وفاة السيدة آية عادل في الأردن.. هل الإعلام ينقل الحقيقة أم يستغلّها؟

وفاة السيدة آية عادل في الأردن.. هل الإعلام ينقل الحقيقة أم يستغلّها؟

  • 2025-02-27
  • 12

عمّان 26 شباط (أكيد)- سوسن أبو السُّندس- الكرامة الإنسانية ليست مجرد مبدأ نظري في الصحافة، بل خط أحمر يجب عدم تجاوزه، ولذا حين تتحول المأساة إلى محتوى بصري يُعرض أمام الجمهور، تبرز تساؤلات جوهرية حول الحدود الأخلاقية للنشر الصحفي، حيث سارعت بعض وسائل الإعلام إلى نشر لقطات مصوّرة توثق لحظة سقوط السيدة آية عادل من الطابق السابع، الأمر الذي تسبّب في وفاتها.

تتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) المقطع المصور المرفق مع الخبر، فوجد أنّ النشر دون إذن العائلة يُعد انتهاكًا صارخًا للخصوصية والكرامة الإنسانية، حتى وإنْ تم تداول المقطع في بلدها الأم، وهو ما يتعارض مع ميثاق الشرف الصحفي الأردني الذي يُلزم المؤسسات الإعلامية باحترام الحياة الخاصة للأفراد، وتجنب نشر المحتوى الصادم دون مبرر يخدم المصلحة العامة.

ويشير (أكيد) إلى أن القضية ما زالت قيد التحقيق، وتطالب عائلة الضحية بإعادة النظر في الملابسات، ونشر المقطع  قد يؤثر على مجرى العدالة، ويسهم في تشكيل رأي عام متحيز قبل اكتمال التحقيقات، وهو ما يتنافى مع مبدأ الحياد الصحفي.

ومن الضروري الإشارة إلى أن النشر المتكرر للمشاهد الصادمة يؤدي إلى إضعاف الحساسية المجتمعية تجاه العنف، الأمر الذي يسهم في تطبيع مشاهد القتل والانتحار والاعتداءات وجعلها جزءًا مألوفًا في الوعي الجماعي، وذلك يتناقض مع الدور التوعوي للإعلام الذي يُفترض به أن يعزّز الوعي بقضايا العنف عوضًا عن نشرها.

كما أن نشر مشاهد كهذه دون مراعاة تأثيرها النفسي على عائلة الضحية، يُعد ممارسة غير أخلاقية تتجاوز حق الناس في المعرفة، وهذا النهج يضع الوسائل الإعلامية في دائرة "الصحافة الصفراء"، التي تركز على الجوانب المثيرة والمشاهد الصادمة دون مراعاة القيم المهنية والأخلاقية للنشر.

يشير(أكيد) إلى أن النشر الصحفي ليس مجرد نقل للمعلومات، بل هو ممارسة مهنية تنطوي على مسؤولية أخلاقية تجاه الضحايا والمجتمع.  ففي قضية آية عادل، اختارت بعض الوسائل الإعلامية الإثارة على حساب المبادئ المهنية، في حين أن الصحافة الحقيقية تعمل على نقل الحقيقة دون المساس بكرامة الضحايا أو استغلال مآسيهم.

ولضمان تغطية مهنية وأخلاقية في قضايا كهذه، ينبغي التركيز على السياق والتحقيقات بدلًا من نشر محتوى صادم يؤثر على مشاعر الجمهور، كما أن تقديم تحليل معمّق حول قضايا العنف الأسري والعنف ضد المرأة يسهم في توعية المجتمع بالقضية، ومن الضروري استخدام صور بديلة تحترم خصوصية الضحية مثل صور أرشيفية أو مقتطفات من بيانات عائلتها، دون التسبّب بأي ضرر نفسي لهم.