عمّان 6 أيار (أكيد)- عُلا القارصلي- قرّرت وزارة التربية والتعليم تأنيث الكوادر التعليمية لمدارس الذكور حتى الصّف السّادس الأساسي اعتبارًا من العام الدراسي المقبل، فأثار هذا القرار جدلًا واسعًا بين من اعتبره خطوة لدعم البيئة التربوية للطلبة في مراحلهم المبكرة، وبين من عبّروا عن تخوّفهم من تداعياته على مصير المعلمين الذّكور، وعلى ضبط الطّلاب، ومستوى المخرجات التّعليمية.
المدرسة ليست فضاء لتدريس وتلقين العلوم فحسب، بل تلعب دورًا أساسيًا في تكوين جيل الغد، فهي فضاء لإكساب المتعلمين الشخصية السّويّة المتوازنة، والمهارات، وكل ما يعينهم على مواكبة الحياة، وعليه نفّذ مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) رصدًا كميًا ونوعيًا لتغطية الإعلام المحلّي لقضية تأنيث الكوادر التّعليمية، في الفترة الممتدة من 27 نيسان 2025، تاريخ صدور القرار، حتى تاريخ 4 أيار، بهدف الوقوف على نوعية واتّجاهات التّغطية الإعلامية، وتحديد الكيفية التي نقل بها الإعلام المحلي وجهات نظر الفئات التربوية الخبيرة وذات الصّلة المباشرة بهذه القضية، للتعرف على مدى نجاح الإعلام في متابعة هذه القضيّة التربوية الحسّاسة.
تضمن الرّصد عيّنة من 72 مادة إعلامية موزعة بين الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب، بمعدل 9 مواد يوميًا، وهذا يعكس اهتمام الإعلام المحلي بهذا الملف. وقد بيّنت عملية الرّصد أنّ 22 مادة بنسبة 30.5 بالمئة كانت موادّ تنقل خبر القرار، و12 مادة بنسبة 16.6 بالمئة، كانت عبارة عن موادّ تتحدث عن إيجابيات وسلبيات القرار من وجهة نظر الكاتب دون العودة إلى القوى الفاعلة في هذه القضية، وأبرزها: وزارة التربية والتعليم، المعلمين والمعلمات، المرشدين والمرشدات، الطلاب وأهاليهم.
تضمّنت 38 مادة آراء القوى الفاعلة، واشتملت على قسمين رئيسين؛ قسم يمثل الموادّ التي غلب عليها اتّجاه تأييد قرار تأنيث الكوادر التعليمية، وبلغ عددها 32 مادة بنسبة 84.2 بالمئة من آراء القوى الفاعلة، حيث اعتبر المؤيدون أن المعلّمات يوفرن بيئة تعليمية أكثر أمانًا ودعمًا نفسيًا، مع تقديم رعاية وعطف يوسّعان من شعور الطلبة بالأمان والانتماء وحب التّعلم، لا سيما في المرحلة الأساسية الأولى.
واستند المؤيدون إلى نتائج دراسات عالمية تؤكد أن تأنيث كوادر التعليم للمرحلة المبكرة، قد أظهر تحسنًا في العملية التّعليمية، كما استند هؤلاء إلى الأرقام التي أوردتها الوزارة، والتي تشير إلى تحسّن بنسبة 73.5 بالمئة في اتّجاهات الطّلبة في الصّفوف الأولى التي طُبِّق تأنيث التّعليم عليها.
أمّا الموادّ التي غلب عليها اتّجاه معارضة القرار، فبلغ عددها ستّ مواد بنسبة 15.7 بالمئة، اشتملت على معارضين للاستناد إلى دراسات عالمية لأنها أجريت على مدارس مختلطة وليس على مدارس ذكور فقط، وكذلك لأن جميع الدول التي أجريت فيها الدراسات لم تقدّم تأنيث التعليم كقرار رسمي يُقصي المعلمين الذّكور من المراحل الأولى، هذا عدا عن أنّ نسب المعلمات في الصفوف المبكرة فيها ليست نتاج سياسات اقصائية، بل ثمرة اختيارات مهنية حرّة، ومسارات مبنية على ميول فردية وظروف شخصية.
كذلك اعتبر المعارضون أن رصيد المعلّمات الموجود غير كافٍ لتغطية جميع المدارس المستهدفة، والتي بلغ عددها 123 مدرسة من أصل 171، دون التأثير على المدارس الأخرى التي تعاني نقص في الكوادر النسائية، وهذا قد يؤدي إلى حلول ارتجالية أو ترقيعية تُضعف جودة التعليم بدلًا من تحسينها.
من جهة أخرى، ارتأى معارضون للقرار أنّه سيكون له تأثير على المعلمين الذكور الذين سيتم نقلهم إلى وظائف إدارية دون التّخطيط لتأهيلهم لهذه الوظائف، وقد يحرم القرار النظام التعليمي من طاقات وخبرات تربوية مهمة، ويعزّز الشّعور بالتّهميش لدى المعلمين المتأثرين بالقرار.
وتطرق معارضون للقرار لأثره الاجتماعي، إذ من المرجّح أن يثير القرار جدلًا بين الأهالي، خاصة في بعض المحافظات الطرفية والأرياف، ما كان يستدعي استباق القرار بحملات توعية تشرح أبعاده وتكسر الحواجز النفسية والثقافية المرتبطة به.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2025 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني