لا توجّه رسميًا أو قضائيًا لتخفيف عقوبة تجارة المخدرات.. وما تم تداوله يتعلق بأحكام قضائية لأفراد وفق الصلاحيات التي يتمتع بها القضاة بموجب القانون (تحقّق)

لا توجّه رسميًا أو قضائيًا لتخفيف عقوبة تجارة المخدرات.. وما تم تداوله يتعلق بأحكام قضائية لأفراد وفق الصلاحيات التي يتمتع بها القضاة بموجب القانون (تحقّق)

  • 2025-10-17
  • 12

تحقّق: محتوى مضلّل

عمّان 16 تشرين الأوّل (أكيد)- سوسن أبو السُّندس

القصّة:

انتشرت عبر منصّات التواصل الاجتماعي منشورات تتحدّث عن قرار من محكمة التّمييز يقضي بتخفيف عقوبة تُجّار المخدرات، وصاحبَ المنشور تعليقات غاضبة تشير إلى "تراجع هيبة الدولة في مواجهة تجّار السّموم"، في ما اعتبر كثيرون أن ما حدث يعكس"تساهلًا خطيرًا” مع جرائم تهدّد المجتمع.

وأشار بعضهم إلى أن "دول العالم تتّجه نحو تغليظ العقوبات على تُجّار المخدرات حتى وصلت في بعضها حد الإعدام"، متسائلين عن سبب تخفيف العقوبات في الأردن. وفي المقابل، اتّجه آخرون إلى طرح تساؤلات سياسية من قبيل: "هل هناك من يريد تقويض الداخل الأردني؟ وهل عادت تيارات الإفساد لتتحكّم بالقرار؟". ولم يخلُ الجدل من نبرة ساخرة، إذ كتب بعضهم قائلًا إن "محكمة التّمييز ربما اقتنعت بأن الوضع الاقتصادي الصّعب يبرّر بيع البودرة".

التّحقّق:

أجرى مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) بحثًا معمقًا في المواقع الرّسمية والقضائية للتّحقّق من الادّعاء، وتبيّن أنه لا وجود لأي قرار رسمي أو توجه قضائي عامّ يقضي بتخفيف عقوبات تجارة المخدّرات. كما لم يصدر أي تصريح رسمي من وزارة العدل أو مجلس القضاء الأعلى حول تعديل العقوبات أو توجيه عام لتخفيفها. وفي شتى الأحوال، فإن أي تعديل على العقوبات المقرّرة بموجب قانون العقوبات لا يمكن أن تأخذ طريقها إلى النفاذ ما لم يمر التعديل عبر القنوات الدستورية.

وبحسب نتائج البحث، فإن ما جرى تداوله يعود إلى قضايا فردية محدّدة نُظرت أمام محكمة التّمييز خلال الفترة الماضية، صدر فيها تخفيض للعقوبة بحق متّهمين في جرائم ترويج موادّ مخدّرة، وذلك استنادًا إلى الأسباب المخفّفة التّقديرية المنصوص عليها في قانون العقوبات الأردني.

فقد أشارت وسائل إعلام إلى صدور أحكام قضائية أيدت فيها محكمة التمييز تخفيض العقوبة في بعض القضايا، منها حكم خُفّض فيه السجن من خمس سنوات إلى أربع سنوات والغرامة من خمسة آلاف إلى أربعة آلاف دينار، مراعاةً لظروف المتّهم ومنحه فرصة لإصلاح مساره.

وفي أخرى، صادقت المحكمة على حكم يقضي بوضع شاب أُدين بترويج مواد مخدّرة بالأشغال المؤقتة لمدة ثلاث سنوات وأربعة أشهر وغرامة 3500 دينار، مراعاةً لحداثة سنّه وإتاحة الفرصة لتصويب حياته، وهي أسباب تراها المحكمة استثنائية وتقديرية لا تشكّل قاعدة عامة. [2] [1]

وبالعودة إلى قانون العقوبات  لسنة 1960 وتعديلاته، يستند القضاء في هذه الحالات إلى ما يسمى بـالأسباب المخفّفة التقديرية الواردة في المادّتين (99 و100)، حيث تمنح المحكمة حق تخفيض العقوبة إذا وجدت مبررات إنسانية أو اجتماعية تستحق النظر.[3]    

أما بالنسبة للقانون المعدّل لقانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم (24) لسنة 2021، فقد أوضحت المادّة (9) المعدّله في الفقرة (أ) أن هناك عقوبات محدّدة بالحبس أو بغرامة مالية أو بكلتا العقوبتين لـ "كلّ من تعاطى أو أدخل أو جلب أو هرّب أو استورد أو صدّر أو أخرج أو حاز أو أو أحرز أو اشترى أو تسلّم أو نقل أو أنتج أو صنع أو خزّن أو زرع أيًا من المواد المخدّرة والمؤثرات العقلية أو المستحضرات أو النباتات التي ينتج منها موادّ مخدّرة أو مؤثّرات عقلية بقصد تعاطيها". كما بيّنت الفقرة (ب) من المادة الثامنة أنّه لا يعتبر أي فعل من الأفعال المشار إليها في الفقرة (أ) سابقة جرمية أو قيدًا أمنيًا بحق مرتكبه للمرّة الأولى، الأمر الذي يشير إلى الفرق بين التعاطي للمرة الأولى والاتّجار أو الترويج.[4]

 

 

وعلى ذلك لا يوجد أي توجه رسمي أو قضائي لتخفيف عقوبات تجار المخدرات وما تم تداوله هو عبارة عن قرارات تتعلّق بحالات فردية نُظرت وفق القانون، وتخضع لتقدير القضاة في كل قضية على حدة.