عمَّان 6 حزيران (أكيد)- تناقلت وسائل إعلام محلية وخارجية وحسابات مشتركين على منصَّات التَّواصل الاجتماعي معلومات إخبارية تفيد بوجود أشخاص يحملون الجنسية الأردنية قرَّروا الهجرة غير الشَّرعية ومخالفة قوانين التنقل بين الدول. وسجّل هذا الموضوع مصدرًا كبيرًا للإشاعات. وتبيّن أنَّ الأعداد المتداولة تستحق قيام وسائل الإعلام المحلية على اختلافها باستنفار التَّغطية ونقل الواقع، بما قد يحاجه ذلك من تواصل مع مراسلين وصحفيّين في الموقع لنقل الصورة والتفاصيل.
تتبّع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) على مدار أكثر من 14 يومًا التَّغطية الصَّحفية لهذه المعلومات المتعلقة بالهجرة. ويرى المرصد أن من الطبيعي في معلومات إخبارية كهذه، أنّها تتطلب من وسائل الإعلام تغطية مدروسة، والبحث عن مصادر المعلومات بشكل متكامل ودقيق، على أن تشتمل على مصادر رسميّة تتمثّل بوزارة الخارجية وشؤون المغتربين، وبوزارة الاتصال الحكومي، وصولًا إلى السّفارات التي تعمل في الدول التي ظهرت منها هذه المعلومات، والانتقال إلى مصادر وشهود عيان وحالات من الحدث، كأن يتم التواصل مع الأفراد الذي قاموا بالهجرة أو مع ذويهم، والحصول على آراء الخبراء والمحلّلين في هذا الشَّأن، ثم وضع المعلومات والنتائج التي تتوصل إليها وسائل الإعلام أمام جمهور المتلقين.
وتبين من رصد (أكيد) أنَّ هجرة أشخاص أردنيين للخارج، قد شهدت من ناحية غيابًا شبه تام للإعلام العام في التَّغطية، وشهدت من ناحية أخرى تغطيات لدى الإعلام المستقل الذي انتشرت أخبار كثيرة عنه. وفي هذا الإطار، نشرت وسيلة إعلام مادة صحفية وصفتها بإنَّها "تحقيق"، لكنَّ كثيرًا من المعلومات فيها كانت غير دقيقة ومليئة بالأحكام وانعدام التوازن في المصادر، والابتعاد عن الحياد، وعدم الموضوعية في النَّقل، ما يُشعر القارئ أنَّ المادة الصحفية بها شيء مبتور.
وقدَّمت وسيلة إعلام مستقل ثانية عبر برنامج صباحي يومي لقاء عبر الهاتف مع أحد الأشخاص الذين هاجروا، وروى للوسيلة تفاصيل عن رحلته في قضية الهجرة، لكنَّ هذه التَّغطية غاب عنها أيضًا التوازن، والمصدر الواحد كان هو الغالب، وابتعدت الوسيلة عن الحياد، وعن الموضوعية والشمول.
ولاحظ (أكيد) أنَّ التغطيات التي قام بها الإعلام المستقل حملت عناوين ومفردات غير حيادية تسبَّبت بارتفاع عدد المشاهدات والمشاركات والتَّعليقات على منصَّات التَّواصل الاجتماعي، وهذا يحتاج إلى مراقبة المحتوى الصَّادر عن هذه المنصَّات، والذي يتعيّن أن يخضع في النهاية لأخلاقيات وأدبيات النَّشر الإعلامي التي نصَّت عليها مواثيق الشَّرف الصّحفية ومنظومة حقوق الإنسان العالمية.
ورصد (أكيد) تفاعل الجمهور عبر منصَّات التَّواصل الاجتماعي حول هذه القضية، وتفاوتت ردود أفعال الأفراد بين التأييد المطلق لما فعله المهاجرون بسبب الظروف الاقتصادية في الأردن، وبين ما رآه البعض الآخر من أنَّ المخاطرة وتجاوز القوانين ليس حلًّا للظروف الاقتصادية الصَّعبة، في ما ألقى قسم ثالث باللائمة على الدَّولة من زاوية عدم توفيرها حلولًا للمشكلات الاقتصادية التي يواجهها الشَّباب.
ويرى (أكيد) في هذه التَّغطية ما يلي:
أولًا: التَّحقيقات الاستقصائية هي أعمق أنواع الفنون الصِّحفية، وهي التي تجيب بشرح طويل ومعلومات دقيقة عن أسئلة "لماذا" الغامضة، ولا يصل لهذه الإجابة إلّا البحث الطويل والدَّقيق، وهذا ما لم ينطبق على ما قامت به وسائل الإعلام المحلية.
ثانيًا: تتعدد المصادر في التَّغطيات. وفي قضية الهجرة، يجب على وسائل الإعلام أن لا تستمع فقط لمن قاموا بهذا الفعل، فإن قال المهاجر غير الشَّرعي إنَّ ظروفًا اقتصادية صعبة هي السَّبب، فالمطلوب مهنيًا وأخلاقيًا من وسيلة الإعلام هو البحث عن هذه الظروف في الأردن وعند عائلته، فقد يكون ذلك صحيحًا، مثلما قد يكون غير صحيح، إذ قد تعود هجرته لأسباب أخرى، منها أن يكون هروبًا من القانون أو من قضايا مالية أو تعثر .. لذا من حق المجتمع المعرفة الدَّقيقة، وأن لا تُنسج قصص التَّحقيقات بسرعة على حساب النَّوعية والدقة، حتى لا يسهم ذلك في نهاية المطاف بتضليل جمهور المتلقين.
ثالثًا: وسائل الإعلام العامة والمستقلة يجب أن لا تترك الفرصة لمشتركين على منصَّات التَّواصل الاجتماعي يتناقلون أخبارًا ومعلومات وقصصًا غير صحيحة او غير دقيقة أو من نسج الخيال، فواجب وسائل الإعلام أن تبحث في الأسباب والمعطيات التي أدَّت إلى ذلك حتى لو تطلَّب الأمر منها الحصول على أسماء كل الذين تمَّ ضبطهم بالهجرة غير الشَّرعية لفحص سجلاتهم وأوضاعهم وظروفهم المعيشية، وحتى لو استغرق هذا التَّحقيق أشهرًا عديدة، أو في بعض الحالات سنوات.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني