عمّان 29 أيلول (أكيد) – مع تصاعد تأثير وسائل الإعلام المتنوعة وتزايد دورها في تشكيل الرأي العام، أصبحت الحاجة لتعزيز المعايير الصحفية أكثر إلحاحًا لضمان الاحترافية وتجنب التحيز، وينطبق ذلك أيضًا على وسائل الإعلام التي لديها رسالة ذات طابع ديني، والتي تواجه تحديًا كبيرًا في الموازنة بين الإرشاد الديني والتغطية الإخبارية المهنية.
وعلى ذلك أثارت إحدى الإذاعات المحلية موجة عارمة من الجدل على منصات التواصل الاجتماعي إثر بثها لمحتوى يشير إلى عدم التزام بعض أفراد الجيش الأردني بالواجبات الدينية، الأمر الذي أشعل نقاشًا حادًا بين المستخدمين، ليتحول إلى أحد أكثر المواضيع تداولًا على منصة إكس خاصة بعد تصدر وسم "الجيش_الأردني" قائمة الأعلى تداولًا مساء يوم 25 أيلول.
اطّلع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) على المقطع المصور، وحلّله وفقًا لمعاييره في تقييم أداء الوسيلة الإعلامية، وخلص إلى وجود عدد من المخالفات، أبرزها الآتي:
- أبرزت التصريحات الواردة في المحتوى تعميمًا وحكمًا على بعض أفراد الجيش الأردني دون الاستناد إلى أدلة أو مصادر موثوقة تدعم هذه الادعاءات، ويتعارض ذلك مع مبدأ الدقة والموضوعية في التغطية الإعلامية، ما قد يعدّ تشويهُا لسمعة مؤسسة وطنية تحظى بثقة المجتمع.
-افتقر المحتوى إلى تقديم وجهات النظر المختلفة حول القضية المطروحة، حيث انتقد المذيع أداء دائرة الإفتاء التابعة للقوات المسلحة، داعياً إياها إلى بذل المزيد من الجهود، دون إتاحة الفرصة للأطراف المعنية لتوضيح مواقفها، ويعد ذلك انتهاكًا لمبدأ التوازن الإعلامي، الذي يقتضي عرض جميع الآراء لضمان نقاش عادل وشامل، ولتحقيق صحافة موضوعية ومسؤولة.
-عدم الشفافية في ذكر المصادر، إذ لم يوضح المحتوى المصادر التي استند إليها في هذه الادعاءات، ما يعيق جهود التحقّق من صحة المعلومات المطروحة ويضعف مصداقية التقرير.
-انتهاك الخصوصية والأخلاقيات، إذ كُشف عن معلومات شخصية تتعلق ببعض الأفراد دون موافقتهم ودون التأكد من صحتها، وهو ما يعد انتهاكًا لمبادئ الخصوصية والأخلاقيات الصحفية.
- قُدّمت الأفكار المتعلقة بالتزام أفراد الجيش الأردني بالواجبات الدينية وكأنها حقائق مؤكدة، دون إيضاح كافٍ بأن هذه الأفكار تمثل وجهة نظر، وليست عرضًا لخبر متوازن يتضمن جميع العناصر الخبرية المطلوبة، وهذا يشكل خروجًا على معيار الفصل بين الرأي والخبر، والذي يدعو ميثاق الشرف الصحفي أيضًا للالتزام به.
وفي تطور لاحق، وبعد تصاعد الجدل، بادرت المحطة الإذاعية إلى التواصل مع مفتي القوات المسلحة، حيث تم تناول موضوع التربية العقدية لأفراد الجيش، وجاء هذا الحوار كخطوة لتوضيح موقف القوات المسلحة من التزام أفرادها بالواجبات الدينية، ما يضيف بُعدًا جديدًا للنقاش، ويشير إلى محاولة الوسيلة الإعلامية تقديم معالجة للمحتوى السابق.
ويدعو (أكيد) إلى وجوب تقديم تغطية متوازنة تعكس كافة الآراء وتلتزم بالشفافية والمصداقية، وفي ضوء تصدّر وسم الجيش الأردني على منصات التواصل الاجتماعي، تتضح الحاجة إلى التزام أكبر من قبل وسائل الإعلام بالمعايير المهنية، خاصة عند تناول قضايا تمس مؤسسات الدولة الحساسة.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني