تأخر التصريحات الرسمية حول أزمة الغاز أدّى إلى تأويلات إعلامية دون تحليل واضح للتداعيات

تأخر التصريحات الرسمية حول أزمة الغاز أدّى إلى تأويلات إعلامية دون تحليل واضح للتداعيات

  • 2025-06-30
  • 12

عمّان  26حزيران (أكيد) -لقاء حمالس- تداولت وسائل إعلام وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي معلومات تفيد بتوقّف تام لإمدادات الغاز من إسرائيل ومصر إلى الأردن، مع الحديث عن تأثير مباشر على شبكة الكهرباء الوطنية قد يؤدي إلى انقطاعات وشيكة، بسبب التوترات الإقليمية الأخيرة.

تابع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) ما نُشر في ما يتعلق بهذا الموضوع، ومن خلال عملية الرّصد تبيّن أن عددًا من التغطيات تناولت احتمالية انقطاع الكهرباء في الأردن على خلفية الأزمة المتصاعدة بين إيران وإسرائيل، وأحاديث عن وقف تصدير الغاز للأردن من مصر وإسرائيل.[1]

لاحظ (أكيد) أن بعض وسائل الإعلام روّجت لسيناريوهات غير مؤكدة عن توقّف في إمدادات الغاز، ما سينعكس على الشبكة الكهربائية الأردنية بانقطاعات ستطال مختلف المناطق، وقد جرى تداول هذه الإدعاءات وتناقلها دون وجود مصدر رسمي أو بيانات من قبل الجهات المختصة ذات العلاقة، مثل وزارة الطاقة والثروة المعدنية أو شركة الكهرباء الوطنية.[2]

ومن خلال تتبّع (أكيد) للبيانات الرسمية الصادرة عن الحكومة الأردنية خلال الأيام الماضية، وجد المرصد تضاربًا نسبيًا، إذ بدأت التصريحات بصيغة نفي ضمني، قبل أن تتحول إلى تأكيد صريح لتوقّف الغاز الإسرائيلي وطمأنة الناس بعدم تأثر الكهرباء.

في الأيام الأولى، لم تصدر الحكومة الأردنية بيانًا رسميًا عن توقف الإمدادات، وهو ما ترك مساحة كبيرة للتأويلات الشعبية والإعلامية. لكن جاءت لاحقًا تصريحات وزير الطاقة صالح الخرابشة وعدد من مسؤولي شركة الكهرباء الوطنية (نيبكو) لتبيّن أنّ الغاز الإسرائيلي قد توقّف فعليًا بسبب الأوضاع الأمنية في حقل "ليفياثان"، وأنّ التحول الفوري إلى الوقود البديل مكّن من استمرار الشبكة الكهربائية في العمل دون انقطاع.

شركة الكهرباء الوطنية أكّدت من جهتها أنّ مصادر التوليد كافّة مستمرة بالعمل، وأنّ هنالك خططًا بديلة جاهزة للتعامل مع أي طارئ، لعل أهمها: التحوّل الفوري إلى استخدام الوقود السائل (الديزل وزيت الوقود الثقيل) لتوليد الطاقة، علمًا بأنّ المحطّات التقليدية جاهزة لهذا التبديل، بما فيها رحاب، والسمرا، والقطرانة.[3]

كذلك أكّدت وزارة الطاقة والثروة المعدنية أن المخزونات الحالية من الوقود السائل تكفي لفترة لا تقل عن 20 يومًا، مع إمكانية إعادة التزويد يوميًا.[4] ونفت الوزارة لاحقًا ما تداولته وسائل إعلام دولية عن استئناف محدود للضخ، مؤكدة أن الإمدادات ما زالت متوقفة حتى إشعار آخر، وأن الأردن يعتمد حاليًا على احتياطاته المحلية، وعلى الربط الإقليمي لتوليد الكهرباء.[5]وهذا يبين أهمية الوضوح وتحديث البيانات الإعلامية الرسمية تجنبًا للخلط والتأويل.

في المقابل، غاب عن هذه التغطيات التحليل الاقتصادي المعمّق، وخاصة ما يتعلّق بتقدير التكلفة المالية للتحوّل إلى الديزل والوقود الثقيل، ما دام أنّ هذا التحوّل يكلّف الخزينة ملايين الدنانير يوميًا وفق تصريحات المسؤولين. كما لم يتمّ مناقشة من هي الجهة التي ستتحمل هذه التكلفة.

كذلك لم تتوسّع وسائل الإعلام في تحليل ما إذا كانت الأزمة فرصة  لتكثيف استخدام الطاقة المتجدّدة، وتسريع التحوّل إلى الطاقة الشمسية أو الرياحية.

ويشير (أكيد)  إلى أنّ الإعلام شريك للجمهور في صناعة الوعي خلال الأزمات. ما يتطلّب الالتزام بالمهنية والتحقّق، والانتباه إلى تبسيط المصطلحات الفنية غير المألوفة للجمهور مثل: "استئناف الضخ", و"التحول إلى الوقود السائل"، و"خطة الطوارئ"، وما شابه ذلك. فضلًا عن متابعة التصريحات الرسمية أولًا بأول وعدم الاكتفاء بتقرير أولي، خاصة في القضايا مثل الطاقة التي تحتاج إلى تغطيات اقتصادية معمّقة تلبية لحق الجمهور في المعرفة.