عمَّان 28 آب (أكيد)- سوسن أبو السُّندس- أثار فيلم "حياة ماعز" جدلًا واسعًا على وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي استرعى انتباه وسائل إعلام محلية وعربية. وقد تباينت ردود الفعل حول الفيلم، حيث استنكر بعضهم بشدة عرضه، في ما اعتبره آخرون تجربة فنية ذات طابع فردي.
ومع تصاعد الجدل، سارعت وسائل إعلام إلى تغطية الحدث، إلا أن تلك التغطية اتّسمت في بعض الأحيان بنقص الحياد والموضوعية، بل تجاوزت بعض وسائل الإعلام دورها المهني عبر استغلال الموقف للنيل من الدولة العربية، ما أدى إلى تعميم أحداث الفيلم الدرامية على المجتمع العربي بأسره، دون الإشارة إلى أن هذه الممارسات قد تكون فردية، وتوجد إلى جانبها العديد من الممارسات النبيلة التي تستحق الإشادة.
وفي هذا السياق، تابع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) تغطيات وسائل الإعلام المحلية والعالمية والنقاشات على وسائل التواصل الاجتماعي المتعلقة بالدراما، وتبيّن أن بعض وسائل الإعلام عمدت إلى انتقاء ما يتوافق مع سياساتها التحريرية، متجاهلةَ بذلك أسس التغطية المهنية الشاملة والقائمة على الموضوعية.
يشير مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) إلى أن التغطية الإعلامية للدراما، لم تأخذ في الاعتبار السياق الزمني والتغيرات التي طرأت على المجتمع، إذ وقعت الاحداث التي استندت إليها قبل أكثر من 30 عامًا، متجاهلةَ التحولات الثقافية والاجتماعية الكبيرة التي حدثت منذ ذلك الحين، الأمر الذي أدى إلى إثارة خطاب كراهية ضد الفئة العاملة المعنية.
علاوة على ذلك، لم تبرز وسائل الإعلام الجوانب الإنسانية والإيجابية التي تميز العديد من أصحاب العمل في تعاملهم مع هذه الفئة، ما أدى إلى تغطية غير متوازنة افتقرت إلى الالتزام المهني والحياد.
كما ارتكبت وسائل الإعلام المرصودة عدة مغالطات مهنية، منها الادعاء بأن الدراما صُوّرت بالكامل في الأردن، وتحديدًا في وادي رم، إلا أنه بعد التحقّق، تبيّن أن التصوير لم يقتصر على الأردن فحسب، بل شمل مواقع أخرى خارجها، مثل الجزائر والهند، وفقًا لموقع IMDb المتخصّص في تحديد مواقع تصوير الأفلام. أما المشاهد التي ركّزت على المناظر الصحراوية، فقد صُوّرت بشكل رئيس في الجزائر، وليس في الأردن كما زُعم.[1]
بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي ادّعوا أن الفيلم يروج للسياحة في الأردن، وأن الأردن شارك في الإنتاج لهذا الغرض، إلا أن الفيلم لا يركّز على الترويج السياحي، وأن إدعاء المشاركة الأردنية في الإنتاج لم تدعمها مصادر رسمية أو موثوقة، ولا يوجد دليل يشير إلى أن التصوير في الأردن كان بهدف الترويج للسياحة أو أن الأردن كان مشاركًا في الإنتاج بشكل رسمي.
ويشير (أكيد) بعد هذا التتبع والرَّصد إلى ما يلي:
أولًا: إنَّ وسائل الإعلام يجب أن تتحلى بالمهنية والموضوعية عند القيام بتغطيات لأفلام درامية، حيث إنَّ الدراما تفتقر إلى الواقعية، وتعتمد على التشويق والإثارة وتضخيم الأحداث.
ثانيًا: عند تغطية الأحداث الإنسانية، يتعيّن أن تنقل وسائل الإعلام كل وجهات النظر، وتُبيّن الأغلب الأعم على أرض الواقع، وإن قررت تناول تغطية قصة، فمن المهنية أن تنقل القصص الأخرى التي تعكس واقع الحال.
ثالثًا: على وسائل الإعلام عند تغطية الأحداث الدرامية أن تتنبه إلى عدم استغلال الجهات المنتجة للدراما وتروج لكل ما قدمته على أنَّه الواقع وتقوم بتحليل كل الأبعاد التي ترافق الواقع.
رابعًا: على وسائل الإعلام أن تنظر إلى المصلحة العامة التي يمثلها ملايين الأشخاص الذين يعملون وفق قوانين وتشريعات الدول، وأن الممارسات التي تقع يجب التمييز بين ما هو فردي منه، وبين ما هو جريمة منظّمة أو ظاهرة.
خامسًا: وسائل الإعلام تحمل في رسالتها أمانة ومسؤولية تجاه الجمهور، وبالتالي يجب أن تكون سياستها التحريرية منسجمة مع هذا الهدف، وعليها الابتعاد عن التسبّب باضطراب المعلومات للمتلقين وعن الإسهام بخطاب الكراهية ووقف تمدده الى منصات التواصل الاجتماعي، ومن ثم إلى فئات المجتمع.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني