وسائل الإعلام توازن بين الدّعوة لحماية الحقوق والحفاظ على الكرامة الانسانية في قضية وقف حبس المدين

وسائل الإعلام توازن بين الدّعوة لحماية الحقوق والحفاظ على الكرامة الانسانية في قضية وقف حبس المدين

  • 2025-05-31
  • 12

عمّان 29 أيار (أكيد)- عُلا القارصلي- أقرّ المشرّع الأردني قبل ثلاث سنوات القانون رقم (9) لسنة 2022، قانونًا معدّلًا لقانون التنفيذ، وهو ينصّ على إلغاء حبس المدين في الدّيون التّعاقدية. التعديلات الجديدة منحت المدينين ثلاث سنوات لتسوية أوضاعهم قبل تاريخ نفاذ أحكام هذا القانون. وجاءت هذه التّعديلات إيفاءً بالتزام الأردن بالمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، وبخاصة العهد الدّولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، حيث تنص المادة (11) من العهد على أنه "لا يجوز سجن أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي" [1] [2]

مع اقتراب تطبيق التعديلات الجديدة على قانون التنفيذ، اعتبارًا من 1 حزيران 2025، بدأ الجدل في الشارع الأردني، بين مؤيّد يرى فيها انتصارًا للكرامة الإنسانية، ومعارض يعدّها تهديدًا لحقوق الدّائنين ومصالحهم.

وبالنظر إلى ان هذه القضية حظيت باهتمام واسع، من مختلف شرائح المجتمع، كونها تمس العلاقات التي تربط الأفراد بعضهم بعضًا، نفّذ مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) رصدًا كميًا ونوعيًا لتغطية وسائل الإعلام الأردني للقضية، للتّعرف على اتّجاهات التّغطية، لما يوفّره الرّصد التّراكمي من معلومات مهمّة لفهم وجهات النظر. واختيرت عيّنة لهذا الغرض بواقع 12 وسيلة إعلامية، اشتملت على محطّتين تلفزيونيّتين، وإذاعتين، وصحيفتين يوميّتين، وستة مواقع إلكترونية، وامتدّت عملية الرصد للفترة من 22 إلى 28 أيار.

بيّنت عملية الرصد أن الإعلام المحلّي شرح التّعديلات الجديدة التي تنص على خفض مدة الحبس من 90 يومًا إلى 60 يومًا، على ألا تتجاوز المدة الإجمالية 120 يومًا في حال تعدّد الدائنين، وخفض قيمة التسوية من 25 إلى 15 بالمئة من أصل المبلغ، وجرى توضيح الحالات المستثناة من وقف حبس المدين، وهي: ديون العمالة، إيجارات الوحدات السّكنية، ديون النّفقة، الدّيون الناشئة عن جرائم جزائية.

عرضت وسائل الإعلام وجهة نظر المؤيدين والمعارضين؛ المؤيدين اعتبروا التّعديلات خطوة نحو العدالة الاجتماعية، من منطلق أنّ حبس المدين إجراء قاسٍ يتعارض مع حقوق الإنسان، خصوصًا في حالات العجز الحقيقي عن السّداد. ويرى المؤيدون أن سجن المدين لا يُعيد للدائن أمواله، بل يُفاقم معاناة الطّرفين، وأنّ هذا القانون يمنح المدينين فرصة لإعادة ترتيب أوضاعهم المالية بعيدًا عن ضغوط السّجن. وعدّ المؤيدون هذه التّعديلات خطوة للتّخلص من الاقتصاد الوهمي مثل الشّيكات دون رصيد.

أما المعارضون، فقد عدّوا التّعديلات تهديدًا لحقوق الدائنين. وعبّر العديد من  القانونيّين والاقتصاديّين عن مخاوفهم من أن تشجّع الأحكام الجديدة على التّهرب من الالتزامات المالية، ما دام أنّ إلغاء الحبس قد يفتح الباب أمام بعض المتحايلين لعدم سداد ديونهم دون خوف من العقوبة، ما يُضعف من قوة الردع، ويؤثّر سلبًا على الدورة الاقتصادية، وأكّدوا أن حماية الدائن لا تقل أهمية عن حماية المدين، مطالبين بوجود ضمانات قانونية أكثر صرامة لضمان استرداد الحقوق.

أعدت قنوات تلفزيونية حلقات نقاش بين المؤيدين والمعارضين للوصول إلى حلول تحقّق التّوازن بين تحصيل حقوق الدائنين وتقليل أعداد المحكومين بالحبس، مثل تطبيق "الإعدام المدني"، وهو آلية قانونية تهدف إلى إجبار المدين على سداد ديونه من خلال فرض قيود إدارية ومالية عليه تشمل: منع تجديد رخصة القيادة أو جواز السفر، حظر السفر خارج البلاد، منع فتح حسابات بنكية أو الحصول على قروض، حظر إصدار دفاتر شيكات، الحجر على الأموال المنقولة وغير المنقولة، منع استقبال الحوالات المالية من الداخل والخارج، وحظر تسجيل شركات أو مؤسسات لدى مراقب الشركات.

هذا فضلًا عن تفعيل "المراقبة الالكترونية"، وهي خيار يتيح للمدين سداد مبلغ الدين خلال فترة المراقبة، وبعد التّسديد تُرفع الرقابة عنه، وهكذا تساعد المراقبة الالكترونية المدين على الاستمرار بالعمل ضمن منطقة جغرافية محدّدة يسمح له بالتنقل ضمنها.