عمّان 27 كانون الثاني (أكيد)- لقاء حمالس- منذ بداية الحرب على غزّة في السّابع من تشرين الأول (أكتوبر) وحتّى اليوم، كان من الواضح تحيّز وسائل الإعلام الغربية للسّردية الإسرائيلية. واحدة من تجليات هذا التحيّز تتعلّق بالأسرى الفلسطينيّين والإسرائيليّين وكيفية تناول الإعلام لكل منهما.
تابع مرصّد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) التّغطية كمًا ونوعًا، ورصد عدد من وسائل الإعلام العالمية الغربية، بالإضافة إلى رصد عدد من الوسائل المحلية والإقليمية، والتي بلغ عدد موادها المرصودة 100 مادة، وذلك لتحليل أبرز ما جاء فيها، والوقوف على انماط التحيز في التغطيات سواء في الجانب الكمّي أو في المحتوى المستخدم بما فيه الصور والفيديوهات.
وخلصت عملية الرصد إلى تأكيد ازدواجية المعايير التي تتعامل بها الوسائل العالمية في نقلها الأخبار المتعلقة بالجانب الإسرائيلي على حساب الجانب الفلسطيني، ومن ذلك على سبيل المثال: استخدام مصطلح الرهائن الإسرائيليّين (Israeli hostages)، مقابل استخدام مصطلح الأسرى الفلسطينيّين (Palestinian prisoners). وهذا يؤشّر إلى استخدام اللغة الاستعطافية عند الحديث عن الإسرائيليين للتأثير على الجمهور المتلقي، فضلًا عن الميل لأنسنة قصصهم باستخدام المعلومات ذات الطابع الشخصي.[1][2][3]
في المرحلة الأولى من اتفاقية وقف اطلاق النار في قطاع غزّة، أطلِق سراح ثلاث أسيرات إسرائيليات مقابل 90 أسيرة وأسيرًا من النساء وصغار السن الفلسطينيّين. ولم تكتف الوسائل الإعلامية بنشر خبر إطلاق سراحهن، بل رافقتهن منذ لحظة الإفراج عنهن ووصولهن إلى المستشفيات ومقابلة أسرهن، ومتابعة حالتهن الصّحية والنفسية، بالمقابل عند خروج الأسيرات الفلسطينيّات، اكتفت بعض الوسائل الإعلامية الغربية بنقل خبر الإفراج عنهن من السجون الإسرائيلية، واكتفت بعمل مقابلات مع عدد قليل منهن، وحتى الصور والفيديوهات التي التُقطت لهن كانت محدودة جدًا. في حين نقلت وسائل إعلامية إقليمية ومحلية شهادات مجموعة من الأسيرات عن حجم المعاناة وتعذيب قوات الاحتلال الإسرائيلية لهن، والحديث مع عدد محدود جدَا منهن ومع أهاليهن لأن السلطات الإسرائيلية منعت الجميع من الفرح واتّخذت إجراءات مشدّدة لمنع أي مظاهر للاحتفال.[4][5][6]
وفي المرحلة الثانية من عملية التبادل، تمّ تسليم أربع مجندات إسرائيليات مقابل إطلاق سراح 200 أسير فلسطيني، من بينهم 120 أسيرًا محكومين بالمؤبد، وكانت التغطية مشابهة للفترة الأولى بحيث تم تركيز الإعلام على الأسيرات الإسرائيليات الثلاث، لا بل كانت التغطية أكثر انتشارًا كون الأسيرات مجندات، وتولّت تفسير كل الإجراءات التي رافقت إطلاق سراحهن.
وبالاستناد إلى تقرير نشر سابقًا، بيّنت وسيلة إعلامية إقليمية بأن
(الإعلام الغربي يتعامل بعنصرية مع الأسرى الفلسطينيّين ويعدّهم "إرهابيّين" سجُنوا لقيامهم بأعمال قتل وتخريب)، أما الأسرى الإسرائيليون فقد وصفوا بأنهم اختطفوا من قبل عصابات، وذلك لخلق مشاعر العداء ضدّهم وعدم التعاطف معهم.[7]
بينما تنبهت وسيلة إعلامية أخرى لعمل مقارنة للإعلام الغربي، وبيّنت تحيزه الدائم حيال القضية الفلسطينية وكل ما يرتبط بها منذ البدايات وحتى الآن، إذ عنونت تقريرها بكيف غطى الإعلام الغربي صفقة "السجناء" الفلسطينيّين و"الرهائن" الإسرائيليّين؟
وعرضت الوسيلة مفارقات لعدد من الوسائل الإعلامية الغربية، لعل أبرزها: صحيفة الديلي تيليغراف البريطانية، صحيفة الديلي ميل البريطانية، "سي إن إن" الأمريكية، هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، صحيفة واشنطن بوست، صحيفة نيويورك تايمز، صحيفة الغارديان، وأثبتت من خلال تغطية هذه الوسائل التحيز الواضح والعلني لها في هذا الملف تحديدًا.
أما بالنسبة للوسائل الإعلامية المحلية، فقد غطّت أخبار الأسرى، وحاولت أنسنة قصصهن من خلال التقارير والمقابلات، وتنبهت لأمور عديدة لعل أهمها الاقتباسات التوراتية التي عُلّقت على جدران سجن عوفر، والتي توعدت بها إسرائيل الأسرى الفلسطينيّين المفرج عنهم خلال الصفقة، وجاء فيها: "الشعب الأبدي لا ينسى، أطارد أعدائي فأدركهم، ولا أرجع حتى أبيدهم".[8]
وسيلة أخرى بيّنت مصير الأسرى الذين أطلِق سراحهم في الدفعة الثانية، حيث جرى الإفراج عن 114 أسيرًا إلى رام الله، و16 إلى غزّة، وإبعاد 70 منهم إلى خارج فلسطين.[9]
وكانت الوسائل المحلية تُتابع أولًا بأول لما المستجدات بالتغطيات المباشرة أو التقارير الميدانية والمقابلات مع الأسيرات وذويهم ولو كانت محدودة، ولكن مع ذلك غاب عنها تسليط الضوء على الانحياز التقليدي الدائم في هذا الملف، رغم أن مظاهر التحيّز في الوسائل الغربية واضحة جدًا، وهي تدركها.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2025 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني