عمّان 21 نيسان (أكيد)- سوسن أبو السّندس-في الماضي كانت الأخبار العاجلة تعترض البثّ الاعتيادي، فيظهر المذيع معلنًا عن خبر حديث فائق الأهمية، غير متوقع، ويهمّ الجمهور الواسع، إلا أن هذه المعايير لم تعد بالحسبان، إذ أصبح المشهد الإعلامي يُسرف في استخدام مفهوم "الخبر العاجل"، الأمر الذي يفقد المؤسسات الإعلامية المهنية والمصداقية المطلوبة بعد أن يجد جمهور المتلقين أنفسهم أمام وابل من الأخبار العاجلة التي تنقل الأحداث الجديدة سواء كانت مهمة أم لا.
تتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) أعداد الأخبار العاجلة لمدة أسبوع في الفترة مابين 12 إلى 20 نيسان، من خلال عينة قصدية اشتملت على ثلاث صحف، وثلاث قنوات تلفزيونية، وإذاعتين اثنتين، إضافة إلى 20 موقعًا إخباريًا، فوجد أن أعداد الأخبار العاجلة، وصلت نحو 15 ألف خبر عاجل، أي بمعدل 2100 خبر يومي عاجل.
أخضع (أكيد) الأخبار العاجلة للتحليل، وذلك لمعرفة المعايير المعتمدة لتصنيفها بأنها "أخبار عاجلة"، فتصدّرت الأخبار البديهية المعروفة بالضرورة، حيث أنه من الواجب الإعلامي متابعة آخر تحديثات الشأن الإيراني الأمريكي، إلا أن شعور إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدين بالقلق جراء الموقف الإيراني لا يُعدّ خبرًا عاجلًا، كذلك فإن استئناف الأردنيّين أعمالهم ودوامهم بعد إجازة العيد، لا يُعدّ خبرًا عاجلًا.
ورُصد نمط آخر يُصنّف بأنه أخبار عاجلة، يتمثّل بنقل التطورات على مختلف الصعد، في حين أن المتابعات الإعلامية لحدث ما لا تعدّ خبرًا عاجلًا، ومن الأمثلة على ذلك أن بايدن يؤكد على التزام بلاده في الدّفاع عن إسرائيل، حيث أن هذا التّصريح لا يحمل معلومة جديدة ولا يمكن التعامل معه في السياق الذي جاء به على أن "عاجل".
كذلك رُصدت عواجل عديدة تتصدر الأخبار، دون مسوّغ مهنيومن الأمثلة على ذلك: كم أكل الأردنيون وكم أنفقوا، أرقام الصادرات والواردات، التعينات، أخبار المشاهير أو الفنانين، أخبار الطقس في الأجواء الاعتيادية، الاعتداءات والعنف جميعها ليست بعواجل .
أما بالنسبة لتتبّع أخبار المسؤولين وتصريحاتهم، فقد رُصد توجّه إعلامي يقوم على تقسيم تصريحات المسؤولين أو خطاباتهم أو بياناتهم إلى مقتطفات، ونشرها تحت بند الأخبار العاجلة، حتى وإن كانت مكررة ولا تقدم أي إضافة. وفي السياق ذاته، رُصدت أراء لمحلّلين أو سياسيّين تُقدّم لجمهور المتلقين أيضًا بصفة خبر عاجل.
أجرى(أكيد) بحثًا سابقًا لتحديد وتقريب معنى الخبر العاجل، وأشار البحث إلى أن الخبر العاجل هو حدث مهم وقع للتَّو، أو حدث عليه تطور مهم، ويرجع تقدير الأهمية إلى عدة محددات أبرزها، البُعد أو القرب بالنسبة للجمهور، إضافة إلى حجم التأثير أو عدد المتأثرين بالحدث من الجمهور، كما يجب ملاحظة التّداعيات اللاحقة للخبر، فقد يكون حدث مدعاة لنشوء حرب على سبيل المثال.
ومن خلال رصد عناوين الأخبار العاجلة، لوحظ ما يلي:
- أسهم بروز التَّطبيقات الناقلة للأخبار في اتّساع دائرة الخبر العاجل دون مراعاة لأهمية هذا الخبر وصفته للمتلقين.
- تنافس المؤسسات الإعلامية وحرصها على السّبق الصّحفي ورغبتها في زيادة أعداد المتابعين، كان سببًا للتّوسع في نشر أخبار على أنها عاجلة، رغم أنها لا تستحق إطلاقًا هذا المعنى.
- اعتماد بعض المؤسسات الإعلامية على عملية "القص واللصق"، حيث تكرّر وسائل إعلام الخبر ذاته دون مصادر خاصة، معتمدة على وسائل إعلام أخرى.
- تمارس بعض وسائل الإعلام الرقابة الذاتية على نفسها، فلا تقدم أخبارًا عاجلة سياسية، فتلجأ إلى عواجل فنية أو اجتماعية رغبة في جذب جمهور المتلقين.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني