيه العقوبات مقارنة مع سابقه، فيما يتعلق باستخدام الفضاء الإلكتروني.
- لوحظ انخفاض واضح في تغطية المواضيع المتعلقة بالجرائم، والتي أخذت حيزًا واسعًا من اهتمام الإعلام المحلي في العام 2022 لما تحقّقه من أعداد كبيرة من القراءات والمشاهدات. ويرى مرصد (أكيد) أن التغطية المهنية والأخلاقية تسهم في مكافحة الجريمة من خلال زيادة الوعي عند الجمهور، وتجنّب نقل أساليب جرمية أو وصف أداة الجريمة، في حين أشارت مديرية الأمن العام في تقرير لها عن انخفاض المنحنى البياني للجريمة في الأردن.[1]
- من خلال الرصد السنوي، تبيّنت آثار غياب الصّحافة المتخصّصة على التقارير الصّحفية، خصوصًا فيما يتعلق بقضايا المال العام وطريقة إنفاقه وضبطه، ومتابعة أداء وعمل المؤسسات التي تُنفق عليها خزينة الدَّولة، وبخاصة على مستوى المديونية وعجز الموازنة.
- رصد توجه بعض التقارير التي تعتمد أسلوب الصحافة البناءة التي تضيف عنصرًا سادسًا للأسئلة التي تجيب عتها الصحافة الرصينة، وهو سؤال ماذا بعد؟ من خلال مقابلة المختصين والخبراء والإستعانة بنماذج ناجحة لتقديم مواد صحفية بصورة متكاملة تدفع نحو إيجاد حلول وتعمل على جذب جمهور المتلقين لمتابعة الأخبار.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني