عمّان 2 تموز (أكيد)- عُلا القارصلي- شهدت الأيام الماضية اهتمامًا إعلاميًا واسعًا بقضية التسمّم الجماعي الناتج عن تناول كحول مغشوش يحتوي على مادة الميثانول، والذي أسفر عن وفاة تسعة أشخاص وإصابة العشرات في محافظات مختلفة. وتفاعلت وسائل الإعلام المحلية مع الحدث انطلاقًا من مسؤوليتها في إبلاغ الجمهور وتوعيته، غير أن بعض التغطيات لم تخلُ من مخالفات مهنية أثارت جدلاً واسعًا، وأسهمت في تأجيج خطاب الكراهية على منصاتها الرقمية.
منذ اللحظات الأولى لتسرّب المعلومات حول الحادثة، سارعت العديد من المواقع الإخبارية إلى نشر المستجدّات، واهتمّت بالتصريحات الرسمية بشأن أعداد المصابين ووضعهم الصحي، إلى جانب متابعة تفاصيل التحقيقات الأمنية، وقرارات إغلاق المصنع المسؤول عن بيع الكحول المغشوش.
الدور التوعوي للإعلام، برز من خلال تسليط الضوء على خطورة مادّة الميثانول وتأثيراتها المميتة، ونقل تحذيرات وزارة الصحة والمؤسسة العامة للغذاء والدواء بضرورة الامتناع عن شراء الكحول من مصادر غير مرخّصة أو مجهولة.
ورغم هذه الجهود، إلا أن بعض وسائل الإعلام والمنصّات الرقمية، وقعت في استخدام عبارات ذات طابع مسيء عند الإشارة إلى الضحايا، مثل "السّكَرجيّة"، و"أصحاب الكأس"، وهي عبارات تنطوي على أحكام مسبقة وتوصيفات تحقيرية. هذا الخطاب أسهم في تعزيز موجة من الكراهية والوصم الاجتماعي تجاه فئة من المواطنين، انعكست بشكل جليّ في تعليقات الجمهور على الأخبار ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي.
ربط هذا الخطاب الذي تجاهل الأبعاد الإنسانية لذوي الضحايا، الحادثَ بأنماط سلوكية موصومة اجتماعيًا، دون مراعاة أخلاقيات مهنة الصحافة، ودون مراعاة أهل الضحايا وأقاربهم. وفي ظلّ فوضى المعلومات التي رافقت القضية على مواقع التواصل الاجتماعي وفي تناولها الإعلامي، أصدر رئيس النيابة العامة قرارًا بحظر النشر في هذه القضية.
يرى (أكيد) أن من واجب وسائل الإعلام الالتزام بأعلى درجات المهنية والموضوعية عند تغطية قضايا الصحة العامة، خاصةً تلك التي تنطوي على وفيات، ويشدّد على أهمية الابتعاد عن اللهجة المثيرة أو التنميط المسبق، ويدعو إلى الحرص على عدم تحويل التغطية إلى مصدر لتحفيز الكراهية والانقسام المجتمعي.
لقد شكلت حادثة التسمّم اختبارًا حقيقيًا لمهنية الإعلام المحلي في إدارة الأزمات، إذ أظهرت التغطيات تفاوتًا واضحًا بين من التزم بدوره التوعوي والرقابي، وبين من انجرف وراء خطاب شعبوي يبحث عن التفاعل والمشاهدات على حساب القيم الصحفية.
يؤكد (أكيد) على جملة من المبادئ التي ينبغي مراعاتها في قضايا كهذه:
- استخدام لغة محايدة وخالية من الإدانة عند الحديث عن الضحايا.
- التركيز على الأبعاد الصحيّة والرقابيّة بدلًا من الحكم على السلوكات الفردية.
- الاستعانة بخبراء مختصين في الطب، والقانون، والأخلاق الطبية لتحليل الظاهرة علميًا.
-تحليل الظاهرة علميًا من خلال الاستعانة بخبراء في الطب والقانون، مع التأكيد على ضرورة الالتزام بالأخلاقيات الطبيّة، وفي مقدمتها الحرص على كرامة المصابين.
- التنبّه إلى أن خطاب الكراهية لا يخدم المصلحة العامة، بل يخلق حالة من الاستقطاب المجتمعي، ويُفقد الحدث دقّة المعالجة المطلوبة.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2025 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني