عمّان 2 حزيران (أكيد)- عُلا القارصلي- تغيّب الأطفال في الأردن ليس أمرًا جديدًا، بل هو واقع عرفته البلاد على مرّ السنوات، وغالبًا ما كانت أسبابه عائلية أو نفسية أو نتيجة ضياع مؤقت، إلا أن الجديد في المشهد اليوم هو سرعة انتشار المعلومة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما فتح المجال واسعًا أمام الإشاعات والتّضليل، فبات كل تغيّب يوصف كأنه حادث اختطاف، الأمر الذي أسهم في تصاعد حالة من الذعر المجتمعي، خصوصًا عند تداول مصطلحات مثل: "اختفاء غامض"، و"اختطاف"، دون وجود أدلة تؤكد ذلك.
خلال الأشهر الماضية كان هناك عدة حالات لتغيّب أطفال عن منازلهم. وسائل إعلام محلية نقلت خبر التغيّب، واستخدمت في عناوين الأخبار مصطلحات مثيرة، مثل: "فقدان طفل بظروف غامضة"، ونقلت وسائل إعلامية خبر العثور على الأطفال، لكنها أغفلت توضيح سبب التغيّب، ما أسهم في ترسيخ الإشاعات لدى الجمهور بدلًا من تبديدها.
وسائل إعلامية نقلت أيضًا بيان الأمن العام، والذي نفى صحة ما يتمّ تداوله عن حالات خطف أطفال، وأوضح البيان أن حالات التّغيّب كانت لأسباب عائلية أو ضياع مؤقت، وانتهت بسرعة دون وجود شبهة جنائية. [1] [2] [3]
العديد من وسائل الإعلام لم تتعامل مع هذه القضايا بالمسؤولية المطلوبة، فاستخدمت عناوين مثيرة دون تقديم توضيحات لاحقة، وهذا يخلق حالة تعرف بـ"الذّعر الأخلاقي" (Moral Panic)، ويضعف من ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة، وهنا تكمن أهمية أن يكون الإعلام ضميرًا حيًا لا مجرد ناقل للخبر.
ويشير (أكيد) إلى أن التّعامل مع قضايا تغيّب الأطفال يجب أن يُبنى على التّحقّق، والدّقة، والتّوعية، فالإعلام لا يُفترض أن يكتفي بجذب القراءات، بل أن يسهم في بناء وعي يحمي المجتمع من الفوضى والهلع غير المبررين، من خلال التركيز على النقاط التالية:
اختيار العنوان بدقة ومسؤولية: يتعيّن على الإعلام تجنّب استخدام مصطلحات مثيرة، مثل: "اختفاء غامض"، أو "لغز اختفاء طفل" إلا في حال وجود دلائل جنائية واضحة، فالعنوان هو أول ما يقرؤه المتلقي، وقد يترك أثرًا أكبر من فحوى الخبر نفسه.
ذكر سبب التغيّب عند توفره: لعلّه من الضروري لدى العثور على الطّفل، إعلام الجمهور بسبب التّغيّب، خصوصًا إن كان يعود إلى مشاكل أسرية أو نفسية، لأن إخفاء هذه التّفاصيل يفتح الباب للتأويل والتّهويل.
التمييز بين التّغيّب والاختطاف: إن إعلام الجمهور بالفرق بين التّغيّب الطبيعي والاختطاف الفعلي أمر أساسي، فالخطف يُعرّف قانونيًا ب على أنّه "سلوك غير مشروع، يشكّل إحدى صور الاعتداء على حرية الإنسان، ويتمثل في أخذ الشخص جبرًا عنه واحتجازه في مكان بغية الحصول على فدية أو لتحقيق غاية معينة تتمثّل بارتكاب جريمة". أما التغيّب، فله سياقات مختلفة، وأغلبها لا يشكّل جريمة.[4]
التوعية المجتمعية عبر الإعلام: لا يجب أن يقتصر دور الإعلام على نقل الحدث، بل يجب أن يسهم في نشر التوعية بين الأسر حول أسباب تغيّب الأطفال، وكيفية الوقاية منه، من خلال: تقديم نصائح تربوية ونفسية، وفتح نقاشات مجتمعية حول الضّغوط النّفسية لدى الأطفال، وتسليط الضّوء على قصص حقيقية بُنيت على الحوار الأسري والثقة.
تهدئة الرأي العام لا تأجيجه: مسؤولية الإعلام هي أن يطمئن الجمهور، لا أن يزيد من قلقه، لا سيما في ظل الانتشار السريع للإشاعات، فالإعلام هو الجهة القادرة على إعادة التوازن للمشهد بتقديم معلومات موثوقة ومدروسة.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2025 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني