عمّان 11 أيلول (أكيد) -سوسن أبو السُّندس- خلال الفترات الانتخابية، يتزايد تأثير وسائل الإعلام في توجيه الرأي العام، إذ يعتمد جمهور المتلقين بشكل كبير على التغطية الإعلامية لفهم مجريات المشهد السياسي المحلي، وعلى ذلك يتحمل الإعلام مسؤولية كبيرة لضمان تقديم تغطية متوازنة وشاملة للقوائم المترشحة، مع الابتعاد عن أي شكل من أشكال التحيز أو التفضيل.
بناءً على ذلك، قام مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) بتنفيذ رصد كمي ونوعي للتغطية الإعلامية للانتخابات النيابية لعام 2024، وذلك خلال الفترة الممتدة من الأول من آب وحتى يوم الصمت الانتخابي في التاسع من أيلول، وشملت عينة الرصد القصدية تسعة مواقع إخبارية، بالإضافة إلى محطّتين تلفزيونيّتين، وإذاعة واحدة.
وأظهرت نتائج الدراسة تفاوتًا في الظهور الإعلامي للأحزاب السياسية، حيث استحوذت ستة أحزاب على الحصة الأكبر من التغطية الإعلامية بتسلّيط الضوء على برامجها الانتخابية ومواقفها السياسية. وبيّنت نتائج الانتخابات أن خمسة من هذه الأحزاب فازت بمعظم مقاعد الدائرة العامة، وهي جبهة العمل الإسلامي، وأحزاب الميثاق، والاتحاد الوطني، وإرادة، وتحالف حزبي نماء والعمل. وعلى الرغم من أن بعض الأحزاب الأخرى نالت فرصًا للظهور الإعلامي، إلا أنه ظل محدودًا.
وفي سياق آخر، أصبحت مسألة التحقّق من المعلومات أحد العناصر المهمة في البرامج الحوارية المتعلقة بالانتخابات، حيث احتوت بعض تصريحات المترشحين على معلومات غير دقيقة خلال مناقشة برامجهم الانتخابية، تتعلق بمؤشرات اقتصادية هامة، مثل معدلات البطالة، الدين العام، ومستويات الفقر.
وفي ما صحح مقدمو البرامج تلك المعلومات، في بعض الحالات، ما أسهم في تعزيز دقة النقاشات الانتخابية، غير أن هناك حالات أخرى لم تُصحّح فيها المعلومات المغلوطة بشكل فوري، ما يؤثّر سلبيًا على معرفة الجمهور في تللك المجالات.
أظهرت نتائج الرصد أن التغطية الإعلامية للانتخابات النيابية ركّزت بشكل أساسي على القضايا الاقتصادية، لكنها افتقرت إلى التعمّق في الحلول التي قدمها المترشحون، وبقيت وعود المترشحين عامة ومبهمة. ولعلّه من المفيد لتحقيق نقاشات أعمق وأكثر جدوى، أن يشارك خبراء اقتصاديون في مناقشة المترشحين حول برامجهم في هذا المجال.
القضايا المتعلقة بتعزيز دور الشباب والنساء في الحياة السياسية لم تلق الاهتمام الكافي، على الرغم من أن تمكين هذه الفئات يُعد ركيزة أساسية في مسار التنمية الشاملة. وكانت وسائل الإعلام مدعوة لممارسة دور أكبر في تسليط الضوء على البرامج والسياسات التي تهدف إلى تعزيز مشاركة الشباب والنساء، ومعالجة التحدّيات التي تواجههما .
وفي سياق آخر، رُصد تعرض مترشحات لانتقادات استهدفت مظهرهن وملابسهن، حيث استُخدمت هذه الانتقادات كوسيلة لتشويه صورتهن العامة وتقويض ثقتهن بأنفسهن، كما واجهت بعض المترشحات هجمات من نوع آخر ترتبط بخلفياتهن المهنية، بهدف التشكيك بقدراتهن السياسية، في ما كان ينبغي عدم تجاهل كفاءاتهن المهنية والعملية، وتقييم رؤاهن وبرامجهن الانتخابية.
علاوة على ذلك، جرى توظيف الانتماءات السياسية أو الاجتماعية لبعض المترشحات كأداة للهجوم الشخصي عليهن، والتشكيك بأهليتهن للمشاركة السياسية. في المفابل، سلّطت بعض وسائل الإعلام الضوء على الهجمات التي واجهتها المترشحات، حيث خصصت ما نسبته 10 بالمئة، بحسب عينة الرصد لمناقشة العنف الانتخابي ضد المرأة.
أظهرت نتائج الرصد أيضًا وجود حملات سلبية استهدفت بعض الأحزاب والمترشحين، واستُخدمت وسائل التواصل الاجتماعي كأداة رئيسة لنشر أخبار مضلّلة بهدف تشويه سمعتهم. وفي مواجهة هذه الحملات السلبية والمضللة، يُعد دور الإعلام أمرًا ضروريًا، مع الحذر لتجنّب الترويج غير المقصود لمترشحين مستهدفين، حيث أن التصحيح الموضوعي يسهم في كشف الحقيقة للجمهور دون أن يرافق ذلك آثار جانبية غير مناسبة.
يشير (أكيد) إلى النتائج والملاحظات التالية التي أظهرتها عينة الرصد:
أولًا: وسائل الإعلام مطالبة بالحفاظ على الحيادية في التغطية، ومنح القوائم فرصًا متساوية لعرض برامجهم الانتخابية وآرائهم.
ثانيًا: التحقّق من المعلومات والتأكد من صحة المعلومات المقدمة من ممثلي القوائم، وتصحيح أي معلومات غير دقيقة أو مضلّلة فورًا لتجنب نشر الإشاعات والمعلومات المغلوطة.
ثالثًا: تسليط الضوء على القضايا المهمة مثل الاقتصاد، الصحة، والتعليم، مع طرح أسئلة عميقة حول خطط القائم لحل هذه المشكلات.
رابعًا: تجنب الشخصنة والابتعاد عن التركيز على الهجمات الشخصية والتشهير، والتركيز بدلاً من ذلك على تحليل البرامج الانتخابية والسياسات.
خامسًا: مواجهة الحملات السلبية بحذر وموضوعية، وتقديم الحقائق دون الترويج غير المقصود لأي قائمة أو مترشح.
سادسًا: إشراك الخبراء باستضافتهم في إطار الحوارات الانتخابية للمساعدة في تحليل البرامج والتصورات الاقتصادية والاجتماعية التي تتبنّها القوائم، وتقديم رؤى تستند إلى الواقع.
سابعًا: التواصل مع الجمهور، وتقديم تغطية سهلة الفهم للجمهور، وتبسيط المعلومات المعقدة لتمكين الناخبين من اتخاذ قرارات مستنيرة.
ثامنًا: تغطية القضايا الاجتماعية، وعدم إهمال قضايا تمكين الشباب والمرأة والمشاركة السياسية، وضرورة تسليط الضوء عليها ضمن البرامج الانتخابية.
تاسعًا: فحص وتحليل الوعود الانتخابية للقوائم الانتخابية بعناية، بما يكشف مدى واقعيتها وإمكانية تنفيذها.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني