وسائل إعلام تستغل ارتفاع أسعار زيت الزيتون في الأردن وتنشر معلومة غير دقيقة عن أسعاره في سوريا لجذب المشاهدات

وسائل إعلام تستغل ارتفاع أسعار زيت الزيتون في الأردن وتنشر معلومة غير دقيقة عن أسعاره في سوريا لجذب المشاهدات

  • 2025-10-29
  • 12

عمّان 28 تشرين الأول (أكيد)- عُلا القارصلي- شهدت الأيام الماضية تداولًا واسعًا لمعلومة غير دقيقة حول أسعار زيت الزيتون في سوريا، بعد أن بثّت وسيلة إعلام محلية مقابلة مع مصدر في جمعية حماية المستهلك للحديث عن الأسعار بشكل عام وارتفاعها في السوق الأردني. وخلال المقابلة تمّ التطرّق إلى ارتفاع أسعار زيت الزيتون تحديدًا، وطرح المذيع سؤالًا حول الأسعار في سوريا، فأجاب الضيف بشكل تقريبي قائلًا:  "حوالي 60 أو 50 دينارًا، وبتكون جاية من هناك بـ 20 أو 30 دينارًا".[1] [2]

وسيلة الإعلام عنونت المقابلة بالآتي: "جمعية حماية المستهلك: زيت الزيتون لا يغطي سوى 30 بالمئة من حاجة السوق.. وسعر التنكة في سوريا 20 دينارًا"، واقتطعت هذا الجزء من المقابلة ونشرته على شكل فيديو قصير على منصّاتها في مواقع التواصل الاجتماعي، ووضعت عليه جملة: "سعر تنكة زيت الزيت في سوريا 20 دينارًا أردنيًا"، هذه الجملة سرعان ما تحولت إلى عنوان خبري ونقلته وسائل إعلام على أنها معلومة مؤكّدة. [3] [4] [5] [6] [7]

ورغم أن فارق الأسعار كبير جدًا، وهذا كافٍ لإثارة الشك، نقلت وسائل إعلامية المعلومة نفسها دون تحقّق أو مراجعة، ولم تسع أي وسيلة للتأكد من الرقم، أو لمقارنة الأسعار مع السوق السوري. وبدلًا من التحقًق، اختارت بعض الوسائل إعادة نشر العنوان نفسه في صيغته المثيرة، مستفيدة من الجدل لجذب المشاهدات والتفاعل.

وللتأكد من المعلومة، عاد مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) إلى وسائل الإعلام السورية التي أكّدت أن أسعار زيت الزيتون في سوريا ارتفعت بشكل ملحوظ بسبب تراجع الإنتاج بنسبة تقارب 40 بالمئة نتيجة الجفاف، ما رفع سعر تنكة الزيت من 600 ألف إلى 900 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 58 دينارًا، وليس 20 دينارًا كما تمّ تداوله، وهذه الفروقات تثبت أن الرقم الذي استخدم في العنوان كان خاطئًا أو خارج السياق تمامًا.[3] [4]

ويرى (أكيد) أن ما حدث يمثّل مخالفة مهنية واضحة، إذ لم تُراجع الوسائل الأرقام، ولم تُبيّن العملة أو السياق الجغرافي، ولم تأخذ بالاعتبار أن المناخ واحد والأسباب التي أدت لرفع الأسعار في الأردن كفيلة برفع الأسعار في البلاد المجاورة التي تتميز بالمناخ ذاته، كما لم تُصدر أي توضيح أو تصحيح بعد انتشار العنوان، وهذا النوع من المعالجات يعكس توجّهًا متزايدًا لدى بعض المنصّات نحو استخدام الأخبار الاقتصادية الحسّاسة كمواد للترند، دون تقدير لتأثيرها على السوق أو على ثقة الجمهور بالإعلام.

تُظهر المخالفات المهنية أن بعض وسائل الإعلام المحلية استغلّت ارتفاع أسعار زيت الزيتون في الأردن لتقديم مقارنة مع السوق السوري بهدف إثارة الجدل وزيادة نسب المشاهدة، وليس لتوضيح الفروقات الحقيقية في أسباب ارتفاع الأسعار أو ظروف الإنتاج بين البلدين، وهذه الممارسات تؤدي إلى تشويه الفهم العام للسوق، وتخلق ضغطًا نفسيًا على المستهلك الأردني، إضافة إلى الإضرار بسمعة القطاع الزراعي المحلي.

ويشير (أكيد) إلى أن مثل هذه الأخطاء تبرز الحاجة إلى تعزيز ثقافة التحقّق من المعلومات الاقتصادية قبل النشر، خصوصًا في ظل التفاعل الكبير الذي تحقّقه المنصّات الرقمية مع الأخبار المثيرة، فالمصداقية لا تُقاس بعدد المشاهدات، بل بمدى التزام الوسيلة بمسؤوليتها في تقديم معلومات دقيقة تحترم وعي الجمهور وتخدم المصلحة العامة.