عمّان 6 كانون الثاني (أكيد)- غالبًا ما تستعطف الجرائم الواقعة على الأطفال القلوب، وتدفع الجمهور لمتابعتها ومعرفة تفاصيلها لدوافع عدة، منها ما هو إنساني وآخر إخباري.
وسيلة إعلام محلية نقلت خبرًا عن جريمة وقعت في إحدى الدول بعنوان: "تعذيب وحشي لطفلة على يد والدتها بتهمة السرقة.. وحينما كادت تقتلها كانت المفاجأة"[1]ليظن القارئ للوهلة الأولى أن الجريمة وقعت في المملكة، ما يدفعه إلى الدخول للخبر وقراءته، في حين أنّ الوسيلة تجاهلت ضوابط كتابة العنوان بأن يكون معبرًا بدقة وأمانة عن المادة الصحفية المنشورة، وأن يبيّن مكان الحدث ومصدره سواء كان خارج المملكة أو داخلها.
عرض الخبر صورة لطفلة معتدى عليها، ولم يوضح إن كانت هي الطفلة الضحية أم غيرها. ولم يحدّد مصدر الصورة ولا تاريخها أو مكان التقاطها أو حتى إن كانت أرشيفية أو تعبيرية، ومن هنا فالمصلحة المتأتية من النشر لم تبرز، وكلّ ما هنالك أن الصورة عّرضت للترويج وجذب المشاهدين.
استهل الخبر مطلعه بالقول: "أقدمت امرأة على تعذيب طفلتها بطريقة وحشية" لاستدراج القارئ للمتابعة على فرض أن الحدث محلي، كما أوحى العنوان بذلك، ليتفاجئ القارئ بأن الجريمة وقعت في دولة عربية، ما أوقع الجمهور في التضليل. أما إذا كان هذا القارىء من فئة من يكتفون بقراءة العنوان ومشاهدة الصورة، فسيبقى على الانطباع بأنه أمام جريمة أردنية جديدة، وربما يخبر كثيرين حوله بذلك.
استكمل الخبر سرد الحكاية كما لو كانت محلية فعلًا، مستخدمًا عبارات: "قال سكان محليون"، و"استكمل السكان"، و"أشار السكان"، فظهرت القصة كأنها حصرية للوسيلة الإعلامية الأردنية التي نقلتها.
واختتم الخبر بالإشارة إلى أنه "أظهرت صور متداولة الطفلة في حالة يرثى لها، وقد تورم وجهها وفمها وإحدى عينيها نتيجة التعذيب البشع"، وكان يمكن أن يكون هذا الوصف بديلًا لعرض صورة الطفلة المعنّفة أسريًا دون مراعاة لمصلحتها الفضلى، فضلًا عن أن عرض الصورة يشكل انتهاكًا لخصوصيتها، ويعرّضها للتنمر أو الوصمة الاجتماعية بين أقرانها وفي محيطها الاجتماعي.
مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) ينبّه لحساسية التغطية الاخبارية للعنف الموجه نحو الأطفال وضرورة الحفاظ على كرامتهم الإنسانية وخصوصيتهم وتقدير مصلحتهم الفضلى وعدم تعريضهم لأي انتهاك حتى لو كان في سبيل كسب التأييد لقضاياهم حتى لا يتحولوا لسلعة إعلامية لزيادة المشاهدات والإعجابات.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2025 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني